الحمد لله رب العالمين .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, أحاط بكل شيء خبراً ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله القائل:" من سرهُ أن يبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثرة فليصل رحمه" صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:فيا جماعة الإسلام :قال تعالي :" فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالها"(محمد/22-24).
إخوة الإيمان :" ندد المولي عز وجل بأولئك الذين يقطعون أرحامهم وعد ذلك من التولي والإعراض والإفساد في الأرض وبين عاقبة ذلك بأن يكون جزاؤهم اللعنة وصم الأذان وعمي الأبصار فالجزاء من جنس العمل فكما صموا أسماعهم عن الموعظة وأغمضوا أعينهم عن الحقيقة ولم يتدبروا القرآن فزادهم الله عمي وغشاوة وقفل علي قلوبهم .
عباد الله :"وصلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقربين وإيصال ما أمكن من الخير إليهم ودفع ما أمكن من الشر عنهم. وقطيعة الرحم تعني عدم الإحسان إلى الأقارب, وقيل بل هي الإساءة إليهم.وفيه فرق بين المعنيين فالمعنى الأول يرى أنه يلزم من نفي الصلة ثبوت القطيعة, والمعنى الثاني يرى أن هناك ثلاث درجات: واصل وهو من يحسن إلى الأقارب. قاطع وهو من يسيء إليه . لا واصل ولا قاطع وهو من لا يحسن ولا يسيء, وربما يسمى المكافئ وهو الذي لا يحسن إلى أقاربه إلا إذا أحسنوا إليه, ولكنه لا يصل إلى درجة الإساءة إليهم.
صلة الرحم في القرآن والسنة :
عباد الله :" وإذا تدبرنا القرآن الكريم لوجدنا العديد من الآيات التي تحث علي صلة الرحم وتبين ثوابها وفضلها كما تبين عقوبة القطيعة والهجر .
فتارة نجد أن الله يأمر بالإحسان إلى ذوي القربى وهم الأرحام الذين يجب وصلهم فقال تعالى : " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ"(البقرة/83) .وقال تعالى :" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (النحل/90).
وتارة يقرن عبادته سبحانه وتعالي بالإحسان إليهم قال تعالى : " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً "(النسا/36) .وقال تعالى : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراًإِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً " (الإسراء/2).
وتارة يقرن عبادته سبحانه وتعالي بالإحسان إليهم قال تعالى : " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً "(النسا/36) .وقال تعالى : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراًإِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً " (الإسراء/2).
وتارة يبين فضائل صلة الرحم قال تعالى : " فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه وأولئك هم المفلحون"(الروم /28).
كما أنه سبحانه عظم قدر الأرحام فقال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً " (النساء/1).
وتارة يبين عقوبة قاطع الرحم ويتوعده بأشد الوعيد في الدنيا وفي الآخرة قال سبحانه وتعالى : " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" (محمد/23).وقال سبحانه وتعالى :" وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" (الرعد/25).
صلة الرحم في السنة المطهرة :
أيها الأحباب :"وقد أولت السنة صلة الرحم عناية فائقة وقد وردت أحاديث كثيرة فيها الأمر بصلة الرحم وبيان ثواب الواصل والنهي عن قطيعة الرحم وبيان عقاب القاطع منها :عن أنس-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله : "إن الرحم شُجْنةُ متمِسكة بالعرش تكلم بلسان ذُلَق ، اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني ، فيقول ـ تبارك وتعالى ـ : أنا الرحمن الرحيم ، و إني شققت للرحم من اسمي ، فمن وصلها وصلته،ومن نكثها نكثه"( البزار وإسناده حسن والترغيب والترهيب ).وعن أبي ذر- رضي الله عنه- أنه قال : " أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومةُ لائم ، وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت "( الطبراني في الصغير والكبير).وعن عائشة_ رضي الله عنها_ قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله،ومن قطعني قطعه الله "(البخاري ومسلم) .
