خطب الأئمة عن (وجعلنا من الماء كل شئ حي)

PDF

WORD

عناصر الخطبة

العنصر الأول / مفهوم الهجرة في الإسلام وفضلها

العنصر الثاني / الهجرة إلى الحبشة ودروس في الحياة

العنصر الثالث / الهجرة إلى المدينة بين التدبير البشرى والتأييد الربانى

الحمد لله رب العالمين الأول القديم الواحد الجليل الذي ليس له شبيه ولا نظير , أحمده حمدا يوافي نعمه ويبلغ مدى نعمائه وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له شهادة عالم بربوبيته عارف بوحدانيته وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اصطفاه لوحيه وختم به أنبياءه وجعله حجة على جميع خلقه {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} وبعد فأوصى نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل والحرص على رضائه والاستعداد للقائه .. أما بعد

...............................................

أيها المسلمون /

الهجرة / هى الانتقال من مكان الى مكان او من حال الى حال وهى نوعان : هجرة معنوية وهجرة مادية

1. المعنوية: هي هجرة الإنسان لما حرم الله عليه، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أن النَّبِيِّ قَالَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ)

وأما الهجرة المادية فمنها

1. الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، كالهجرة النبوية إلى المدينة المنورة.

2. الهجرة من أرض السوء إلى أرض الصلاح، مثل قصة قاتل المائة نفس قال ابن حجر العسقلاني (ففيه إشارة إلى أن التائب ينبغي له مفارقة الأحوال التي اعتادها في زمن المعصية، والتحول منها كلها والاشتغال بغيرها)

عباد الله هناك آيات كثيرة تتحدث عن الهجرة وفضلها منها قوله تعالى

( الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ )

وفي السنة المطهرة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت في ربض الجنة، وببيت في وسط الجنة) أخرجه النسائي

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم لعبد الله بن عمرو)أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي؟)) قال: الله ورسوله أعلم، فقال: المهاجرون، يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون، فيقول الخزنة: أوقد حوسبتم؟ فيقولون: بأي شيء نحاسب؟! وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك. قال: فيفتح لهم فيقيلون فيه أربعين عاماً قبل أن يدخلها الناس). أخرجه الحاكم في المستدرك

عباد الله أول هجرة للمسلمين كانت إلى الحبشة وكانت مرتان

فلقد واجه أتباع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من المسلمين الأوائل صوراً من العذاب والتنكيل والتضييق لمخالفتهم قومهم في دينهم ، فلجأ هؤلاء المؤمنون إلى الخروج من أرضهم وديارهم طلباً للأمن في الدِّين.

وجاء الأمر بالهجرة تحقيقاً لحفظ المسلم على دينه، كما أشار قول الله تعالى ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإيَّايَ فَاعْبُدُون) قال ابن كثير – رحمه الله -: هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدِّين، إلى أرض الله الواسعة، حيث يمكن إقامة الدِّين. ثُمَّ قال: ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مقامهم بها خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة ليأمنوا على دينهم هناك

ولقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحدث وما يصيب أصحابه من البلاء والإيذاء الذى بلغ كل مبلغ وفاق كل حد وأنه لا يقدر على أن يحميهم ويمنعهم مما هم فيه ، قال لهم:

(لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه)

إنه درس في الإنصاف وإحقاق الحق فلم يمنع رسول الله كونه نبى وكون النجاشي على غير دينه ان يشهد له ويطلب من اصحابه ان يذهبوا اليه ليكونوا فى جواره حتى يأمنوا على دينهم من قومهم وآذاهم

