الحمد لله المجيب لكل سائل، التائب على العباد فليس بينه وبين العباد حائل، جعل ما على الأرض زينة لها، وكل نعيم لا محالة زائل، حذر الناس من الشيطان وللشيطان منافذ وحبائل، فمن أسلم وجهه لله فذاك الكيّسُ العاقل، ومن استسلم لهواه فذاك الضال الغافل.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزه عن الشريك والشبيه والنظير وعن المشاكل من للعباد غيره؟ ومن يدبر الأمر؟ ومن يعدل المائل؟ من يشفي المريض؟ ومن يرعى الجنين في بطون الحوامل؟ من يكلأ الناس وهم نيام وهل لحمايته بدائل؟ من ينصر المظلوم ولولا عدله لاستوى القتيل والقاتل؟ من يظهر الحق ولولا لطفه لحكم القضاة للباطل؟ من يجيب المضطر إذا دعاه؟ ومن لا تُستعصى على قدرته المسائل؟ من لنا إذا انقضى الشباب وتقطعت بنا الأسباب والوسائل؟ من يكشف الكرب والغم ومن يفصل بين المشغول والشاغل؟ ذاك هو الله وكل ما خلا الله باطلُ.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، القرشي العربي الذي لم تُنجب مثله القبائل، سل الدنيا هل زانها قبله مشابه أو مماثل لولاه في الدنيا لانعدم الهدى وما كان في الناس مفضول أو فاضل اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وقنا بحبه شر النوازل.
العناصـر
أولا: صفات الشيطان في القرآن
ثانيا: أساليب الشيطان في غواية الإنسان
ثالثًا: وسائل النجاة من فتنه
الموضوع
أولا: صفات الشيطان في القرآن
الضعف: قال تعالى: " فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا " [سورة النساء]
فكيده ضعيف، كما أنَّ سلطانه ضعيف كما قال تعالى: "إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ" [سورة النحل]، فلا يتجاوز كيده أن يكون تشكيكًا أو وسوسةً أو تخويفًا أو تَحسينًا لقبيحٍ أو تنقيحًا لِحَسنٍ أو دعوة إلى الغلوِّ أو التقصير أو تغريرًا بأمان كاذبة ، وقد نور الله جلَّ وعلا المسلم بسُبل الوقاية من وساوسه وإضلاله، ودلَّه على طُرق دحره وقمعه، وأمدَّه من الآيات والعبر ما يُبدِّد به تغريره وتخويفه.
الاستكبار: قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].
التمرُّد والعناد: قال تعالى مُخبِرًا عن الشيطان: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16- 17].
الوسوسة والمكر والخنس: قال الله -عزَّ وجلَّ -: ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴾ [الأعراف: 20].
وقال تعالى: ﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴾ [الناس: 4]، أي من أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة، ويختفي عند ذكر الله.
إخلاف الوعد: قال تعالى: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ ﴾ [الأنفال: 48].
واذكروا حين حسَّن الشيطان للمشركين ما جاؤوا له وما همُّوا به، وقال لهم: لن يغلبكم أحد اليوم، فإني ناصركم، فلما تقابل الفريقان: المشركون ومعهم الشيطان، والمسلمون ومعهم الملائكة، رجع الشيطان مُدْبرًا، وقال للمشركين: إني بريء منكم، إني أرى ما لا ترون من الملائكة الذين جاؤوا مددًا للمسلمين، إني أخاف الله، فخذلهم وتبرأ منهم. والله شديد العقاب لمن عصاه ولم يتب توبة نصوحًا.
التخلي عن اتباعه والتبرؤ منهم: إن عادته وأساليبه، أن يُوَسوِس للإنسان ويغ٣رُّه ويُغْرِيه، ثم يضحك عليه ويتبرأ منه، وبهذا قد أخلف وعده، وأذَلَّ جنده، وأهلك أتباعه، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 22].
النَّزغ: قال تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ﴾ [يوسف: 100].، أي من بعد أن أفسد الشيطان رابطة الأخوة بيني وبين إخوتي
التخبُّط والمس: قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [البقرة: 275]، أي أن الذين يتعاملون بالربا -وهو الزيادة على رأس المال- لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الجنون
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].
إضمار العداوة للإنسان: قال تعالى : "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا" فقد أمر الله جلَّ وعلا بالاحتراس من هذا العدوِّ اللدود، وسلوك السبيل الذي يدحره ويفوت عليه كيده وحقده وظلمه، وهذا هو مقتضى اتِّخاذه عدوًّا .
وعن أبي موسى الأشعري عن النبي ﷺ قال: " إذا أصبح إبليس بث جنوده، فيقول: من أضل اليوم مسلما ألبسته التاج، قال: فيخرج هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته، فيقول: أوشك أن يتزوج. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عق والديه، فيقول: يوشك أن يبرهما. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنت أنت! ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت ويلبسه التاج " ([1]).
الفتنة والإزلال: قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءاتِهِمَا ﴾ [الأعراف: 27] ، وقال تعالى: ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ﴾ [البقرة: 36]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ﴾ [آل عمران: 155].