صلة الرحم سبب من أسباب بسط الأرزاق وطول الأعمار :"عن أنس بن مالك_ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سرهُ أن يبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثرة فليصل رحمه"( البخاري ومسلم ). وقيل : إن معنى زيادة العمر وبسط الرزق أن يبارك الله في عمر الإنسان ورزقه فيعمل في وقته ما لا يعمله غيره فيه.وقيل : إن معنى زيادة العمر وبسط الرزق على حقيقتها فيزيد الله في عمره ويزيد في رزقه ولا يشكل على هذا أن الأجل محدود والرزق مكتوب فكيف يزاد ؟ وذلك لأن الأجل والرزق على نوعين : أجل مطلق يعلمه الله وأجل مقيد, ورزق مطلق يعلمه ورزق مقيد, فالمطلق هو ما علمه الله أنه يؤجله إليه أو ما علمه الله أنه يرزقه فهذا لا يتغير, والثاني يكون كتبه الله واعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب .
سبب من أسباب دخول الجنة :"وقد عد الرسول صلي الله عليه وسلم صلة الرحم سبب من أسباب دخول الجنة عن عبدا لله بن سلام _ رضي الله عنه_قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، انجفل الناس قِبَلهُ . وقيل : قد قدم رسول لله صلى الله عليه وسلم ، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً فجئت في الناس لأنظُرَ فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ،فكان أول شيء سمعتهُ تكلم به أن قال : " يا أيها الناس أفشوا السلام ،وأطعموا الطعام،وصلوا الأرحام،وصلوا بالليل والناس نيام،تدخلوا الجنة بسلام"(الترمذي.وابن ماجه وأحمد). وعن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : "أخبرني بعمل يدخلني الجنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تعبد الله،ولا تشرك به شيئاً،وتقيم الصلاة،وتؤتي الزكاة،وتصل الرحم|( البخاري) . وعن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يدخل الجنة قاطع" أي قاطع رحم .
وصلة الرحم عنوان الإيمان بالله عز وجل :"عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه،ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"(البخاري ومسلم ).
قاطع الرحم لا يرفع له عمل ولا يقبل من صرف ولاعدل :"عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم "( أحمد ).
قاطع الرحم ضمن الذين تحرم عليهم الجنة :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع الرحم"( أحمد)
صلة الرحم سبب لصلة الله للواصل :"في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة : "إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فهو لك"( البخاري ومسلم).
صلة الرحم امتثال لأمر الله قال تعالى :" والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب" ( الرعد/ 21) .
صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله: "فقد سأل رجل من خثعم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله، قال: ثم مه ؟ قال: ثم صلة الرحم، قال: ثم مه ؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله ؟ قال : الإشراك بالله ، قال: قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قال: قلت يا رسول الله ثم مه ؟ قال : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف"0 أبو يعلى بإسناد جيد و المنذري في الترغيب والترهيب .
صلة الرحم تنفيذ لوصية النبي صلى الله عليه وسلم :"في حديث أبي ذر أنه قال " أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومة لائم وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت"( مجمع الزوائد و الطبراني في الصغير والكبير ورجاله رجال الصحيح غير سلام بن المنذر وهو ثقة).
صلة الرحم تعجل الثواب وقطيعتها تعجل العقاب:" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ليس شيء أُطِيع الله فيه أعجل ثواباً من صلة الرحم وليس شيء أعجل عقاباً من البغي وقطيعة الرحم"(البيهقي ).
صلة الرحم تدفع ميتة السوء:" عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه)) أحمد والمنذري في الترغيب والترهيب ).
صلة الرحم أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة:" عن عقبة بن عامر أنه قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرته فأخذت بيده وبدرني فأخذ بيدي فقال : " يا عقبة ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك, ألا ومن أراد أن يمد له في عمره ويبسط في رزقه فليصل ذا رحمه "(الحاكم في المستدرك وذكره المنذري في الترغيب والترهيب).
