الخطبة الأولى
أما بعد:
إخوة العقيدة الإسلامية:
حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عن {تحفة الأنام بعالمية
وخصوصيات الإسلام} لنتحدث وكلنا فخر أننا من تلك الملة الحنيفية الغراء شريعة رب الأرض
والسماء التي جاء بها سيد الأنبياء وإمام الأصفياء رحمة للعالمين –صلى الله عليه وسلم
ومما زادني فخرا وتيها **** وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي**** وأّن سيرت أحمد لي نبيا
كل القلوب إلى الحبيب تميل**** ومعي بهذا شاهد ودليلُ
أما الدليل إذا ذكرت محمدا**** صارت دموع العاشقين
تسيلُ
هذا مقالي فيك يا خير الورى**** ومدحي فيك يا رسول
الله قليلُ
هذا رسول الله نبراس الهدى**** هذا لكل العالمين رسولُ
أدلة عالمية الإسلام
اعلموا علمني الله و إياكم :أنه قد أكدت هذه العالمية
آيات القرآن الكريم، كما بينتها الأحاديث النبوية والسلوك النبوي الشريف، وهي كثيرة
نستعرض بعضاً منها:
الله تعالى هو رب العالمين الذي قرر ذلك في آيات كثيرة
قال الله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) { العالمين} جمع عالم وهو
كل موجود سوى اللّه عزّ وجلّ، وهو جمعٌ لا واحد له من لفظه، والعوالم أصناف المخلوقات
في السماوات، وفي البر، والبحر. وقال الفراء وأبو عبيد، العالم عبارة عمّا يعقل وهم
الإنس والجن والملائكة والشياطين، قال القرطبي: وهذا هو الصحيح أنه شامل لكل العالمين
قال تعالى: { قال فرعون وما ربُّ العالمين؟ قال ربُّ السموات والأرض وما بينهما إن
كنتم موقنين}
القران الكريم وهو كتابي عالمي: لكل أفراد البشرية
فخطاب القران يخاطب جميع الأجناس قال الله تعالى (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ
يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ
الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾[سورة ص
الآية : 87]
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾[سورة التكوير
الآية : 27] ﴿ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ
﴾
و من أدلة عالمية الإسلام أن الله تحدى الإنس و الجن
أن يأتوا بمثل القران الكريم فنجد أن القرآن تحدى الله به الكفار والمخالفين في جميع
العصور والأزمان إلى يوم القيامة {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى
أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } .
و الكعبة المشرفة وجهة للعالمين و قبلة للبشرية جمعاء
متى امنوا برب الأرض و السماء﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾[سورة آل عمران : الآية 96]
النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم رسول الله للعالمين:
الإنس و الجن الأبيض و الأسود العربي و العجمي
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ
﴾[ سورة الأنبياء الآية : 17]
عالمية الإسلام من خصائص الرسالة المحمدية
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ
قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا
وَطَهُورًا فَأَيْنَمَا أَدْرَكَ الرَّجُلَ مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةُ يُصَلِّي وَأُعْطِيتُ
الشَّفَاعَةَ وَلَمْ يُعْطَ نَبِيٌّ قَبْلِي وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَكَانَ
النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً. ([1])
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي رَجُلٌ
مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنْ بِي
إِلَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ» ([2])
قال الإمام ابن أبي العز: وهذا معلوم من الدين بالضرورة،
أي أن: عموم بعثته إِلَى جميع العالمين مسألة مجمع عليها بين الْمُسْلِمِينَ وهي معلومة
من الدين بالضرورة، أي أن فيها المعرفة البديهية التي يجدها الإِنسَان في نفسه ضرورة
دون حاجة إِلَى استدلال ولا بحث ولا نظر، فكل مسلم يعلم ضرورة من نفسه أن محمداً صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو رَسُول الله إِلَى العالمين أجمعين، ولم يخالف فيها إلا
طائفتان من غير الْمُسْلِمِينَ.