التزيين: قال تعالى: (وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)) [سورة النمل] ، وأهلكنا عادًا وثمود، وقد تبين لكم من مساكنهم خَرابُها وخلاؤها منهم، وحلول نقمتنا بهم جميعًا، وحسَّن لهم الشيطان أعمالهم القبيحة، فصدَّهم عن سبيل الله وعن طريق الإيمان به وبرسله، وكانوا مستبصرين في كفرهم وضلالهم، معجبين به، يحسبون أنهم على هدى وصواب، بينما هم في الضلال غارقون.
التخويف: قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ ﴾ [آل عمران: 175].
أي إنَّما المثبِّط لكم في ذلك هو الشيطان جاءكم يخوِّفكم أنصاره، فلا تخافوا المشركين; لأنّهم ضعاف لا ناصر لهم، وخافوني بالإقبال على طاعتي إن كنتم مصدِّقين بي، ومتبعين رسولي.
التضليل: قال تعالى : "إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا" [النساء: 117-119] .
وفي هذه الآيات دلالة على تصريح الشيطان -لعنه الله- بتضليل بني آدم، واتخاذ طائفة منهم لتصير من حزبه ونصيبه ، قال الزجاج في تفسير قوله تعالى : "ولأضلنهم" أي : أجمع لهم من الإضلال أن أوهمهم أنهم ينالون مع ذلك حظَّهم من الآخرة .
وعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: " أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ، مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا" ([2])
ومعنى نحلته أعطيته (حنفاء كلهم) أي مسلمين وقيل طاهرين من المعاصي وقيل مستقيمين منيبين لقبول الهداية (فاجتالتهم) أي استخفوهم فذهبوا بهم وأزالوهم عما كانوا عليه وجالوا معهم في الباطل.
يدعو إلى كل رذيلة ويصد عن كل فضيلة: قال تعالى: (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [الْبَقَرَةِ: 169]
يدعو إلى الإفساد بين الخلق والإبعاد عن الخالق: قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ) [الْمَائِدَةِ: 91].
ثانيا: أساليب الشيطان في غواية الإنسان ([3])
الدعوة إلى الشرك والكفر : قال تعالى : "إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ"، فلما كان الشِّرك والكفر سببًا للخلود في النار، فقد جعله الشيطان أفتك أسلحته وأهم وسائله في حربه مع الإنسان، ولأجل ذلك فإنَّ إبليس يعمد إلى تشكيك بني آدم في توحيد الربوبية والألوهية؛ فإذا يئس عمد إلى تعظيم قبور الصالحين واتخاذ الأصنام والأزلام وسائط مع الله
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ t، «صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ، عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الكَلاَعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ» ([4])
(بدومة الجندل) مدينة بين المدينة والعراق وبلاد الشام. (هذيل) قبيلة من قبائل العرب وكذلك مراد وغطيف وهمدان وحمير وذو الكلاع. (بالجوف) اسم واد في اليمن والجوف كل منخفض من الأرض. (أنصابا) جمع نصب وهو حجر أو صنم ينصب تخليدا لذكرى رجل أو غيره. (هلك أولئك) مات الذين نصبوا الأنصاب وكانوا يعلمون لماذا نصبت. (تنسخ العلم) زالت معرفة الناس بأصل نصبها.
الدعوة إلى البدعة : وإلقاء الشبهة على مرضى القلوب، ولا يلجأ الشيطان إلى هذه المرتبة إلاَّ بعد يأسه من الأولى، والبدع هي بريد الكفر وطريقه، وإذا كان الكفر سببًا لحبوط الأعمال فإنَّ البدعة سبب في ردِّها وعدم قبولها، فعنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» ([5]) ، أي مردود على صاحبه، ولذا فإنَّ الشيطان إذا وجد في المسلم حبَّ الاجتهاد في العبادة ويئس في توهين قوته دعاه إلى الزيادة في الدين وسلوك سبيل المبتدعين .
التحريض على الكبائر والفواحش : فارتكاب الفاحشة أهون من الابتداع في الدين، لذلك فالشيطان لا يحرص على هذا الأسلوب إلاَّ إذا فشل في امتحان المسلم في البدع والضلالات .
التحريض على الصغائر والمباحات: فإذا يأس من أن يوقع المسلم في كبائر الذنوب، قعد له في طريق الصغائر واللمم، وسهَّل له سبيلها، وألبسها لباس تزيينه وتحسينه حتى يُبديها له في منظر المباحات، فإذا وجد منه طاعة وانصياعًا تربَّص به حتى يُوقعه في كبيرة من كبائر الإثم، ومن ثم يستفزه ويغويه ويقنطه من التوبة والرحمة؛ فإذا به صريع.