صلة الرحم تثمر الأموال وتعمر الديار عند أحمد ورجاله ثقات عن عائشة رضي الله عنها :" صلة الرحم وحسن الجوار أو حسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار"( أحمد والترغيب والترهيب).
الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم : رواه البخاري في الأدب المفرد قال الطيبي يحتمل أن يراد بالقوم الذين يساعدونه على قطيعة الرحم ولا ينكرونه عليه, ويحتمل أن يراد بالرحمة المطر وأنه يحبس عن الناس بشؤم التقاطع.(فتح الباري 10/415).
كيف يعرف قاطع رحمه ؟
كيف يعرف قاطع رحمه ؟
أيها الناس :" وهناك أمور تعرف بها قاطع الرحم زيادة علي سواد وجهه وغلظة قلبه فتجده عديم الصدقة على المحتاج من الأرحام, فبعض الأسر فيها أغنياء ومع ذلك تجد أن فيها فقراء محتاجين ربما تصلهم المساعدات من الأباعد.عدم الإهداء إما بخلاً وإما اعتقاداً بأن الموصول ليس بحاجة وأنه ربما يفهمها خطأ بأن هذا ما أعطاه إلا لأنه رأى عليه آثار الحاجة, ومعلوم أن الهدية تجلب المودة وفي الحديث : "تهادوا تحابوا " وعدم التزاور بين الأرحام فربما مضت الأيام والشهور والسنون ولم ير الأرحام بعضهم بعضاً وعدم مشاركة الأرحام أفراحهم وأحزانهم.وعدم الحضور إلى اجتماع الأرحام إن كان لهم اجتماع.وعدم وصل الأقارب إلا إذا وصلوه, وهذا في الحقيقة ليس واصلاً وإنما هو مكافئ في الحديث :" ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها"(البخاري).وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: " يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي, فقال : لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك"0مسلم). وعدم دعوتهم إلى الهدي وعدم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.و تحزيب الأقارب وتفريق شملهم وجعلهم جماعات متنافرة.3و الإساءة إلى الأرحام بالقول أو الفعل.وغيرها من الأمور.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين .أما بعد فياجماعة الإسلام:لازلنا نواصل الحديث حول هذا الموضوع الهام ونريد ان نجيب علي بعض الأسئلة إتماما للفائدة وحتي نخرج بالعظة الحسنة .. ونقول اولاً :"
ماهي الأسباب التي تؤدي لقطيعة الرحم ؟
أيها الناس :" و الأسباب التي تؤدي إلي قطيعة الرحم كثيرة منها الجهل بفضل صلة الرحم وعاقبة قطيعتها.و ضعف الدين وبالتالي يزهد بالثواب على صلة الرحم, ولا يأبه للعقاب على قطيعتها.والكِبر: بأن يكون غنياً أو آتاه الله منصباً رفيعاً أو جاهاً عريضاً فيستنكف أن يبادر هو بصلة رحمه.والتقليد للوالدين: إذ ربما لم ير من أبيه أنه يصل أقاربه فيصعب على الابن وصل قرابة أبيه, وكذلك بالنسبة للأم.و الانقطاع الطويل, فعندما ينقطع عن أرحامه وقتاً طويلاً يستصعب أن يصلهم ويسوف حتى تتولد الوحشة بينهم ويألف القطيعة.
والعتاب الشديد فبعض الأرحام عندما تزوره يبدأ بمعاتبتك لماذا لم تزرني لماذا ولماذا حتى يضيق الزائر بذلك ويحسب للزيارة الأخرى ألف حساب.و الشح والبخل: فقد يكون غنياً ولأنه يخاف أن يطلب أرحامه منه شيئاً يتهرب عنهم. والتكلف عند الزيارة: وهذا يضيق به المتكلف والمتكلف له.و قلة الاهتمام بالزائر: وهذا عكس السابق والخير في الوسط.ورغبته عدم إطلاع أرحامه على حاله: فبعض الأغنياء يخرج زكاته إلى الأباعد ويترك الأرحام ويقول إذا أعطيت الأرحام عرفوا مقدار ما عندي.