وبالفعل ايها الكرام استطاع المهاجرون الأوائل الوصول إلى الحبشة والإقامة فيها فترة من الزمن فى خير جوار ، لكنهم عادوا إلى مكة بعد أن سمعوا بإسلام قريش، ولم يكن ذلك صحيحاً، فوجدوا الأمر خلاف ما بلغهم؛ فلاقوا من قومهم من العذاب والتنكيل أشد مما سبق، “فلم يرَ الرسول صلى الله عليه وسلم بدّاً من أن يشير على أصحابه بالهجرة مرة أخرى إلى الحبشة. وكانت الهجرة الثانية أشق من سابقتها؛ فقد تيقّظت لها قريش وقررت إحباطها

هاتين الهجرتين كانت لهما دوافع قوية وأسباب واضحة ألجأت المؤمنين لمفارقة أرضهم وأهلهم ومالهم .. فقد أصبحت مكة الآمنة المطمئنة مرتعاً للقتل والتعذيب والتنكيل والاضطهاد على أساس من (اختلاف العقيدة)

عباد الله لقد أصبحت الحياة في مكة وبين ظهراني قريش بالدِّين الجديد الذي جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ أمراً شاقاً يتلبسه الخوف والجوع والضيق والأذى وتهديد النفس والعرض، فلم يكن دافع الهجرة مجرد اختلاف العقيدة وتباين الدِّين، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الصحابة ظلوا ثابتين بمكة نظراً لأن الأذى لم يبلغهم في ذلك الوقت، أو نظراً لظروف البعض التي لم تمكّنهم من الهجرة؛ كالفقر، أو لكونهم موالي لكفار قريش، كما هو حال صهيب وبلال، وهذا ما يؤكده ابن إسحاق بقوله: فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفراراً إلى الله بدينهم

 وقد بلغت صور التعذيب ما ذكره ابن إسحاق عن سعيد بن جبير قال: قلت لعبد الله بن عباس: أكان المشركون يبلغون من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من العذاب ما يُعذرون به في ترك دينهم؟ قال: نعم والله، إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر على أن يستوي جالساً من شدة الضُّرِّ الذي نزل به، حتى يُعطيهم ما سألوه من الفتنة، حتى يقولوا له: اللات والعزى إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم. حتى إن الجُعل ليمر بهم، فيقولون له: أهذا الجُعل إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم! افتداء منهم مما يبلغون من جهده

الهجرة إلى الحبشة دروس فى الحياة

1) من تلك الدروس شفقة الرسول القائد- صلى الله عليه وسلم - على أصحابه ، ورحمته بهم ، وحرصه الشديد للبحث عما فيه أمنهم وراحتهم فأشار عليهم بالذهاب إلى ملك عادل لا يظلم أحد عنده ، فكان الأمر كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فأمِنوا في دينهم ونزلوا عنده في خير منزل .. فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي وجَّه الأنظار إلى الحبشة ، وهو الذي اختار المكان الآمن لدعوته وصحابته ، كي يحميهم ، وهذه تربية نبوية لقيادات المسلمين في كل عصر

2) ومن تلك الدروس أيضاً الروعة فى فقه الحوار والحكمة فى الدعوة بعيدا عن التعصب والتشنج والتشدد والسب واللعن واستحلال المحرمات فكان عمرو بن العاص - رضي الله عنه - وهو يمثل في تلك المرحلة عداوة الله ورسوله على مستوى كبير من الذكاء ، فشحن كل ما لديه من حُجة ، وألقى بها بين يدي النجاشي فيبرز له داعية من المسلمين وحكيم من حكمائهم انه سيدنا جعفر بن ابى طالب فيقارعة الحجة بالحجة ويرد عليه بالحكمة والبيان والكل يسمع حتى ينتهى الحوار لأعلن النجاشي صدق جعفر ـ رضي الله عنه ـ ، وعزم على أن يكون في خدمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يأتيه الناموس كناموس موسى .. انه المنح تأنى من المحن

3) من دروس هجرة الحبشة أيضا الواقعية في تعامل النبي مع الأحداث : اتسم الحل النبوي تجاه محنة المسلمين في مكة بالواقعية والعملية ، فلم يلجأ النبي إلى طرق خيالية ، أو غير منطقية ، إذ كان بمقدوره صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله للمؤمنين ، ويستجيب الله له ، ولكن هذا الحل آنذاك يكون أشبه بالمعجزة الخارقة عن حدود العقل ، والتي قد تزعزع المسلمين أنفسهم ، فلجأ النبي إلى الهجرة كحلٍ واقعي ينهي به أزمة المسلمين في مكة .