إشغال المسلم بالعبادة المفضولة عن الفاضلة: وذلك لأنَّ الشيطان إذا يئس من صرف العبد عن الأوامر أو إيقاعه في النواهي، ووجد منه قوَّةً وثباتًا على الحقِّ؛ دخله من باب العبادة نفسها، وقلب له حقائقها، وزيَّن له مفهومها ليشغله عن فاضلها، وليضيِّع عليه الثواب الحاصل منها، كأن يُزيِّن له قراءة القرآن وقت الصلاة المفروضة حتى تضيع عليه الجماعة ، وكلُّ ذلك من مداخل الشيطان وخطواته التي حذَّر الله جلَّ وعلا منها فقال : "وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" [الأنعام: 142] .
التغرير بالأماني: قال تعالى: "وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ".
فهذه الآية تدلُّ على أنَّ من أساليب الشيطان في إغواء الإنسان نفث الوعود والتغرير بالأماني الكاذبة، ومن مكائده في هذا الباب التغرير بطول الأمل وزهرة الحياة الدنيا وتزيينها وتحسين الحرص عليها؛ فهو يُدرك حب الإنسان للمال وميله للشهوات وحرصه على لذَّة الحياة كما قال تعالى : "وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ"[سورة العاديات]، وقال سبحانه : "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ"[سورة آل عمران] .
تقوية جانب الرغبة في الإنسان: من مكائده ومصائده أيضًا أنه إذا وجد في المسلم خوفًا من الله ورهبة ورغبة قوَّى جانب الرَّغبة في قلبه، وملأه بالرجاء والتعويل على رحمة الله وعظيم عفوه ومنته وكريم رأفته ومغفرته ، ويظل يُنسيه جانب الخوف ويُذكِّره بجانب المغفرة حتى يُوقِعَه في عظائم الذنوب وبلايا العيوب.
وبهذا الأسلوب الفتَّاك أغوى إبليس آدم عليه السلام، قال تعالى: "فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ" [سورة الأعراف].
فلقد شمَّ عدوُّ الله آدم عليه السلام وأحس منه استشرافاً للملك والخلود في جنة النعيم، فدخله من استشرافه وأتاه بوجه الناصح الأمين مُغرِّرًا إياه بالملك والخلد كَذِبًا وحقدًا.
فلمَّا سمَّاها «شجرة الخلد» قال: "ما نهاكما عن هذه الشجرة إلاَّ كراهة أن تأكلا منها فتخلدا في الجنة ولا تموتا، فتكونا مثل الملائكة الذين لا يموتون"، ولم يكن عليه السلام قد علم أنه يموت بعد واشتهى الخلود في الجنة، وحصلت الشبهة من قول العدو وإقسامه بأشدِّ إيمانه أنه ناصحٌ لهما، فاجتمعت الشبهة والشهوة ([6]).
وبهذه الطريقة يصنع عدوُّ الله سلاح الأماني والتغرير بالمسلم؛ فيغرِّر بشرب الخمر لأجل نسيان الهموم، ويُغرِّر بالتدخين والمخدرات لتخفيف الانزعاج والقلق، ويُغرِّر بالربا لأجل الربح السريع، ويُغرِّر بالتبرُّج لأجل الزواج، ويُغرِّر بالغشِّ لأجل كسب المال، وما من معصيةٍ إلاَّ وتجده يوجد لها من الشُبه ما يناسب شهوات أصحابها، كلٌّ بحسبه.
التسويف: إذا أحسَّ من المسلم إصرارًا على طاعة الله جلَّ وعلا ولم ينفع فيه التغرير والتضليل نهج عدو الله مدخل «التسويف»، فتجده يُسوِّف للتائب توبته، وللقائم قومته، ويظلُّ يصوِّر له الأعذار ويُزيِّنها له حتى إذا استقرَّ في قلب الطائع تسويفها أنساه الشيطان إيَّاها وفوَّت عليه الظفر بثوابها.
يقول ابن الجوزي: كم من عازمٍ على الجِدِّ سوَّفه الشيطان وجعله يقول «سوف»، وكم من ساعٍ إلى فضيلة ثبَّطه، فلربما عزم الفقيه على إعادة درسه، فقال «استرح ساعة»، وما زال الشيطان يُحبِّب الكسل ويُسوِّف العمل ([7]).
التزيين: وهو نوعان:
الأول - تزيين القبيح : فأما تزيين القبيح فمن قوله تعالى : "وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ" [سورة النمل]، فإذا رأى الإنسان قد وقع في معصية زيَّنها وحسَّنها وأوجد لها من أدوات التحسين ما يُشجِّع العاصي على الإصرار على معاودتها، وذلك بإظهار منافعها وإخفاء مغباتها وحسراتها، فتجده يُحسِّن جمع المال والحرص عليه ويُظهِر لصاحبه أنه الحكيم في تصرفه، الناظر لعواقب الأمور، ولا يزال به حتى يوقعه في الشحِّ والغشِّ والخداع، وكل ذلك بتصوير هذه المعاصي على أنها من الذكاء والفطنة والحنكة والعقل !