و تأخير قسمة الميراث أو أكله : مما يسبب العداوة بينهم وربما اتهم كل واحد الآخر وأنه يريد أن يأكل من الميراث وهكذا.والانشغال بالدنيا مما يجعل الإنسان لا يجد وقتاً للوصل.
و الخجل المذموم: فتراه لا يذهب إلى رحمه خجلاً منه, ويترك التزاور والصلة بزعمه إلى أن تحين مناسبة.والاستغراب والتعجب الذي يجده الزائر من المزور, فبعض الأرحام عندما تزوره دون أن يكون هناك مناسبة للزيارة كعيد أو وليمة تجده وأنت تسلم عليه مستغرباً متعجباً من زيارتك ينتظر منك إبداء السبب لزيارته, وربما فسر زيارتك له بأن وراءها ما وراءها, وهذا يولد شعوراً عكسياً عند الزائر.و بعد المسافة بين الأرحام مما يولد التكاسل عند الزيارة.و قلة تحمل الأقارب وعدم الصبر عليهم, فأدنى كلمة وأقل هفوة تسبب التقاطع.
و نسيان الأقارب في دعوتهم عند المناسبات مما يجعل هذا المنسي يفسر هذا النسيان بأنه احتقار لشخصه فيقوده هذا إلى قطع رحمه.
و الخجل المذموم: فتراه لا يذهب إلى رحمه خجلاً منه, ويترك التزاور والصلة بزعمه إلى أن تحين مناسبة.والاستغراب والتعجب الذي يجده الزائر من المزور, فبعض الأرحام عندما تزوره دون أن يكون هناك مناسبة للزيارة كعيد أو وليمة تجده وأنت تسلم عليه مستغرباً متعجباً من زيارتك ينتظر منك إبداء السبب لزيارته, وربما فسر زيارتك له بأن وراءها ما وراءها, وهذا يولد شعوراً عكسياً عند الزائر.و بعد المسافة بين الأرحام مما يولد التكاسل عند الزيارة.و قلة تحمل الأقارب وعدم الصبر عليهم, فأدنى كلمة وأقل هفوة تسبب التقاطع.
و نسيان الأقارب في دعوتهم عند المناسبات مما يجعل هذا المنسي يفسر هذا النسيان بأنه احتقار لشخصه فيقوده هذا إلى قطع رحمه.
و الحسد: قد يكون في العائلة غنياً أو وجيهاً له مكانته في العائلة فيحسده بعض أفراد العائلة على ما آتاه الله من فضله.وعدم الاحترام المتبادل بين أفراد العائلة وربما أدى ذلك إلى التقاطع, فالذي يسخر منه ويستهزأ به عند اجتماع العائلة لن يأتي إلى هذا الاجتماع مرة أخرى.و سوء الظن: بعض الأقارب قد يطلب من قريبه حاجة فلا يستطيع تلبيتها له, ويعتذر منه فيسيء هذا الطالب الظن بقريبه ويتهمه أنه يستطيع ومع ذلك لم يفعل وله مقاصد في رفضه وهذا يولد نفرة وتباغض. وربما ظن بعض الأقارب بقريبهم أنه غني وعنده مال ومع ذلك لا يعطيهم وقد يكون هذا الشخص محملاً بالديون وإن أظهر للناس الغنى, ومن سوء الظن التفسيرات الخاطئة للمواقف . السعي بالنميمة: فالنمام يفسد بين الناس يأتي لهذا القريب وينقل له كلاماً من قريب آخر يسبب هذا النقل تغير الود بينهما.* قد يكون السبب من بعض الزوجات : إذ إن هناك من الزوجات من تنفر زوجها من أقاربه , ولا تريدهم فتقول وتعمل ما يجعل هذا الزوج ينفر من أرحامه.فمثلاً بعض الزوجات تحاول إبعاد زوجها عن أرحامه بكلامها فإذا تكلمت معه قالت فلان لا يحبك فلان لا يحترمك فلان يحتقرك إنما جاءك لحاجة فإن لم تكن حاجة نسيك.
