الْحَمْدُ للهِ، فَالِقِ الإْصْبَاحِ وَجَاعِلِ اللَّيْلَ سَكَنَا، رَازِقِ الْعِبَادِ فَمَا لأِحَدٍ مِنْهُمْ عَنْهُ غِنى، لَنَا الْفَقْرُ إِلَيْهِ وَعَنَّا لَهُ الْغِنى، وَلَهُ الدَّوَامُ وَلَنَا الْفَنَا، وَلَهُ الْكَمَالُ وَالنَّقْصُ عِنْدَنَا، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ سِرًّا وَعَلَنا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، تَوْحِيدًا مُتْقَنَا، أَدَّخِرُهُ لِيَوْمٍ التَّوْحِيدُ فِيهِ خَيْرُ مُقْتَنى.
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الأْصْفِيَاءِ الأْمَنَا، الْقَائِلُ: بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِتَنَا ... » ، خَيْرُ مَنْ بَادَرَ لِذِكْرِ رَبِّهِ إِذَا صُبْحٌ تَنَفَّسَ أَوْ مَسَاءٌ أَمْسَى؛ مَنْ أَتَمَّ اللهُ بِهِ نُورَ الإْسْلاَمِ، وَطَمَسَ بِدَعْوَتِهِ ظَلاَمَ الشِّرْكِ طَمْسا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، أَنْوَارِ الضُّحى وَمَصَابِيحِ الدُّجى، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِن أُولِي الدَّرَجَاتِ الْعُلى.
العناصر:
أولًا: أهمية اغتنام الوقت ثانيًا: أقوال السلف في الوقت
ثالثًا: بعض سنن النبي ﷺ في النهار رابعًا: بعض سنن رسول الله ﷺ في الليل
الموضوع
أولًا: أهمية اغتنام الوقت
أقسم الله به: قال تعالى: ]وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) [ ، وقال تعالى:] وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) [ ، قال تعالى: ] وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) [
ومعروفٌ أنّ اللهَ إذا أقسمَ بشيءٍ من خلقِهِ دلَّ ذلك على أهميتِهِ وعظمتِهِ، وليلفتَ الأنظارَ إليه وينبّهَ على جليلِ منفعتِهِ.
من خصائص الوقت: أن الوقت قصير؛ لأنه ثلاثة أيام (أمس واليوم والغد)، وأنتَ لا تملك إلا يومك: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا) (لقمان:34).
- أن الوقت ينقضي سريعًا: وأكثر ما يظهر فيه قصر الوقت: أوقات الغفلات، ومثاله: سل الذين يمكثون الساعات مع النت وصفحات التواصل والفضائيات عن ذلك يجيبونك! (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) (المؤمنون:113)، ولذلك قالوا: "الوقت كالسيف، إذا لم تقطعه قطعك".
- أن الوقت لا يعود: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون:100).
- أن الوقت أغلى مِن الذهب: (تأمل قيمة اللحظات التي دخل بها قاتل المائة نفس إلى أرض التوبة). وقال الحسن -رحمه الله-: "أدركتُ أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دنانيركم ودراهمكم".
الوقت نعمة كبيرة: قال تعالى: ] وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [ (الفرقان: 62)
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنه: ]نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ [ ([1])
فسلْ نفسَكَ ماذا قدمتَ من طاعاتٍ للهِ ربِّ العالمين؟ سلْ نفسَكَ قبلَ فواتِ الأوانِ فمِنَّا مَن بلغَ الستينَ والخمسينَ والأربعينَ والثلاثينَ ولم يقدمْ عملًا صالحًا يتقربُ بهِ إلى اللهِ.
فأفقْ من غفلتِكَ، وانتهزْ الفرصةَ واستثمرْ وقتَكِ بعملِ الخيراتِ والطاعاتِ بدلًا مِن أنْ تجلسَ بالساعاتِ أمامَ الأفلامِ والمسلسلاتِ والمصارعةِ والمبارياتِ.