ومن صور تزيينه للقبيح : تحسين الأفكار الباطلة والأهواء المخلة وإيجاد المسوِّغات لها وقذفها في القلوب المريضة، ومن ذلك تزيين الاستغاثة بالأموات ودعائهم والذبح لهم والنذر لهم وتعظيمهم، وكذلك تزيين التعبُّد بما لم يأذن به الله، سواء في الصلاة أو الصوم أو الحق؛ فتجده يحسن الصلاة في القبور، ويُزين الوصال في الصيام، ويُرغِّب في تأخير فريضة الحج، وفي كلِّ ذلك تجده يقذف في قلب الإنسان من الأفكار والخطرات ما يظهر الحقَّ في صورة الباطل تغريرًا كما قال تعالى : "يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا " [سورة الزخرف] ومعلوم أنَّ وحي الشيطان للإنسان إنما يكون بقذف الخطرات في قلبه ونفثها في نفسه .
والثاني - تقبيح الحسن : وأمَّا تقبيح الحسن فيعمد به الشيطان إلى صرف الإنسان عن الفرائض والواجبات؛ فإن لم يظفر بذلك عمد إلى صرفه عن المستحبَّات وفضائل الأعمال، وأشدُّ ما يحرص الشيطان على فعله في هذا الباب تفويت الصلاة على العبد، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ» ([8])
(يعقد) يربط فيثقل عليه النومة. (قافية) مؤخرة العنق أو القفا. (يضرب كل عقدة) يحكم عقدة ويؤكده. (فارقد) فنم ولا تعجل بالقيام. (طيب النفس) مرتاح النفس لما وفقه الله تعالى إليه من القيام. (خبيث النفس) مكتئبا يلوم نفسه على تقصيره في ترك الخير والقيام في الليل.
فهكذا يصرف الشيطان النائم عن الصلاة، أمَّا المستيقظ فيزيِّن له البيع والتجارة ويخوِّفه الكساد والخسارة إن هو آثر الصلاة على العمل، كما يصرفه عنها بأنواع المغريات والملهيات والشهوات كالغناء والأفلام ونحوها.
وما قعد قاعدٌ عن الجهاد ولا أمسك غنيٌّ عن الإنفاق، ولا حُبس قادر عن الإحسان إلاَّ بتزيين الشيطان وتقبيحه لهذه الخصال الطيبة فتراه يخوف المجاهد بالموت وتشريد الأهل والعشيرة، ويخوف المنفق بالفقر وسقوط الهيبة والمكانة، ويخوف المحسن باستعلاء الناس ولؤمهم ونكرانهم للجميل، وهكذا يجعل لكلِّ خصلة تقرِّب من الله حاجزًا يُخوِّف به المسلم ويجعله علَّةَ تقبيحه وتزيينه لنقيضه.
الاستحواذ على اللسان وتسخيره لكل ضلالة ومعصية: فاللسان هو الثغر الأعظم الذي يُسخر له جنده، ويترصد عنده، ويحيط به بمسلكين:
أ- إجراء الباطل والبهتان عليه: ويتمثل في تزيينه للكلام الباطل كالغيبة والنميمة وشهادة الزور والكذب والفحش والبذاءة والغناء والشتيمة، وكل ما يضر به ويُرديه في مهاوي الهلاك ، فعدو الله يُدرك ما للِّسان من أضرار وما له من العواقب والأخطار، ولذلك فالشيطان يحرص كلَّ الحرص على إفساد هذا الثغر، ويزيِّن لصاحبه تسخيره في الباطل والاشتغال باللغو الحرام؛ لأنه إذا تمَّ له الاستحواذ عليه ضمن ما بعده من الجوارح جميعًا فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَفَعَهُ قَالَ: " إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا) ([9])
ب- منع إجراء النفع عليه: فيتمثل في حدِّه عن ذِكر الله تعالى، واستغفاره، وتلاوة كتابه ونُصحه لعباده والتكلُّم بالعلم النافع والكلام الطيب، فإنَّ عدوَّ الله يُدرك أنَّ في الذِكر مصرعه؛ فيحرص كلَّ الحرص لمنع العبد من الاشتغال بالأذكار، ويظلُّ يوسوس ويُغرِّر ويُزيِّن ويُضلل حتى يصرف الذاكر عن ذكره والشاكر عن شكره، والتالي للقرآن عن تلاوته، والناصح للعباد عن نصحه وجهاده، فينبغي للمسلم أن يصون لسانه عن كلِّ باطلٍ وفحشاء، وأن ينـزِّهه عن الكذب وما يجلب لإخوانه الضَّراء.
الاستحواذ على الأُذن وتسخيرها لكل ضلالة ومعصية: فيتمثَّل في إحكام الصَّدِّ عن الكلام النافع، وتزيين وزخرفة كلِّ كلامٍ باطل كما قال تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا" [الأنعام: 112].
قال ابن القيم الجوزية: فسمَّاه «زخرفًا» وهو باطل، لأنَّ صاحبه يُزخرفه ويُزيِّنه ما استطاع، ويلقيه إلى سمع المغرور فيغترُّ به.