ولقد مكث المهاجرون في الحبشة قرابة 14 عاماً أو يزيد، حيث لحقوا بالرسول الكريم في المدينة بعد صلح الحديبية في أواخر السنة السادسة أو السابعة للهجرة؛ ويُظهر ذلك مدى الأمن والطمأنينة الذي حظوا به في الحبشة بحيث طاب لهم العيش فيها، حتى وُلِدَ لبعضهم فيها بنون.

وَلَولَا أَنَّ أَهلَكِ أَخرَجُونِي مِنكِ مَا خَرَجتُ

تلك العبارة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تصدم من يقرأها لأول وهلة ويتعجب كيف ذلك والهجرة كانت بتدبير رباني وبترتيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم

والجواب :- إن مغزى البعثة والرسالة هو إقامة الحجة الكاملة على الأمة – المرسل إليها. ومن متطلبات هذه المهمة قيام الرسول بين ظهراني قومه يدعوهم ويبيّن لهم ويبلغهم ويحيطهم بنصحه وتوجيهه، وأن يتحمل ويصبر إزاء ما قد يقابله من أذى قولي أو فعلي مادي أو معنوي، طالما أن هذا الأذى داخل في قدرته وطاقته البشرية لذا فإن المتأمل فى القرآن يجد أن الله تعالى لم يأذن لأنبيائه ورسله بمفارقة أقوامهم إلا في ظل تهديد ينال وجودهم ويفوق طاقتهم ويضر بدينهم وعليه كان كلام الرسول صلى الله عليه وسلم إبراء للذمة وإقامة للحجة عليهم

ايها الكرام / الهجرة لم تكن أمراً تعبّدياً واجباً ابتداء، منفصلاً عن الواقع الذي يحيط بالمسلمين بل هي خطة وعلاج ومخرج لظرف فَرَضَ مثل هذا الحل وهذه الخطة. وما يستوقفنا فعلاً هو أن ذكر الهجرة في القرآن الكريم بادئ الأمر كان يتصل بالهجرة المعنوية وليس الحسية ، يقول تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} ويقول سبحانه)وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)فلم ترد أي إشارة إلى عزلة المجتمع ومفارقة الوطن بقدر ما كان التوجيه الإلهي يدعو إلى البُعد عن مظاهر الشرك والكفر ومعصية الله، وإلى عدم التصدي لأذى المشركين بأذى مثله والدخول في حالة من الاستفزاز والمهاترات التي تعيق عن القيام بواجب الدعوة والبلاغ، وتشغل عن مهامهما.

لما اشتد البلاء على المسلمين بعد بيعة العقبة الثانية، أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، فجعلوا يخرجون ويخفون ذلك، فكان أول من قدم المدينة المنورة أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم قدم المسلمون أرسالاً فنزلوا على الأنصار في دورهم فآووهم ونصروهم. ولم يبقَ بمكة منهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي بن أبي طالب رضى الله عنهما أو مفتون محبوس أو ضعيف عن الخروج

