الخطبة الأولى
أما بعد:
إخوة الإيمان حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن تحفة الرفيق بصفات الصديق، والصداقة شمس لا تغيب مثلما تغيب الشمس، الصداقة لا تذوب مثلما يذوب الثلج، الصداقة لا تموت إلا إذا مات الحبّ.
الصداقة ود وإيمان
الصداقة حلما وكيان
الصدقة سكن ووجدان
الصداقة لا توزن بميزان
الصداقة لا تقدر بأثمان
العنصر الأول تعريف الصداقة
=================
الصَّدَاقَةُ صِدْقُ الاعْتِقاد فِي المَوَدّة، وذلكَ مُخْتَصٌّ بالإنْسانِ دونَ غيْرِه. ( )
سُئلَ حكيم عن الصديق فقال هو أنت بالنفس إلا أنه غيرك بالشخص. فإذا وجدَ الإنسانُ أصدقاءً ذوي ثقةٍ،وجدَ بهم عيونًا وآذانًا وقلوبًا كلها له فيرى الغائبَ بصورة الشاهد واختيار من تميل إليه لتصادقه أمرٌ صعبٌ، إذ قد يدافع عنكَ الإنسانُ الناقصُ فتظنه فاضلًا. ( )
اختيار الأصدقاء وصية رب الأرض والسماء
==================
ولقد نبهنا الله تعالى في غير ما آية من القران الكريم إلى أهمية ومكانة واختيار الصديق فقال سبحانه وتعالى (الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)( الزخرف 67)
قَالَ الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) قَوْلُهُ تعالى (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) أَيْ كُلُّ صَدَاقَةٍ وَصَحَابَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدَاوَةً إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ دَائِمٌ بِدَوَامِهِ. وَهَذَا كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِقَوْمِهِ (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ)(الْعَنْكَبُوتِ25)( )
عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في قوله تعالى (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) قال خَلِيلَانِ مُؤْمِنَانِ،وَخَلِيلَانِ كَافِرَانِ، فَمَاتَ أَحَدُ الْمُؤْمِنَيْنِ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ فُلَانًا كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ، وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ، يَا رَبِّ فَلَا تُضِلَّهُ بَعْدِي وَاهْدِهِ كَمَا هَدَيْتَنِي وَأَكْرِمْهُ كَمَا أَكْرَمْتَنِي، فَإِذَا مَاتَ خَلِيلُهُ الْمُؤْمِنُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فَيَقُولُ لِيُثْنِ أَحَدُكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ، وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ، فَيَقُولُ نِعْمَ الْخَلِيلُ، وَنِعْمَ الْأَخُ، وَنِعْمَ الصَّاحِبُ؛ قَالَ وَيَمُوتُ أَحَدُ الْكَافِرَيْنِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّ فُلَانًا كَانَ يَنْهَانِي عَنْ طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ، وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلَاقِيكَ، فَيَقُولُ بِئْسَ الْأَخُ، وَبِئْسَ الْخَلِيلُ، وَبِئْسَ الصَّاحِبُ. ( )
خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه
==========
وها هو الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم يبن لنا أن أفضل الأصدقاء عند الله أفضلهم لصاحبه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِه". ( )
قَالَ الإمامُ المباركفورى (رحمه الله) قَوْلُهُ (خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ ثَوَابًا عِنْدَ اللَّهِ، (خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ إِحْسَانًا إِلَيْهِ وَلَوْ بِالنَّصِيحَةِ)( )
تحفة الرفيق بأوصاف الصديق
=================
اعلم بارك الله فيك: أن الصديق له أثر كبير في حياة صاحبه استقامة و صلاحا أو اعوجاجا و إفسادا بصور لنا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم- روى الشيخانِ عن أَبِي مُوسَى الأشعري، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ (يُعْطِيكَ مَجَّاناً)، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً.( )
قالَ الإمامُ النووي (رحمه الله) مَثَّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجَلِيسَ الصَّالِحَ بِحَامِلِ الْمِسْكِ وَالْجَلِيسَ السُّوءِ بِنَافِخِ الْكِيرِ. وَفِي هذا الحدِيثِ فَضِيلَةُ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الشَّرِّ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ أَوْ يَكْثُرُ فُجْرُهُ وَبَطَالَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمَذْمُومَةِ. ( )
الصفة الأولى الإيمان والتقوى
====================
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل( )
فالصديق يؤثر في صديقة بالخير أو الشر ولنضرب على ذلك أمثلة
أبو طالب صحاب من؟
صناديد قريش، أبو جهل ومن على شاكلته اثروا فيه وما برحوا حتى مات على الكفر والعياذ بالله عن سعيد بن المسيب، عن أبيه رضي الله عنه، قال: لَمَّا حضرت أبا طالبٍ الوفاةُ، جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهلٍ وعبدَالله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال: ((أَيْ عمِّ، قل: لا إله إلا الله، كلمةً أحاجُّ لك بها عند الله))، فقال أبو جهل وعبدُالله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبدالمطلب؟! فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبدالمطلب، وأبى أن يقول: ((لا إله إلا الله))، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والله لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك))، فأنزل الله: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113]، وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56]( )
أبو بكر الصديق رضي الله عنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فنال المنزلة العالية و المكانة السامية روى البخاريُّ عن أبي سعيد الخدري (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) أن النبي ﷺ قال: إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْر. ( )
لذا حث العلماء على اختيار أصدقاء الأبناء لان فساد الأبناء إنما هو من قبل الأصحاب
قال أبو حامد الغزالي (رحمه الله) أَصْلُ تَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ الْحِفْظُ مِنْ قُرَنَاءِ السوء. ( )
قال إبراهيم الحربي (رحمه الله) جنبوا أولادكم قُرَنَاء السوء قبل أن تصبغوهم في البلاء (الاختبار) كما يُصبغُ الثوب.