والمقصود أنَّ الشيطان قد لَزِم ثغر الأذن: أن يُدخِلَ فيها ما يضرُّ العبد ولا ينفعه، ويمنع أن يدخل إليها ما ينفعهنَّ، وإن دخل بغير اختياره أفسد عليه ([10]).
ومن مكائده في هذا الباب إيقاع العبد في درن التجسُّس وتزيينه له بدعوى الحرص على نفعه وكشف ضرّ غيره
والأمن من مكره، والتحريض على والغناء.
وقال تعالى: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا" قال ابن كثير رحمه الله: قيل «الغناء».
الاستحواذ على ثغر العين: النظر المسموم من أخطر سهام الشيطان وأفتك أسلحته بإيمان العبد المسلم، ولذلك فحرصه عليه أشدُّ من حِرصه على غيره، لأنَّ خطر فتنة النظر من خطر فتنة المنظور إليه، ولَمَّا كان المنظور إليه النساء، وهنَّ فتنةٌ على العبد؛ كان النظر إليهنَّ أخطر عليه، وكان بذلك الشيطان أحرص على إغواء المسلم به.
أ - صرف العين عن النظر إلى مواطن الاعتبار: فيعمد فيه الشيطان إلى صرف العين عن كلِّ ما يقوِّي إيمان المسلم ويشدُّ عزمه ويدلُّه على الهدى والرشاد، فيحرص أشدَّ الحرص عن صرف العين عن آيات الله الشرعية والكونية.
فكلَّ ما تأهَّب المسلم لتلاوة القرآن شغله ووسوس له بالشواغل والمغريات؛ فإذا لم يظفر منه بالمراد صرف عينه عن تدبُّر القرآن وفهم معانيه، وجعله ينثره نثر الدقل دونما إعمال لِما يقتضيه من التوحيد والعبادات، ودونما تأثر بما يدُلُّ عليه من الوعد والوعيد، وكلَّما عمد المسلم إلى تعلُّم دينه والتفقُّه في شرعه؛ شغله وألهاه وأغفله عن النظر إلى ذلك بالتزيين لِما سواه وتقبيحه وتشنيعه. وكلَّما رأى من العبد وقفة تأمُّل في خلق الله وفي كونه وما فيه من الآيات الباهرة والدلائل القاهرة؛ صرف نظره عن ذلك بالوساوس، وهوَّن من شأن الآيات وما تقتضيه من الإيمان والإذعان للخالق الديان.
وهذا يظلُّ يقطع عليه كلَّ نظرة جالبة للخير، ويحوِّلها من حالها إلى نظرة التفرُّج والاستحسان حتى يبطل أثرها الطيب في القلب.
ب - توجيهها إلى النظر المحرم: فيعمله الشيطان للإيقاع بالمسلم في براثن الزنا والفساد، وما من شيء أسرع في قذف بذور الشهوة في القلب من النظرة؛ لذلك فالشيطان يجعلها أهم مداخله لنفث بذر الشهوة في القلب، ثم يسقيها بماء الأمنية، ولا يزال بالتغرير والأماني والوعود حتى يقوِّي عزيمة الناظر ويُوقِد شهوته وإرادته، ثم يُرديه صريعًا في مهاوي المعصية، لذلك ورد في النهي عن النظر المحرَّم نصوصٌ كثيرةٌ تُبيِّن خطورته وضرره.
يقول ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى: والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان؛ فإنَّ النظرة تولِّد خطرة، ثم تولِّد الخطرة فكرة، ثم تولِّد الفكرة شهوة، ثم تولِّد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولا بدَّ ما لم يمنع منه مانع، ولهذا قيل "الصبر على غضِّ البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده"([11]).
وبهذا السهم الخطير انتشرت الفواحش والكبائر والأمراض والأدواء في سائر الأرجاء، والله المستعان.
الاستحواذ على القلب: القلب هو مادة الصلاح والفلاح، وهو مناط النجاة والنجاح، فبصلاحه يصلح حال العبد في الدنيا والآخرة، كما أنَّ بفساده يخسر الدنيا والآخرة، ولذلك قال الله تعالى: "يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ".
فلما كانت سلامة القلب هي مناط النفع في الدنيا والآخرة جعله الشيطان أعظم الثغور استهدافًا فراح يتفنَّن في أساليب إعلاله وقتله والقلوب بحسب تمكن الشيطان منها واستحواذه عليها ثلاثة:
ولما كان القلب هو مناط الصلاح فإنَّ عدو الله إبليس ينهج نهجَين مترابطَين للإضرار والفتك به:
أ- إدخال المواد الفاسدة عليه: قال تعالى: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ"، فالنفس الأمَّارة بالسوء أكبر عون للشيطان في إغواء الإنسان، فكلَّما وجد منها أمرًا بالفساد والانحراف أعانها عليه واستعان بها عليه، وأمدَّها به، بل إنه ليستمدّ منها خطرات السوء، وليجد فيها ما لو كان وحده لم يقدر عليه!