اجلسْ كي تقرأَ جزءًا من القرآنِ اجلسْ مع أولادِكَ تعلمُهُم سنةَ النبيِّ المختارِ استثمرْ وقتَكَ في الدعوةِ إلى اللهِ، استثمرْ وقتَكَ في الإصلاحِ بين الناسِ، استثمرْ وقتَكَ في الإكثارِ مِن الصلاةِ ومن التسليمِ على سيدِ الأنامِ، استثمرْ وقتَكَ في كلِّ طاعةٍ تقربُكَ من مولَاك
وقُلْ: يا نفسُ إنّ العمرَ هو بضاعتِي إذا ضاعَ عمري ضاعَ رأسُ مالِي ولا أربحُ أبدًا
يا نَفسُ قَد أَزِفَ الرَحيلُ وَأَظَلَّكِ الخَطبُ الجَليلُ
فَتَأَهَّبي يا نَفسِ لا يَلعَب بِكِ الأَمَلُ الطَويلُ
فَلَتَنزِلِنَّ بِمَنزِلٍ يَنسى الخَليلَ بِهِ الخَليلُ
وَلَيَركَبَنَّ عَلَيكِ في هِ مِنَ الثَرى ثِقلٌ ثَقيلُ
قُرِنَ الفَناءُ بِنا فَما يَبقى العَزيزُ وَلا الذَليلُ
أمر الله بالمسابقة لفعل الطاعات: قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد21)
سرعة انتهاء الوقت: قال تعالى: ] قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ .فَتعالى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ .وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ .وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ [ (سورة المؤمنون)
فالوقت يمرُّ مرَّ السحابِ ويجرِى جرىَ الرياحِ، فالأيامُ تمرُّ، والأشهرُ تجرِى وراءَهَا تسحبُ معها السنينَ وتمرُّ خلفَهَا الأعمارُ وتُطْوَى حياةُ جيلٍ بعدَ جيلٍ، ثم بعدَهَا يقفُ الجميعُ بين يدي الكبيرِ المتعالِ وسيعلمُ الخاسرونَ الذين خسرُوا أنفسَهّم وضيعُوا أوقاتَهُم وأعمارَهُم وكأنَّهُم ما لبثُوا في هذِهِ الدنيا إلا ساعةً.
مسؤولية الانسان عن وقته يوم القيامة: عن أَبي برزة بن عبيد الأسلمي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: ]لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أفنَاهُ؟ وَعَنْ عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ فيه؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفيمَ أنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسمِهِ فِيمَ أبلاهُ؟[ ([2])
قوله: «لا تزول قدما عبد» ، أي: من موقفه للحساب حتى يسأل عن عمره فيما أفناه أفي طاعة أم معصية، وعن عمله فيم عمله لوجه الله تعالى خالصًا أو رياء وسمعة.
وعن ماله من أين اكتسبه، أَمِنْ حلال أو حرام؟ وفيما أنفقه أفي البر والمعروف أو الإسراف والتبذير؟ وعن جسمه فيما أبلاه أفي طاعة الله أو معاصيه؟ .
وجوب اغتنام الوقت: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" ([3])
إذَا مَرَّ بِي يَوْمٌ وَلَمْ أَسْتَفِدْ هُدًى وَلَمْ أَكْتَسِبْ عِلْمًا فَمَا ذَاكَ مِنْ عُمْرِي
الحياة دقائق وثواني: نحنُ نضيعُ الأوقاتِ بالساعاتِ أمامَ الهواتفِ والأفلامِ والمبارياتِ بعيدينَ عن كتابِ ربِّنَا وسنةِ نبيِّنَا صلى اللهُ عليه وسلم ، وخاصةً أنّ الوقتَ هو الحياةُ وأنّ الوقتَ أغلى من الذهبِ والفضةِ وأغلى مِن جميعِ الأموالِ، فإنّ المالَ إذا فُقِدَ يمكنُ أنْ يعوضَ، أمّا الوقتُ إذا فُقِدَ فلا يمكنُ أنْ يعوضَ.