مظاهر عالمية الإسلام
الخاصية الأولى: أنه دين رباني
إخوة الإسلام: إن دين الإسلام دين يتصف بالربانية ومعنى
الربانية أنه أن الدين الإسلامي، مـادته ومنشـأه ونهايتـه من الرب سبحانـه وتعالى،
فالإسلام شريعته ربانية:
رباني العقيدة
إن العقيدة في الإسلام مصدرها و منبعها من الواحد الأحد
الفرد الصمد الذي لا شريك له في ملكه ولا سند، فليس لأحد أن يغير أو يبدل في تلك القعيدة
كما نرى في الأديان والمعتقدات الأخرى قال الله تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19]
وقرر العقيدة في صورة الإخلاص فقال سبحانه {ُقالْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
رباني العبادات: و معنى رباني العبادة أيها الإخوة:
إن العبادات مبنية على التوقف، مصدرها الله تعالى “، أو “مبنى العبادات على التوقيف”:
أنه لا يجوز التعبد لله تعالى بعبادة إلا إذا كانت هذه العبادة قد ثبتت في النصوص الشرعية
(الكتاب والسنة) أنها عبادة شرعها الله تعالى.
فلا تشرع عبادة من العبادات إلا بدليل شرعي يدل على
ذلك ….قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (تَرَكْنَا رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الهَوَاءِ – إِلَّا
وَهُوَ يُذَكِّرُنَا مِنْهُ عِلْمًا، قَالَ: فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الجَنَّةِ، ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ؛ إِلَّا وَقَدْ
بُيِّنَ لَكُمْ). . ([3])
الأول: ألا يعبد إلا الله. فلا عبادة لأحد سواه، ولا
لشيء سواه، كائنا ما كان، في الأرض أو في السماء، عاقلا أو غير عاقل، وهذا ما تقتضيه
ربانية الغاية والوجهة.
والثاني: ألا يعبد الله إلا بما شرعه. وما شرعه إنما
يعرف بواسطة رسله المبلغين عنه، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي نسخ شرعه كل
شرع قبله، والذي كتب الله له الخلود، وتكفل بحفظه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
رباني التشريع : فالله تعالى هو الذي شرع الشرائع و
حد الحدود فأحكامه كلها ربانية المصدر ليس
لبشر ان يغير فيها او يبدل قال الله عز وجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة/3
؛ فقد أكمل الله تعالى لنا الدين ، فما لم يشرعه الله تعالى فليس من الدين ، و هو العليم
الخبير الذي يعلم ما يصلحنا في الدين و الدنيا و الأخرة
الخاصية الثانية شمولية العموم للبشرية جمعاء
إخوة العقيدة ومعنى الشمولية : أنه شامل لشتى مناحي
الحياة العقائدية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والعسكرية
ومن معاني الشمولية انه شامل لكل العصور والأمصار فهو
يصلح كل زمان ومكان لا الذي شرعه هو العليم الخبير
شمولية الرسول والرسالة
قال الله تعالى﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي
رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ
الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
﴾ [الأعراف: 158].
ويقول عز وجل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً
لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ:
28قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام:162]، ﴿ ونَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ
شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل:89].،
شمولية شريعة الإسلام لجميع مراحل حياة الإنسان:
فالإسلام دين يهتم بالإنسان قبل أن يكون نطفة باختيار
الزوج والزوجة الصالحة ثم يهتم به جنينا ثم طفلا ثم شابا ثم شيخا حتى خروج روحه حتى
ينتهى من دفته
شمولية شاملة كاملة
واسمع هذا الحديث عن سلمان الفارسي – رضي الله عنه
– كيف يرد على من قال له: “قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، قال سلمان: أجل نهانا
أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وألا نستنجي باليمين وألا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار،
وألا نستنجي بالرجيع أو عظم” انظر مختصر صحيح مسلم.
فتدبر قوله: “علمكم نبيكم كل شيء..”، وكيف اعترف سلمان
– رضي الله عنه – بذلك وزد الأمر إيضاحاً بتلك الأمثلة التي ذكرها.
شمولية التكافل الاجتماعي في الإسلام:
واخوة الإسلام فديننا دين اجتماعي يسعى الى التكافل
و التوازن الاجتماعي فهو لا ينتصر لطائفة على الأخرى ولا يفضل جنسا على حنس ولا لونا
على لون بل الكل يقع تحت بند الشمولية الاجتاعية {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ
مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ:
” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ،
أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ
، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ،
إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ “، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَالَ:
” أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ “، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: ” أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟
“، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: ” أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ “، قَالُوا
بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: ” فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ
” ـ قَالَ: وَلَا أَدْرِي قَالَ: أَوْ أَعْرَاضَكُمْ، أَمْ لَا ـ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ
هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَلَّغْتُ “، قَالُوا: بَلَّغَ
رَسُولُ اللهِ، قَالَ: ” لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ” ([4])
لذا دعا الأغنياء إلى الإحسان إلى الفقراء { فَلَا
اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ
(13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15)
أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}
[البلد: 11 – 18]
الخاصية الثالثة أنه دين وسط والتوازن
الوسطية و التوازن سمة بارزة من سمات الشرع الحنيف،
فهذه الشريعة الربانية متسمة بأنها شريعة السماحة، ورفع الحرج؛ لأنها موافقة للفطرة
السليمة للمرء، والإسلام وسط في كل القضايا الدينية، والدنيوية، والعبادات، والمعاملات،
ولذا حدد الله -عز وجل -أنه جعل هذه الأمة أمة وسطاً، ومنهجها منهجاً وسطياً.