وإذا تأمَّلت أخي الكريم في قول الله تعالى: "إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ" وجدت كلمة «أمَّارة» تدلُّ مبالغتها على كثرة أوامرها، وأن ذلك هو عادتها وديدنها ودأبها، ولذلك قال «أمَّارة» ولم يقل «آمِرَة»، ومن هذا فإنَّ الشيطان يجد فيها العون الأكبر على نفث خطراته الشريرة؛ فهي أنسب حرثٍ لِمَا يزرع، وأحدُّ سيفٍ يقطع!
ب-قطع موارد صلاحه وطمأنينته: وذلك بقطع الطريق على كلِّ ما يُمكِّن من تقوية القلب وسلامته، ولأجل ذلك يعتمد الشيطان على شيئين:
1-الغفلة: قال تعالى: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ" وقال تعالى: "وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ"
ففي هذه الآيات دلالة على أنَّ الغفلة سلاح فتَّاكٌ ينهجه الشيطان لإبعاد الإنسان عن ذِكر الرحمن؛ فيُثقله عن أداء الصلوات، ويُثبطه عن حضور مجالس الذِكر، ويُوسوس له في ذلك ويُخوِّفه، ويُزيِّن له العزلة والانفراد ليظفر به، وليحيل بينه وبين الاجتماع بالصالحين وحضور الجماعات والجمعات، وما من خطوة خيرٍ إلاَّ وتجد للشيطان فيها تقبيحًا وتنفيرًا.
2- الشهوات : فالنفوس بطبيعتها ميَّالة للشهوات محبَّة لها، ولذلك فالشيطان إذا وجد من العبد ميلاً إليها زيَّنها في قلبه وقرَّبها إليه وجاهد في تحسينها وتحبيبها إلى قلب الإنسان حتى يتمكَّن منه، لاسيَّما مع وجود الميل الأصلي في قلب العبد لملذَّات الدنيا ومغرياتها، ويظل عدوُّ الله يشمُّ الإنسان ويتحسَّس ما يشتهيه حتى يوقعه في مصائده، فإن كان العبد أضعف أمام النساء زيَّن له النظر المحرَّم والخلوة والمعاكسات والاختلاط بالأجنبيات، وإذا كان العبد أضعف أمام شهوة المال حبَّبه إليه وزيَّن إليه جمعه حتى يُوقعه في الغشِّ والخداع والمكر في البيوع، والتدليس والكذب والحنث في الربا .
ويظلُّ يستعين بالنفس الأمَّارة والغفلة والشهوة وقطع موارد الصلاح حتى يفسد عليه قلبه أو يُوقعه في الهلاك الجسيم، نسأل الله العافية.
ثالثًا: وسائل النجاة من فتنه
تقوية الإيمان بالله: قال تعالى: "إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين" [سورة آل عمران] إنَّما المثبِّط لكم في ذلك هو الشيطان جاءكم يخوِّفكم أنصاره، فلا تخافوا المشركين لأنّهم ضعاف لا ناصر لهم، وخافوني بالإقبال على طاعتي إن كنتم مصدِّقين بي، ومتبعين رسولي.
الحذر من فتنته: قال تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ" [سورة الأعراف].
وقال تعالى: "فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ"، وغيرها من الآيات التي تُبيِّن غاية تغريره وأنوع أساليبه في إضلال الإنسان.
لزوم الصراط المستقيم: ليس هناك مَخرجٌ من فتنة عدو الله إبليس إلاَّ باقتفاء الطريق المستقيم والسير عليه السير القويم، قال الله تعالى : "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ" [الأنعام: 153] ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطًّا ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَالَ هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ» ثمَّ قَرَأَ (إِن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ) ([12])
فالشيطان إنما يظفر بمن حاد عن طريق الله جلَّ وعلا وطاعته، وأمَّا من اقتفى سبيل الهدى وخالف الوساوس والهوى وجاهد نفسه بالتقى فليس للشيطان عليه سبيل، وما له عليه من دليل، فما هي معالم هذا الطريق؟
توحيد الله جل وعلا : إن غاية الشيطان في إضلال الإنسان هي الإيقاع به في براثن الشرك وأوحال الكفر ومُوجبات الخلود في النار، فهذا هو غاية مراده ومطلبه، وإنما يقنع من الإنسان المعاصي دون الشرك إذا هو يئس في امتحانه فيه وتدنيسه بأوساخه وويلاته، ومن هنا فإنَّ صاحب التوحيد الخالص أبعد الناس عن مصائد الشيطان ومكائده؛ لأنه مهما ارتكب من ذنوب ومهما أوقع الشيطان فيه من المعاطب والعيوب فإنَّ الله جلَّ وعلا يغفر له ذنبه ويقبل منه توبته إذا هو أتاه بخالص التوحيد لا يشرك به شيئًا، قال تعالى : "إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ" [سورة النساء]
العلم: فإنما يقع في أحضان الشيطان أحد اثنين: الأول عالم لا يعمل بعلمه، والثاني جاهل بالدين يعبد ربه على
غير علم أو بينة، فأما العالم الذي يعمل بعلمه فمدخله الشهوة والغفلة ومتعلقاتهما من الغضب ونحوه.