يقول عمر بن عبد العزيز:" إِنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَعْمَلَانِ فِيكَ، فَاعْمَلْ فِيهِمَا". أي إن الليل والنهار يعملان فيك ضعفا في بدنك، وانحناء في ظهرك، وشيبا في رأسك، وضعفا في قوتك، وعشى في بصرك، وثقلا في سمعك، إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما.
دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له***إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثواني
فارفعْ لنفسِكَ بعدَ موتكَ ذكرَهَا ***فالذكرُ للإنسانِ عُمرٌ ثاني
اغتنم في الفراغ فضل ركوع ***فعسى أن يكون موتك بغته
كم صحيح مات من غير سقم*** ذهبت نفسه الصحيحة فلته
خير الناس وشرهم: فعن أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ، قَالَ: "مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ"، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: "مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ" ([4])
فإذا كان الإنسان مصلياً صائماً عابداً لله سبحانه آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، فطول العمر له فيه ثواب عظيم ودرجات عالية.
إِنَّا لَنَفْــــــــــــــرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا *** وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَـــلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا *** فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ
العمرَ الحقيقيَّ للإنسانِ لا يقاسُ بالسنواتِ: إنّما يُقاسُ بالأعمالِ والطاعاتِ لا يقاسُ بالسنواتِ انظرْ إلى نبيّ اللهِ نوحٍ عليه السلامُ كم عاشَ؟ وما مدةُ دعوتِهِ؟ قضى ألفَ سنةٍ إلا خمسينَ عامًا في الدعوةِ إلى اللهِ ومع ذلك وما آمنَ معه إلا قليلٌ.
وانظرُوا إلى عُمْرِ المصطفى محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم كم عاشَ؟ وكم عددِ سنواتِ دعوتِهِ؟ تزيدُ عن العشرينَ قليلاً جدًا، ومع ذلك قدرَ اللهُ له في هذا العمرِ القليلِ أنْ يقيمَ للإسلامِ دولةً من فتاتٍ متناثرٍ.
بل هذا هو صديقُ الأمةِ الأكبرِ في مدةِ ولايتِهِ التي لا تزيدُ على سنتينِ ونصفٍ حَوَّلَ المحنَ التي أصابتْ الأمةَ إلى منحٍ.
فقضى على فتنةِ الردةِ !! وجمعَ القرآنَ الكريمَ وَرَدَّ الأمةَ إلى منهجِ النبيِّ الكريمِ !!
وهذا فاروقُ الأمةِ عمرُ رضى اللهُ عنه في عشرِ سنواتٍ وستةِ أشهرٍ هذه الفترةُ القليلةُ التي لا تساوى في حسابِ الزمنِ شيءً ومع ذلك رُفعتْ رايةُ الإسلامِ والمسلمين في كلِّ مكانٍ في عهدِهِ.
ثانيًا: أقوال السلف في الوقت
يقولُ ابنُ الجوزيِّ رحمَهُ اللهُ تعالى: ]ينبغي للإنسانِ أنْ يعرفَ شرفَ زمانِهِ وقدرَ وقتِهِ، فلا يضيعُ منه لحظةً في غيرِ قربةٍ، ويقدمُ فيه الأفضلَ فالأفضلَ من القولِ والعملِ، ولتكنْ نيتُهُ في الخيرِ قائمةً مِن غيرِ فتورٍ بما لا يعجزُ عنه البدنُ من العملِ [
يقولُ الحسنُ البصريُّ: “يا ابنَ آدمَ، إنّما أنت أيامٌ، إذا ذهبَ يومٌ ذهبَ بعضُكَ”. وقال: “يا ابنَ آدمَ، نهارُكَ ضيفُكَ فأحسِنْ إليهِ، فإنّك إنْ أحسنتَ إليهِ ارتحلَ بحمدِكَ، وإنْ أسأتْ إليه ارتحلَ بذمِّكَ، وكذلكَ ليلتُكَ”. وقال: “الدنيا ثلاثةٌ أيامٍ: أمّا الأمسُ فقدْ ذهبَ بما فيهِ، وأما غدًا فلعلَّكَ لا تُدركُهُ، وأما اليومُ فلكَ فاعملْ فيهِ”.