وربما استغلت بعض المواقف لتدلل على قولها , مما يثير حفيظة هذا الزوج على أرحامه.وبعضهن تتضايق من زوجها عندما يصل أرحامه وتغضب وتفتعل الخلاف معه مما ينغص عليه عيشه فيضطر إلى ترك وصل أرحامه.
وبعضهن تقف في طريقه عندما يريد استضافة أرحامه وبعضهن تظهر العبوس والتضايق عندما يأتي أرحام زوجها مما يجعلهم يتراجعون عن زيارته مرة أخرى.
وبعضهن تغار على زوجها من أخواته وربما من أمه ومحارمه فتبدأ بلومه وتقريعه على ممازحته لأخته ومضاحكته لابنة أخيه وهكذا حتى يتضايق من ذلك ويترك هذا خوفاً من لومة الزوجة العزيزة .ولا شك أن على الزوج أن لا ينقاد لأمر زوجته فيما يغضب الله ويسبب قطيعة الرحم وعدم وصلها.
وبعضهن تغار على زوجها من أخواته وربما من أمه ومحارمه فتبدأ بلومه وتقريعه على ممازحته لأخته ومضاحكته لابنة أخيه وهكذا حتى يتضايق من ذلك ويترك هذا خوفاً من لومة الزوجة العزيزة .ولا شك أن على الزوج أن لا ينقاد لأمر زوجته فيما يغضب الله ويسبب قطيعة الرحم وعدم وصلها.
قد يكون من الأسباب المعاملات المالية إذ يكون هذا اشترى من هذا شيئاً فتبين له أنه غشه أو انتقص هذا من الثمن, أو أقرضه وماطل في السداد ونحو ذلك من المعاملات المالية.وقد يكون من الأسباب شيوع بعض الأمثلة الشعبية الخاطئة مثل :"ا لأخ فخ والعم غم والخال وبال والأقارب عقارب"الخ هذه الأمثال التي من شأنها هدم ثوابت الدين ..وللأسف الشديد يتعامل بها الكثير ممن ضعف إيمانهم ..
كيف أكون واصلاً لاجافياً ؟
إذا أردت أن تصل رحمك فعليك بالأمور الآتية : معرفة ما أعده الله للواصلين من ثواب وما توعد به القاطعين من عقاب. قابل الإساءة منهم بالعفو والإحسان ففي الحديث :" لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك"(0مسلم)
قبول اعتذارهم عن الخطأ الذي وقعوا فيه إذا اعتذروا. التواضع ولين الجانب. التغاضي والتغافل: فلا يتوقف عند كل زلة أو عند كل موقف ويبحث لهم عن المعاذير, ويحسن الظن فيهم.بذل ما استطاع من الخدمة بالنفس أو الجاه أو المال.ترك المنة عليهم والبعد عن مطالبتهم بالمثل. الرضا بالقليل من الأقارب, ولا يعود نفسه على استيفاء حقه كاملاً فهم نفسياتهم وإنزالهم منازلهم. ترك التكلف بين الأقارب. عدم الإكثار من المعاتبة. تحمل عتاب الأقارب إذا عاتبوا واحملها على أنها من شدة حبهم لك. عدم نسيان الأقارب في المناسبات والولائم.تعجيل قسمة الميراث. الاجتماعات الدورية. اصطحاب أولادك معك لزيارة الأقارب لتعويدهم على الصلة ولتعريفهم بأقاربهم. حفظ الأنساب والتعرف على الأقارب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم "( الترمذي وحسنه ).