ولما رأت قريش خروج المسلمين، خافوا خروج الرسول صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا في دار الندوة، واتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًا فيقتلون محمد صلى الله عليه وسلم فيتفرّق دمه في القبائل فأخبر جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم بالخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم عليًا أن ينام مكانه ليؤدي الأَمانات التي عنده ثم يلحق به. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثوا على رؤوسهم التراب تاليًا آيات من سورة يس فجاء إلى أبي بكر، وقد كان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر، فأعطاها الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أرَيْقِط، على أن يوافيهما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، ويكون دليلاً لهما، فخرجا ليلة 27 صفر سنة 14 من النبوة، وحمل أبو بكر ماله كلّه ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف، فمضيا إلى غار ثور فدخلاه وجعلت قريش فيه حين فقدوه 100 ناقة لمن يردّه عليهم، فخرجت قريش في طلبه حتى وصلوا باب الغار، وانصرفوا. ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضى الله عنه في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، حتى خرجا من الغار. وبينما هما في الطريق، إذ عرض لهما سراقة بن مالك وهو على فرس له فدعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فرسخت قوائم فرسه، فقال (يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي)، ففعل فأطلق ورجع فوجد الناس يلتمسون الرسول صلى الله عليه وسلم فقال( ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا ) فرجعوا عنه

وصل الرسول صلى الله عليه وسلم قباء يوم الاثنين 8 ربيع الأول، أو 12 ربيع الأول، فنزل على كلثوم بن الهدم، وجاءه المسلمون يسلمون عليه، ونزل أبو بكر على خبيب بن إساف. وأقام علي بن أبي طالب بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدّى الودائع التي كانت عند الرسول صلى الله عليه وسلم للناس، حتى إذا فرغ منها لحق بالرسول صلى الله عليه وسلم فنزل معه على كلثوم بن هدم. وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف 4 أيام، وقد أسس مسجد قباء لهم، ثم انتقل إلى المدينة المنورة فدخلها يوم الجمعة 12 ربيع الأول، سنة 1 هـ وعمره يومئذ 53 سنة. ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول ، بعدما كانت يثرب

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا اللهم آمين عباد الله أقول ما تسمعون واستغفر الله لى ولكم انه عفور رحيم

....................................................

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على امام الخلق وسيد المرسلين سيدنا محمد النبي صلوات الله وسلامه عليه وبعد :-

عباد الله اعلموا

أن الهجرة الى المدينة تجلى فيها الترتيب البشرى والتأييد الإلهى فكان الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله: فعليك أن تأخذ بالأسباب كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة وكأنها كل شيء، ما من ثغرة إلا وقد غطاها الرسول صلى الله عليه وسلم، هيأ رجلاً يأتيه بالأخبار، وهيأ رجلاً يمحو الآثار، وهيأ خطةً تبعد عنه الشبه، اتجه نحو الساحل واستقر في غار ثور أياماً ثلاثة حتى يخف الطلب عنه، وهيأ دليلاً غلب فيه الخبرة على الولاء، ولم يدع ثغرةً إلا وغطاها، أخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، فلما وصلوا إليه وأصبح أحدهم على بعد أمتار منه قال الصديق رضي الله عنه لرسول صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدهم نظر إلى موطئ قدمه لرآنا. الآن لأنه أخذ بالأسباب طاعةً، وأخذ بالأسباب تعبداً، ولم يعتمد على الأسباب كما يفعل أهل الغرب قال: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟

عباد الله أعلموا أن من حفظ الله حفظه الله:

فلقد ائتمر زعماء قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعتقلوه، أو يقتلوه، أو يخرجوه، فأنجاه الله منهم بعد أن حثا في وجوههم التراب، وخرج من بينهم سليماً معافى.

وهذه سنة ماضية، فمن حفظ الله حفظه الله، وأعظم ما يحفظ به أن يحفظ في دينه، وهذا الحفظ شامل لحفظ البدن

عباد الله ... ختاما أين نحن من الهجرة الآن والجواب من كلام النبي العدنان صلى الله عليه وسلم في المتفق عليه ((الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ))

من ترك الحرام فهو مهاجر ...... من ترك الرشوة فهو مهاجر ....... من ترك الكذب فهو مهاجر ...... من ترك الخيانة فهو مهاجر ......... من ترك الظلم فهو مهاجر ....... من اعتزل الباطل فهو مهاجر

الدعاء ......................... وأقم الصلاة