وقال رحمَهُ اللهُ: ما مِن يومٍ ينشقُّ فجرُهُ إلا وهو ينادى بلسانِ الحالِ يا بنَ أدمَ أنا خلقٌ جديدٌ وعلى عملِكَ شهيدٌ فاغتنمنِي، فإنِّي لا أعودُ إلى يومِ القيامةِ.
يقولُ علىٌّ بنُ أبي طالبٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ:" مَنْ أَمْضَى يَوْمَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ قَضَاهُ، أَوْ فَرْضٍ أَدَّاهُ، أَوْ مَجْدٍ أَثَّلَهُ أَوْ حَمْدٍ حَصَّلَهُ، أَوْ خَيْرٍ أَسَّسَهُ أَوْ عِلْمٍ اقْتَبَسَهُ، فَقَدْ عَقَّ يَوْمَهُ وَظَلَمَ نَفْسَهُ"
وقال أيضا: اعملْ لدنياكَ كأنَّك تعيشُ أبدًا واعملْ لأخرتِكَ كأنَّكَ تموتُ غدًا
قال ابنُ مسعودٍ: “ما نَدمتُ على شيءٍ نَدمِي على يومٍ غَربتْ شمسُهُ، نقصَ فيه أجلِي، ولم يزددْ فيه عملِي”.
يقول الحسنُ البصريُّ رحمَهُ اللهُ: أدركتُ أقوامًا كانوا على أوقاتِهِم أشدَّ منكم حرصًا على دراهمِكُم ودنانيرِكُم.
قيل لسفيانَ الثوريِ: اجلسْ معنا نتحدثُ. قال: كيف نتحدثُ والنهارُ يعملُ عملَهُ، ما طلعتْ الشمسُ إلا كانتْ شاهدةً على العبادِ فيما فعلُوا ؟!!
يقولُ ابنُ عقيلٍ رحمَهُ اللهُ: إنّي لا يحلُّ لي أنْ أضيعَ ساعةً مِن عمرِي، حتى إذا تعطلَ لسانِي عن مذاكرةٍ ومناظرةٍ، وبصرِي عن مطالعةٍ، أعملتُ فكرِي في حالةِ راحتِي وأنا مستطرحٌ، فلا أنهضُ إلّا وقد خطرَ لي ما أسطرُهُ. (ذيل طبقات الحنابلة). فانظرْ كيف يستغلُ وقتَ راحتِهِ في إعمالِ فكرِهِ فيسطرهُ بعدَ قضاءِ حوائِجِه الشخصيةِ؟!
سألُوا الخليلَ بنَ أحمدَ الفراهيدِي -رحمَهُ اللهُ -: ما هي أثقلُ الساعاتِ عليكَ؟ قال: ساعةٌ آكلُ فيها.
كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ يَشْرَبُ الْفَتِيتَ وَلَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: بَيْنَ مَضْغِ الْخُبْزِ وَشُرْبِ الْفَتِيتِ قِرَاءَةُ خَمْسِينَ آيَةً
يقولُ عبدُ الرحمنِ ابنُ الإمامِ أبي حاتمٍ الرازيِ " ربَّمَا كان أبي يأكلُ وأقرأُ عليه، ويمشي وأقرأُ عليه، ويدخلُ الخلاءَ وأقرأُ عليه، ويدخلُ البيتَ في طلبِ شيءٍ وأقرأُ عليه ".
يقولُ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رحمَهُ اللهُ:" إنّ الليلَ والنهارَ يعملانِ فيكَ فاعملْ فيهمَا "
قال بعضُهُم: "مَن أمضَى يومًا مِن عُمرهِ في غيرِ حقٍ قضَاهُ، أو فرضٍ أدَّاهُ، أو مجدٍ أصلَهُ، أو حمدٍ حصّلَهُ، أو خيرٍ أسسَهُ، أو علمٍ اقتبسَهُ، فقد عقَّ يومَهُ وظلمَ نفسَهُ".