فهي الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعاً فتقيم
بينهم العدل والقسط، وتضع لهم الموازين والقيم، وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي المعتمد،
وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها، وتقول: هذا حق منها وهذا
باطل، وهي شهيدة على الناس، وفي مقام الحكم العدل بينهم، والرسول صلى الله عليه وسلم
هو الذي يشهد عليها فيقرر لها موازينها وقيمها، ويحكم على أعمالها وتقاليدها ويزن ما
يصدر عنها ويقول فيها الكلمة الأخيرة وبهذا تتحدد حقيقة هذه الأمة ووظيفتها.
فالإسلام أيها الإخوة وسط بين المادية المقيتة والروحية
الحالمة،
بين الواقعية المرة والمثالية التخيلية،
بين الفردية الطاغية والجماعية الساحقة،
بين الثبات الرتيب والتغير المضطرب،
بين الحاجات الملحة والقيم البعيدة،
بين العقلانية الباردة والعاطفية المتقدة،
بين نوازع الجسد ومتطلبات الروح.
والوسطية في الإسلام تنطلق من قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ
عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] وسطية الأمة بين أمم الأرض في التشريع والعبادة:
فلا شدة ولا تفريط في عبادة الله تعالى كما فعلت الأمم قبلها فمنهم من شدد على نفسه
فشُدِّد عليه قال الله تعالى: ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَاكَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ
إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ لَقَدْ رَدَّ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ التَّبَتُّلَ وَلَوْ
أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا “([5])
ومنهم من فرط وضيع وترك الأوامر واتبع الشهوات واختلفوا
على أنبيائهم فكان ذلك سببا من أسباب هلاكهم كما قال صلى الله عليه وسلم: « مَا نَهَيْتُكُمْ
عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ
فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفُهُمْ
عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ »([6])
وجاءت شريعة الأمة وسطاً بين طرفين وعدلاً بين ظلمين
هداها الله لها ومنَّ بها عليها قال تعالى: ﴿ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ
حَرَجٍ ﴾[وقال تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
﴾ فهذه إرادة الله لها يسرٌ في الأوامر ونهي عن الشدة.
قَالَ أبو مُوسَى رضي الله عنه كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِى بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ:
«بَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا».
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: «جَاءَ
ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا
أُخْبِرُوا؛ كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَقَدْ غَفَرَ (اللَّهُ) لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟! فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا؛ فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ
أَبَدًا، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنِّي أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ الْآخَرُ:
إِنِّي أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ” أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟!
أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ
وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ
سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». ([7])
إخوة الإسلام إن من خصائص عالمية الإسلام أنه دين التوازن:
التوازن بين الرغبات والضوابط
التوازن بين الروح والجسد
التوازن بين الترف والحرمان
فهو لا يقر المادية المغرقة والروحية المطلقة
و نجد هذا التوازن واضحا في آيات كثيرة نذكر منها قول
الله تعالى في قصة قارون {ابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا
تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا
تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } [القصص:
77]
عَن عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحْيَفَةَ، عَن أَبيهِ، رَضِي
اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم بَيْنَ
سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَجَاءَ سَلْمَانُ يَزُورُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى
أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ
لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ مِنَ النِّسَاءِ قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ
رَحَّبَ بِسَلْمَانَ وَقَرَّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامَ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: اطْعَمْ
قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَّا طَعِمْتَ فَمَا أَنَا بِآكِلٍ
حَتَّى تَأْكُلَ قَالَ: فَأَكَلَ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ
إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا أَعْطِ كُلَّ
ذِي حق حقه، صم وأفطر وقم ونام وَائْتِ أَهْلَكَ وَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ
ثُمَّ بات عنده سَلْمَانَ حَتَّى كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ أَبُو الدَّرْدَاءِ
فَحَبَسَهُ سَلْمَانُ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ قَالَ قُمِ الآنَ قَالَ فَقَامَا
فَصَلَّيَا، ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلاةِ فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيه وَسَلَّم قَامَ إِلَيْهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ لَهُ
سَلْمَانُ قَالَ: فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ سَلْمَانُ.([8])
الاعتدال في الإنفاق:
فالشريعة عندما دعت و حثت على الإنفاق لم تامر المسلم
إن ينفق ماله كله و أمرته بالتوازن في العطاء فقال رب الأرض و السماء {وَالَّذِينَ
إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا
} [الفرقان: 67]
وقال تعالى { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى
عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء:
29]
يقول الشيخ الشعراوي-رحمه الله – : إن الإنفاق المتوازن
يُثري حركة الحياة ، ويُسهم في إنمائها ورُقيّها ، على خلاف القَبْض والإمساك ، فإنه
يُعرقِل حركة الحياة ، وينتج عنه عطالة وبطالة وركود في الأسواق وكساد يفسد الحياة
، ويعرق حركتها .