وأما الجاهل بالدين فيدخله الشيطان إمَّا بتزيين عبادته الباطلة فيُوقعه في ألوان البدع والضلالات، وإما بتثبيطه عن تعلُّم الدين واتباع هدي سيد المرسلين، فالأول مدخله «البدعة» والثاني «الإعراض عن دين الله» لا يتعلَّمه ولا يعمل به.
ولذلك فإنَّ سلاح العلم أفتك بالشيطان من مجرَّد العمل بغير علم، والسِّـرُّ في كون العلم من مقامع الشيطان هو اشتماله على وسائل النجاة من حِيَل إبليس ومكائده واشتماله على التعريف بمداخله وأساليبه، واشتماله على مقويات الإيمان ودلائل التوحيد وآيات الثبات على الدين.
الإخلاص: فإنَّ عدوَّ الله قد بيَّن أنَّ الإخلاص هو مناط النجاة من إغوائه وتغريره، قال تعالى عنه: "قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " [سورة ص]
وقال تعالى: "قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ"، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: فتضمَّن ذلك أمرين: أحدهما نفي سُلطانه وإبطاله على أهل التوحيد والإخلاص، والثاني إثبات سُلطانه على أهل الشرك وعلى من تولاه.
ولَمَّا علم عدوُّ الله أنَّ الله تعالى لا يُسلِّطه على أهل التوحيد والإخلاص قال: "قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ"، فعلم عدو الله أنَّ من اعتصم بالله عزَّ وجل وأخلص له وتوكَّل عليه لا يقدر على إغوائه وإضلاله، وإنما يكون له السلطان على من تولاَّه وأشرك مع الله، فهؤلاء رعيته فهو وليهم وسلطانهم ومتبوعهم ([13]).
احفظ الله يحفظك: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ)([14]) فوسائل الوقاية من إبليس هي نفسها عبادة الله جلَّ وعلا كما أمر، ومجاهدة النفس على الطاعة، ومفرداتها في كتاب الله وسنة رسوله كثيرةٌ جدًّا يصعب حصرها، وإنما على المسلم أن يطرق وسائل الحفظ سالكًا طريق الحفاظ على الفرائض والواجبات، مُنتهِيًا عما نهى الله جلَّ وعلا عنه من الموبقات والمحرمات، ومُستكثِرًا من الفضائل والخيرات.
منع الأولاد من الخروج من البيت في الوقت الذي تنتشر فيه الشياطين: جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ t، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا» قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، نَحْوَ مَا أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) ([15])
(إذا كان جنح الليل) فأمر ﷺ بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه فلا يقدر على كشف إناء ولا حل سقاء ولا فتح باب ولا إيذاء صبي وغيره إذا وجدت هذه الأسباب وجنح الليل بضم الجيم وكسرها لغتان مشهورتان وهو ظلامه ويقال أجنح الليل أي أقبل ظلامه وأصل الجنوح الميل.
(فكفوا صبيانكم) أي امنعوهم من الخروج ذلك الوقت، (فإن الشيطان ينتشر) أي جنس الشيطان ومعناه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذ.
إكفاء الآنية أو تخميرها وذكر اسم الله عليها: عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: (غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ»، وَلَمْ يَذْكُرْ قُتَيْبَةُ فِي حَدِيثِهِ وَأَغْلِقُوا الْبَابَ) ([16])
(الفويسقة) المراد بالفويسقة الفارة لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها، (تضرم) أي تحرق سريعا.
تقوى الله تعالى: قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) ) [سورة الأعراف] ، إن الذين اتقوا الله مِن خلقه، فخافوا عقابه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه، إذا أصابهم عارض من وسوسة الشيطان تذكَّروا ما أوجب الله عليهم من طاعته، والتوبة إليه، فإذا هم منتهون عن معصية الله على بصيرة، آخذون بأمر الله، عاصون للشيطان.
عدم الخلوة بالمرأة: عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثالثهما الشَّيْطَان» ([17])
ترك التحسر على ما فات ومضى: كقول: لو فعلتُ كذا لكان كذا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» ([18])
وضع اليد على الفم عن التثاؤب: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ بِفِيهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ فِيهِ» ([19])
الحفاظ على صلاة الفريضة في جماعة: عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» ([20]) (في ذمة الله) قيل الذمة هنا الضمان وقيل هي الأمان.
وعن أبي الدرداء - t - قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: «مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيةٍ، وَلا بَدْوٍ، لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إلا قَد اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِم الشَّيْطَانُ. فَعَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ، فَإنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَة» ([21])، فوجه الاستدلال منه أنه أخبر باستحواذ الشيطان عليهم بترك الجماعة التي شعارها الأذان وإقامة الصلاة، ولو كانت الجماعة ندبًا يخيّر الرجل بين فعلها وبين تركها لما استحوذ الشيطان على تاركها وتارك شعارها.
والخشوع في الصلاة لذة مع الله، وإذا قام المسلم لصلاته حال بينه وبينها بوساوسه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَانُ، فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» ([22]) (لبس عليه) خلط عليه أمر صلاته.