كان لقمانُ يقولُ لولدِهِ: أي بُنَىّ إنّك مِن يومِ أنْ نزلتَ إلى الدنيا استدبرتَ الدنيا واستقبلتْ الآخرةَ فأنتَ إلى دارٍ تُقبِلُ عليها أَقربُ من دارٍ تَبتعدُ عنها.
قال الشافعيُّ رحمَهُ اللهُ:" صحبتُ الصوفيةَ انتفعتُ منهم بكلمتينِ. يقولونَ: الوقتُ سيفٌ، فإنْ قطعتَهُ وإلا قطعَكَ، ونفسُكَ إنْ لم تشغلْهَا بالحقِّ شغلتْكَ بالباطلِ".
قال سيدُنِا عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه: إنّي لأمقتُ الرجلَ أنْ أراهُ فارغًا ليس في شيءٍ من عملِ الدنيا ولا عملِ الآخرةِ".
قال ابنُ القيمِ -رحمَهُ اللهُ-: إضاعةُ الوقتِ أشدُّ من الموتِ؛ لأنّ إضاعةَ الوقتِ تقطعُكَ عن اللهِ والدارِ الآخرةِ، والموتَ يقطعُكَ عن الدنيا وأهلِهَا.
وقال أيضًا: السنةُ شجرةٌ، والشهورُ فُروعُهَا، والأيامُ أغصانُهَا، والساعاتُ أوراقُهَا، والأنفاسُ ثمرُهَا، فمَن كانتْ أنفاسُهُ في طاعةٍ فثمرتُهُ طيبةٌ، ومَن كانتْ أنفاسُهُ في معصيةٍ فثمرتُهُ حنظلٌ، فأيُّ الثمارِ تريدُ يا مسكينٌ؟
قيل لعامرُ بنُ قيسٍ لما نامَ على فراشِ الموتِ وهو يبكي قالوا: ما يُبكيكَ؟ قال ثلاثةَ أشياءٍ ليلةً نمتُها، وساعةً غفلتُ عنها، ويومًا أفطرتًه.
قالوا لحسانِ بنِ سنانٍ لما نامَ على فراشِ الموتِ: كيف تَجِدُكَ؟ قال: بخيرٍ أنْ نجوتُ من النارِ، فقال ماذا تشتهِي؟ قال: ليلةً أُحيي ما بين طرفَيهَا بذكرِ اللهِ تباركَ وتعالى.
ثالثًا: بعض سنن النبي ﷺ في النهار
إنَّ سنن رسول الله ﷺ بالنهار كثيرة ومتنوعة، وسأكتفي ببيان بعض سننه للصلاة في نهاره.
ترديد الآذان: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» ([5])
وإذا فَرَغَ المؤذِّنُ من التأذين: «أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، (اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ) ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبِالإسْلامِ دِينًا» ([6])
«اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ» ([7])
دعاءُ لُبْسِ الثوب: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلا قُوَّةٍ» ([8])
وإذا لبس ثوبًا جديدًا: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ» ([9])
دعاءُ الخروجِ من المنزل: «بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ» ([10])
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ» ([11])
دعاءُ التوجُّهِ إلى المسجد : «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا، (وَعَظِّمْ لِي نُورًا) » ([12]).
وإن ركبت وسيلة نقل تقول: «بِسْمِ اللهِ، الْحَمْدُ للهِ، سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، الْحَمْدُ للهِ، الْحَمْدُ للهِ، الْحَمْدُ للهِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، سُبْحَانَكَ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْلِي؛ فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ» ([13])
دعاءُ دخولِ المسجد: «بِسْمِ اللهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ» ([14])
صلاة نافلة تحية المسجد: عَنْ أَبِي قَتَادَةَ - صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ، قَالَ: فَجَلَسْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟» قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْتُكَ جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ، قَالَ: «فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» ([15])
صلاة نافلة الفجر: عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ([16]) ، ويجوز صلاة نافلة تحية المسجد ونافلة الفجر ركعتين فقط بنية واحدة.