إذن: لا بُدَّ من الإنفاق لكي تساهم في سَيْر عجلة
الحياة، ولا بُد أن يكون الإنفاق معتدلاً حتى تُبقِي على شيء من دَخْلك، تستطيع أن
ترتقي به ، وترفع من مستواك المادي في دنيا الناس .([9])
التوازن في المأكل والمشرب: المسلم لا يأكل حتى يشعر بحاجته للأكل، وإذا أكل
كان معتدلاً في طعامه دون أن يصل إلى مرحلة الشبع الكامل، وبين النبي عليه الصلاة والسلام
الميزان الحق، والمقدار الصحيح الذي يحقق سلامة الإنسان البدنية، ويحافظ على صحته،
قال الله تعالى {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ
زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ
هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [الأعراف: 31، 32]
عن الْمِقْدَامِ
بْنَ مَعْدِ يكَرِبَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الْآدَمِيِّ، لُقَيْمَاتٌ
يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتِ الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ، فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ
لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ».([10])
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه
هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، شرع الشرائع وأحكم الأحكام،
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، سيد الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام، ما تعاقبت الشهور
والأيام، وسلَّم تسليما كثيرا.
أما بعد:
صور من توازن النبي – صلى الله عليه وسلم-في العبادة
كان الحبيب
المحبوب – صلى الله عليه وسلم – يصوم بعض الأيام ويفطر بقية الأيام، فلم يكن يصوم الدهر
كله كصيام الرهاب، ولم يكن يفطر جميع الأيام، ويقلل الصيام كصيام المجوس. يصلي باعتدال،
فيقوم الليل حتّى تتفطر قدماه الشريفتين كما
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ
صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: ” كَانَ يَصُومُ حَتَّى
نَقُولَ: قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَامَ
مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ
كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا “([11])
الصورة الثانية
عَنْ خَارِجَـــــــةَ بْـــــــنِ زَيْـــــــدٍ،
أَنَّ نَفَرًا ، دَخَلُوا عَلَى أَبِيهِ: زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا
عَنْ بَعْضِ أَخْلَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
كُنْتُ جَارَهُ، فَكَانَ «إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بَعَثَ إِلَيَّ فَأَكْتُبُ
الْوَحْيَ، فَكُنَّا إِذَا ذَكَرْنَا الدُّنْيَا ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا
الْآخِرَةَ ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الطَّعَامَ ذَكَرَهُ مَعَنَا، فَكُلَّ
هَذَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ([12])
الصورة الثالثة: التوازن بين الأسرة والدعوة والعبادة
عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا: مَا كَانَ يَصْنَعُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
أَهْلِهِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ
خَرَجَ ([13])
الخاصية الرابعة: التجديد والانفتاح على القضايا المعاصرة.
إخوة الإسلام:
الله تعالى لما شرع الإسلام جعله مصلح لكل زمان و مكان فهو يواكب كل العصور
و الأمصار فهو متجدد دائما،- واستيعاب الإسلام لجميع التطورات الحاصلة ، وقدرته على
حل الإشكالات المستجدة عبر العصور .