والله قِبَل وجه كل مُصَلٍّ، والالتفاتُ في الصلاة من كيده فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ» ([23]) (اختلاس) خطف بسرعة. (يختلسه الشيطان) يظفر به عند الالتفات.
كثرة السجود: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: " إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ - وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي - أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ " ([24])
(إذا قرأ ابن آدم السجدة) معناه آية السجدة (يا ويله) هو من آداب الكلام وهو أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء واقتضت الحكاية رجوع الضمير إلى المتكلم صرف الحاكي الضمير عن نفسه تصاونا عن صورة إضافة السوء إلى نفسه.
كثرة قراءة القرآن: فإنها تطرد الشياطين من ذلك البيت ما دامت تقرأ فيه، وإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يكون كالمقبرة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» ([25])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t في حديثه مع ابليس قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ - وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ - فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ) ([26])
رقية الأولاد بالرقية الشرعية الواردة عنه ﷺ في الأحاديث الصحيحة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ، يَقُولُ: " أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ، قَالَ: وَكَانَ أَبُونَا إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ " أَوْ قَالَ: إِسْمَاعِيلَ، وَيَعْقُوبَ، وَهَذَا حَدِيثُ وَكِيعٍ ([27]) (من كل شيطان) يدخل تحته شياطين الإنس والجن، (وهامّة) بالتشديد واحدة الهوام ذوات السموم، وقيل كل ما له سم يقتل، فأمّا ما لا يقتل سمّه فيقال له السَّوام، وقيل المراد كل نسمة تهم بسوء، قوله: (من كل عين لامّة) قال الخطابي: المراد به كل داء وآفة تُلِمُّ بالإنسان من جنون وخبل، وقال أبو عبيد: أصله من ألممت إلمامًا، وإنما قال (لامّة) لأنه أراد ذات لمم، وقال ابن الأنباري: يعني أنها تأتي في وقت بعد وقت، وقال (لامّة) ليؤاخي لفظ (هامّة) لكونه أخف على اللسان.
التعوُّذ بالله من الشيطان: قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98] ، وقال سبحانه: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 36]، وقال تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴾ [المؤمنون: 97-98]، وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 36]، وقال - سبحانه وتعالى -:﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾ [الناس: 1 - 6].
وعن عقبة بن عامر أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ: «يا عقبة! {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ما تعوذ بمثلهن أحد» ([28])
التحصن بالأذكار لدفع تسلط الشيطان: لقد حثنا شرعُنا الحنيف على ذكر الله عز وجل في كل الأحيان فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: " مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ " ([29])
عند دخول المسجد: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ إِذا دخل الْمَسْجِد قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» قَالَ: «فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْطَان حفظ مني سَائِر الْيَوْم» ([30])
عند الطعام: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ " ([31])
(قال الشيطان) معناه قال الشيطان لإخوانه وأعوانه ورفقته.
وينازع الشيطان ابنَ آدم في طعامه ويأكل معه إن لم يذكر اسم الله عليه، بل يأكل ما تساقط من طعامه، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ» ([32])
عندما يأتي الرجل أهله: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَبْلُغُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ» ([33]) (إذا أتى أهله) جامع زوجته والوقاع الجماع. (ما رزقتنا) أي من ولد.
عند الخروج من البيت: قال تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [النَّحْلِ: 99].
وعن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - ﷺ -: «مَنْ قَالَ ... -يَعْني: إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ -: بِسمِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ، يُقالُ لَهُ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيطَانُ». «فيقول - يعني: الشيطان - - لِشيطان آخر: كَيفَ لَكَ بِرجلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟» ([34])
عند الاستيقاظ من النوم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ» ([35]) (يعقد) يربط فيثقل عليه النومه. (قافية) مؤخرة العنق أو القفا. (يضرب كل عقدة) يحكم عقدة ويؤكده. (فارقد) فنم ولا تعجل بالقيام. (طيب النفس) مرتاح النفس لما وفقه الله تعالى إليه من القيام. (خبيث النفس) مكتئبا يلوم نفسه على تقصيره في ترك الخير والقيام في الليل ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ» ([36]) ، (خياشيمه) قال العلماء الخيشوم أعلى الأنف وقيل هو الأنف كله وقيل هي عظام رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ وقيل غير ذلك وهو اختلاف متقارب المعنى.
وأن الذي لا يذكر الله عز وجل ويغفل عنه ويعرض، يقيض الله عز وجل له شيطانًا، فيصبح له قرينًا كما قال تعالى: ﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36]
وقال تعالى: ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)) [سورة الحشر]
أيها المسلمون: إن فتن الشيطان كثيرة ومتنوعة ولذا ينبغي على كل مسلم لزوم تقوى الله وطاعته والتمسك بسنة نبيه في كل وقت وحين حتى يخلصنا الله وحده من هذه الفتن إنه على كل شيء قدير.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء
تعليقات: (0) إضافة تعليق