قبول اعتذارهم عن الخطأ الذي وقعوا فيه إذا اعتذروا. التواضع ولين الجانب. التغاضي والتغافل: فلا يتوقف عند كل زلة أو عند كل موقف ويبحث لهم عن المعاذير, ويحسن الظن فيهم.بذل ما استطاع من الخدمة بالنفس أو الجاه أو المال.ترك المنة عليهم والبعد عن مطالبتهم بالمثل. الرضا بالقليل من الأقارب, ولا يعود نفسه على استيفاء حقه كاملاً فهم نفسياتهم وإنزالهم منازلهم. ترك التكلف بين الأقارب. عدم الإكثار من المعاتبة. تحمل عتاب الأقارب إذا عاتبوا واحملها على أنها من شدة حبهم لك. عدم نسيان الأقارب في المناسبات والولائم.تعجيل قسمة الميراث. الاجتماعات الدورية. اصطحاب أولادك معك لزيارة الأقارب لتعويدهم على الصلة ولتعريفهم بأقاربهم. حفظ الأنساب والتعرف على الأقارب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم "( الترمذي وحسنه ).
بما تزداد أواصر المحبة والصلة ؟
تختلف الصلة بحسب حاجة الموصول وحسب قدرة الواصل, فإذا كان الموصول
محتاجاً لشيء ما وأنت تقدر عليه فإنك تصله بهذا الشيء, كما تختلف الصلة
بحسب قرب الرحم منك وبعده عنك فما تصل به الخال قد يختلف عما تصل به
أبناء عمك. وعموماً الصلة يمكن أن تكون بما يلي: الزيارة : بأن تذهب إليهم في أماكنهم.والاستضافة : بأن تستضيفهم عندك في مكانك.و تفقدهم والسؤال عنهم والسلام عليهم: تسأل عن أحوالهم سواء سألتهم عن طريق الهاتف أو بلغت سلامك وسؤالك من ينقله إليهم , أو أرسلت ذلك عن طريق رسالة.وإعطاؤهم من مالك سواء كان هذا الإعطاء صدقة إذا كان الموصول محتاجاً أو هدية إن لم يكن محتاجاً, وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة "(النسائي والترمذي ).
توقير كبيرهم ورحمة ضعيفهم.وإنزالهم منازلهم التي يستحقونها وإعلاء شأنهم.ومشاركتهم في أفراحهم بتهنئتهم ومواساتهم في أحزانهم بتعزيتهم, فمثلاً هذا تزوج أو رزق بمولود أو توظف أو غير ذلك تشاركه الفرحة بهدية أو مقابلة تظهر فيها الفرح والسرور بفرحة أو مكالمة تضمنها تبريكاتك وإظهار فرحك بما رزقوا, فإن مات لهم أحد أو أصيبوا بمصيبة تواسيهم وتحاول أن تخفف عنهم وتذكرهم بالصبر والأجر للصابرين, وتظهر لهم حزنك لما أصابهم.وعيادة مرضاهم.و إتباع جنائزهم و إجابة دعوتهم, إذا وجهوا لك الدعوة فلا تتخلف إلا لعذر.وسلامة الصدر نحوهم فلا تحمل الحقد الدفين عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا.وإصلاح ذات البين بينهم, فإذا علمت بفساد علاقة بعضهم ببعض بادرت بالإصلاح وتقريب وجهات النظر ومحاولة إعادة العلاقة بينهم .و الدعاء لهم,وهذا يملكه كل أحد ويحتاجه كل أحد.ودعوتهم إلى الهدى وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالأسلوب المناسب
أسأل الله عز وجل أن ينفعنا بما قلنا و سمعنا وأن يجعله حجة لنا لا علينا اللهم أغفر لنا و لوالدينا ولإخواننا المسلمين، ربنا هب لنا من أزواجنا… ربنا لا تزغ قلوبنا ... ربنا أتنا في الدنيا حسنة.
تعليقات: (0) إضافة تعليق