وجد فيه الأعرابي في وسط البادية ما يصلحه وما يسعده
ووجد فيه أهل الحضر ما يواكب حضارتهم ومعيشتهم
ووجد العالم في عصر العولمة بغيته وضالته
فلكل حادثة حديث ولكل مقام مقال قول الله تعالى {سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ
فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ } [فصلت:
53، 54]
يقول الشيخ – محمد سيد طنطاوي –رحمه الله : سنطلع الناس
على دلائل وحدانيتنا وقدرتنا في أقطارا لسموات والأرض ، من شمس وقمر ونجوم ، وليل ونهار
، ورياح وأمطار ، وزرع وثمار ، ورعد وبرق وصواعق ، وجبال وبحار .
سنطلعهم على مظاهر قدرتنا في هذه الأشياء الخارجية
التي يرونها بأعينهم ، كما سنطلعهم على آثار قدرتنا فى أنفسهم عن طريق ما أودعنا فيهم
من حواس وقوى ، وعقل ، وروح ، وعن طريق ما يصيبهم من خير وشر ، ونعمة ونقمة .
ولقد صدق الله -تعالى -وعده، ففي كل يوم بل في كل ساعة،
يطلع الناس على أسرار جديدة في هذا الكون الهائل، وفى أنفسهم.
وكلها تدل على وحدانيته – تعالى – وقدرته ، وعلى صحة
دين الإِسلام الذى جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام .
وقوله -تعالى – : { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ
على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } استئناف مسوق لتوبيخ الكافرين على عنادهم مع ظهور الأدلة
على أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند ربه هو الحق المبين . ([14])
و لقد شهد بذلك المنصفين من غير المسلمين و الفضل ما شهدت به الأعداء
“(الدكتور شبرك النمساوي) إنّ البشرية لتفتخر بانتساب
رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع،
سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته “.
قال الدكتور ايزكو أنساباتو: ” إن الشريعة الإسلامية
تفوق في كثير من بحوثها الشرائع الأوروبية، بل هي التي تعطي للعالم أرسخ الشرائع ثباتا
“.
قال الأستاذ دافيد: ” فالشريعة الإسلامية لا تزال تعد
من الأنظمة ( الفقهية ) العظيمة في العالم الحديث “
وأخيرا عباد الله: فربكم هو رب العالمين الذي رباهم
وغذاهم بنعمه الظاهرة والباطنة
ودينكم خير الأديان الذي يصلح الزمان والمكان
وقرآنكم هو منهج حياة به يصلح الله كل البيئات والمجتمعات
ونبيكم – صلى الله عليه وسلم-هو الرحمة التي أرسلها
الله للعالمين
فعالمية الإسلام عالمية رسول ورسالة وعالمية خير وهداية
وعالمية توازن وشمولية فالحمد لله الذي فضلنا على الناس وسقانا من القران أروي كاس
وجعل نبينا خير نبي رعى وساس –صلى الله عليه وسلم
[1] – أخرجه الدارمى (1/374 ، رقم 1389) ، وعبد بن
حميد (ص 349 ، رقم 1154) ، والبخاري (1/128 ،
رقم 328) ، ومسلم (1/370 ، رقم 521) ،
[2] – التوحيد لابن منده (1/ 315) أخرجه مسلم
1531) ، وأحمد 21 / 317. 350، 396) ، والحاكم في المستدرك (2 / 372) .
[3] – رواه الطبراني في الكبير (1647) وصححه الألباني
في الصحيحة (1803) .
[4] – أحمد (5/411، رقم 23536) .
[5] – أخرجه البخاري في: 67 كتاب النكاح: 8 باب ما
يكره من التبتل والخصاء
[6] – أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (7288) ومسلم
(1337) والنسائي 5/ 110، وابن ماجة (2) والبغوي (99) وابن حبان (19)
[7] – أخرجه البخاري في: 67 كتاب النكاح: 1 باب الترغيب
في النكاح
[8] – رواه البخاري 4/170 – 171 والترمذي 3/290 والبيهقي
4/276 والسياق له وقال الترمذي:
[9] – تفسير الشعراوي (ص: 5165)
[10] – أخرجه : ابن ماجه ( 3349 ) ، والترمذي (
2380 ) ، والنسائي في ” الكبرى ” ( 6770 ) ، وقال الترمذي : (( حديث حسن صحيح )) .
[11] – أخرجه أحمد 6/128 و 143 و 165 و 189 و233 و268،
وابن أبي شيبة 3/103، والبخاري “1970” في الصوم: باب صوم شعبان، ومسلم “782” ص 811،
[12] – شرح السنة للبغوي (13/ 245)
[13] – أخرجه : البخاري 1/172 ( 676 ) .
[14] – الوسيط لسيد طنطاوي (ص: 3751)
تعليقات: (0) إضافة تعليق