روى الترمذيُّ عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ". ( )
قال الله تعالى (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف28)
الصفة الثانية: الصدق في الأقوال والأفعال"
==================
أخي المسلم: " لا تصاحب كذاباً، فإنه مثل السراب، يُقربُ منك البعيد ويبعد منكَ القريب". ( )
قَالَ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة 119).
روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا". ( )
قَالَ الخليفةُ الراشدُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَيْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَعِشْ فِي أَكْنَافِهِمْ فَإِنَّهُمْ زَيْنٌ فِي الرَّخَاءِ وَعُدَّةٌ فِي الْبَلَاءِ.( )
الصفة الثالثة: حُسْن الخلق:
=======================
أخي المسلم و من صفات الصديق و الرفيق أن يكون حسن الخلق لين العريكة متواضع الجانب كتوما للأسرار
روى الترمذيُّ عن أبي الدرداء أن رسول الله ﷺ قال: مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ.( )
روى الترمذيُّ عن عليٍّ بن أبي طالب أن رسول الله ﷺ قال: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. ( )
قَالَ عَلْقَمَةُ الْعُطَارِدِيُّ (فِي وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ):يَا بُنَيَّ إنْ عَرَضَتْ لَك حَاجَةٌ فَاصْحَبْ مَنْ إذَا خَدَمْته صَانَك وَإِنْ صَحِبْته زَانَك أَيْ حَفِظَك وَإِنْ قَعَدَ بِك مَانَك أَيْ حَمَلَ مَئُونَتَك اصْحَبْ مَنْ إذَا مَدَدْت يَدَك لِخَيْرٍ مَدَّهَا وَإِنْ رَأَى مِنْك حَسَنَةً عَدَّهَا وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً سَدَّهَا اصْحَبْ مَنْ إذَا سَأَلْته أَعْطَاك وَإِنْ نَزَلَتْ بِك نَازِلَةٌ وَاسَاك. (أَيْ جَعَلَك كَنَفْسِهِ) اصْحَبْ مَنْ إذَا قُلْت صَدَّقَ قَوْلَك، وَإِنْ حَاوَلْت أَمْرًا آمَرَكَ، وَإِنْ تَنَازَعْتُمَا آثَرَكَ.
و قال ابن أبي زياد في نصيحته لولده : ” يا بني أكرم أهل العقل و جالسهم ، و اجتنب الحمقى ، فإني ما جالست أحمق فقمت إلا وجدت النقص في عقلي ”( )
احذروا من أصدقاء السوء يقول ابن الجوزي رحمه الله : إذا أصبحوا سعوا في تحصيل شهواتهم بحرص خنزير و تبصص كلب و افتراس أسد و غارة ذئب و روغان ثعلب ، و يتأسفون عند الموت على فقد الهوى لا على عدم التقوى( )
قال شبيب بن شيبة -رحمه الله-: "إخوان الصدق خير مكاسب الدنيا، وهم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء، ومعرفة على حسن المعاشرة".
نفعني الله وإيَّاكم بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
=================
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربُّنا ويرضى، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، وحبيبه وخليله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
ثمرات الأخوة
واعلم بارك الله فيك أن الإخوة والصداقة كالشجرة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها وإليكم قطفا من ثمرات الإخوة وزهرة من بستان الصداقة وأريجا من طيب المودة
* أنه يتذوق حلاوة الإيمان:
في الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: ((ثلاث مَن كنَّ فيه، وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذَف في النار))؛
* ينال محبة الله:
في مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكًا، فلما أتى عليه، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبُّها، قال: لا غير أني أحببتُه في الله - عز وجل - قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبَّك كما أحببتَه.
* من السبعة الذين يظلهم الله في ظله:
وفي مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أُظلهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلي)).
* دخول الجنة ورفعة الدرجات:
إن زيادة درجات الجنة تنال في صدق الإخاء؛ في مسلم عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال: ((وما أعددت للساعة؟))، قال: حب الله ورسوله، قال: ((فإنك مع مَن أحببتَ))، قال أنس: فما فرِحنا بعد الإسلام فرحًا أشد من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فإنك مع مَن أحببت))، قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله، وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم؛ حدثناه محمد بن عبيد الغبري، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر قول أنس: فأنا أحب وما بعده.
وعند البخاري عن أبي موسى قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: الرجل يحب القوم ولَمَّا يلحق بهم، قال: ((المرء مع مَن أحبَّ))، تابعه أبو معاوية ومحمد بن عبيد.
* عروة الإيمان الوثقى مَن تمسَّك بها نجا:
فتح الباري، عند الْبَزَّار رَفَعَهُ: "أَوْثَق عُرَى الْإِيمَان الْحُبّ فِي اللَّه وَالْبُغْض فِي اللَّه"، وَسَيَأْتِي عِنْد الْمُصَنِّف: "آيَة الْإِيمَان حُبّ الْأَنْصَار".
* الاستفادة من ثمرة الدعاء:
في مسلم من حديث أبي الدرداء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكَّل كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل))، قال: فخرَجت إلى السوق، فلقِيت أبا الدرداء، فقال لي مثل ذلك يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون عن عبدالملك بن أبي سليمان بهذا الإسناد مثله، وقال عن صفوان بن عبدالله بن صفوان،
قال يحيى بن معاذ: بئِس الصديق، تحتاج أن تقول له: اذكرني في دعائك.
* السلامة من النار:
﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ [الصافات: 51 - 57].
الدعاء ......................................................................
تعليقات: (0) إضافة تعليق