ولكل فرض نافلة ينبغي الحرص على الالتزام بها اتباعا لهدي نبينا المصطفى ﷺ.
الذِّكرُ بعد الصَّلاةِ المفروضة: يسْتَغْفِرُ اللهَ ثلاثًا، ثم يقول كما ورد عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» وَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» ([17])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ " ([18])
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ» ([19])
دعاءُ الخروجِ من المسجد: عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ " ([20])
وهكذا في سائر صلواته ﷺ.
ومن صلواته ﷺ التي كان يحرص عليها صلاة الضحى، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى» ([21])
رابعًا: بعض سنن رسول الله ﷺ في الليل
عند النوم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَقُلْ: «بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» ([22]) (بصنفة ثوبه) جانبه أو طرفه .
وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» ([23])
والآيتان هما من قوله تعالى {آمن الرسول} إلى آخر السورة. و (كفتاه) حفظتاه من الشر ووقتاه من المكروه قيل أغنتاه عن قيام الليل وذلك لما فيهما من معاني الإيمان والإسلام والالتجاء إلى الله عز وجل والاستعانة به والتوكل عليه وطلب المغفرة والرحمة منه
وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ ". قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ: «لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» ([24])
(مضجعك) فراشك ومكان نومك. (ألجأت) أسندت. (رغبة) طمعا في ثوابك. (رهبة) خوفا من عقابك. (منجى) مخلص. (الفطرة) الدين القويم وهو الإسلام الذي يولد عليه كل مولود. (لا ونبيك) أي لا تقل ورسولك بل قل ونبيك كما علمتك وفيه إشارة إلى التزام الألفاظ الواردة في الأدعية والأذكار.
إذا تعار من الليل: عن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ " ([25])
قال البغوي: أي استيقظ من النوم، وأصلُ التَّعارِّ: السّهر والتقلبُ على الفراش، ويقال: إن التعارَّ لا يكون إلا مع كلام أو صوت، مأخوذ من عرار الظّليم، وهو صوته.
دعاءُ الاستيقاظ: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» ([26])
«الْحَمْدُ للهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ» ([27])
دعاءُ دخولِ الخلاءِ والخروجِ منه: قبل الدخول يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» ([28]) وبعد الخروج يقول: «غُفْرَانَكَ» ([29])
الدعاءُ عَقِبَ الوُضوء: «أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ([30])
دعاءُ الاستفتاحِ في صلاة الليل: «اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّموَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيه مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» ([31])
هديه ﷺ في صلاة الليل: عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلاَةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ» ([32])
كثرة الدعاء: عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» ([33])
صلاة الوِتر: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وَفِي الثَّالِثَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ فِي آخِرِهِنَّ» ([34])
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
جمع وترتيب: الشيخ أحمد أبو عيد
[1])) صحيح البخاري
[2])) رواه الترمذي (حسن)
[3])) رواه الترمذي (صحيح)
[4])) رواه الترمذي (حسن)
[5])) متفق عليه
[6])) صحيح مسلم
[7])) صحيح البخاري
[8])) سنن أبي داوود
[9])) سنن أبي داوود
[10])) سنن أبي داوود
[11])) سنن أبي داوود
[12])) متفق عليه
[13])) سنن الترمذي
[14])) صحيح مسلم
[15])) صحيح مسلم
[16])) صحيح مسلم
[17])) صحيح مسلم
[18])) صحيح مسلم
[19])) سنن النسائي (صحيح)
[20])) صحيح مسلم
[21])) صحيح مسلم
[22])) صحيح البخاري
[23])) صحيح البخاري
[24])) صحيح البخاري
[25])) صحيح البخاري
[26])) صحيح البخاري
[27])) سنن الترمذي (حسن)
[28])) صحيح البخاري
[29])) سنن الترمذي (حسن)
[30])) صحيح مسلم
[31])) صحيح مسلم
[32])) صحيح البخاري
[33])) صحيح مسلم
[34])) سنن أبي داوود
تعليقات: (0) إضافة تعليق