القائمة الرئيسية

الصفحات

تكريم الله للنبي صلي الله عليه وسلم د/ أحمد محمد أبو عيد

 


 

الحمد لله القائم على كل نفس بما كسبت الرقيب على كل جارحة بما اجترحت المطلع على ضمائر القلوب بما هجفت الحسيب على خواطر عباده إذا اختلجت الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات والأرض تحركت أو سكنت يحاسبهم سبحانه لتعلم كل نفس ما قدمت وأخرت فلولا رحمة ربها لشقيت في صعيد القيامة وهلكت ولولا كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله لخابت وخسرت.

وأشهد أن لا إله إلا الله، كلمة قامت بها الأرض والسماوات وسجدت لأجلها جميع المخلوقات وبها أرسل الله الرسل وانزل الكتب وشرع الشرائع ولأجلها نصبت الموازين ووضعت الدواوين وقام سوق الجنة والنار وبها يعرض الخلق علي الله الواحد القهار.

واشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبد الله ورسوله

أضاءت الأرض نورا يوم مولده

**

وعطر الكون قاصيه ودانيه

ونادت الحور ما هذا الجمال

**

الذي يبدو لرائيه


لو قلت شمسا لقالوا أنت ظالمه

**

ولو قلت بدرا لقالوا أنت هاجيه
 

فمن أين للشمس أو للبدر بهجته

**

فالله أدبه سبحان باريه

صلاة وسلاما عليك يا رسول الله وعلي أصحابك الذين كانوا فرسان النهار عباد الليل وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين وسائر المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.

العناصر

أولًا:  تكريم الله للنبي ﷺ  

 ثانيًا: تكريم الله للنبي ﷺ  بين الأنبياء

ثالثًا: تكريم الله للنبي ﷺ  بين أمته  

رابعًا: تكريم الله للنبي ﷺ  يوم القيامة

خامسًا: قصائد في مدح النبي ﷺ

الموضوع

أولا: تكريم الله للنبي r

زكاه ربه في كل شيء

زكاه في عقله فقال: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) "النجم: 2"

وزكاه في بصره فقال: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) "النجم: 17"

وزكاه في فؤاده فقال: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) "النجم: 11"

وزكاه في صدره فقال: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) "الشرح: 1"

وزكاه في ذكره فقال: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) "الشرح: 4"،

وزكاه في علمه فقال: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) "النجم: 5".

وزكاه في صدقه فقال: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) "النجم: 3".

ثم أعطاه البشارة الكبرى والنعمة العظمي حيث زكاه كله فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم) "القلم: 4".

تكريمه في نسبه: عن وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r، يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ

وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ " ([1])

نسبٌ أضاءَ عمودهُ في رفعه

**

كالصبح فيه ترفُّعٌ وضياءُ

وشمائلٌ شهدَ العدوُّ بفضلها

**

والفضلُ ما شهدت به الأعداء




  

وقال آخر

من عهد آدم لم يزل تحمي له

**

في نسلها الأصلاب والأرحام

حتى تنقل في نكاح طــــــــاهر

**

ما ضم مجتمعين فيه حـــرام




  

فبدا كبدر التّمّ ليلة وضعـــــه

**

ما شان مطلعه المنير قتـــــام
 

فانجابت الظّلماء من أنــواره

**

والنّور لا يبقى عليه ظـــــلام

شكرا لمهديه إلينا نعمـــــــة

**

ليست تحيط بكنهها الأوهــــام

أن الله أقسم بحياته الشريفة: قال عز وجل: " لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)" سورة الحجر
قال الإمام ابن جرير الطبري: "وَقَوْله: " لَعَمْرك " يَقُول تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد r: وَحَيَاتك يَا مُحَمَّد، إِنَّ قَوْمك مِنْ قُرَيْش " لَفِي سَكْرَتهمْ يَعْمَهُونَ " يَقُول: لَفِي ضَلَالَتهمْ وَجَهْلهمْ يَتَرَدَّدُونَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل"

وقال الإمام القرطبي: "قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ بِأَجْمَعِهِمْ أَقْسَمَ اللَّه تَعَالَى هَاهُنَا بِحَيَاةِ مُحَمَّد r تَشْرِيفًا لَهُ، أَنَّ قَوْمه مِنْ قُرَيْش فِي سَكْرَتهمْ يَعْمَهُونَ وَفِي حَيْرَتهمْ يَتَرَدَّدُونَ

اشتق الله له أسماءً من أسمائه الحسني:

كما أنه سبحانه وتعالي اشتق له أسماءً من أسمائه الحسني فقال تعالي: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"(التوبة/128).

والله عز وجل من أسمائه رءوف رحيم قال تعالي: "وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"(النور/20).

قرن الله تعالى اسم نبيه باسمه في مواطن كثيرة: قرن اسم النبي محمد مع اسمه في شهادة الحق والدخول بالإسلام، ويصدح بها على المآذن إلى قيام الساعة.

وضم الإله اسم النبي إلى اسمه

**

إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجلـــــــــه

**

فذو العرش محمود وهذا محمـد




  

غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر: قال الله تعالى (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً) الفتح 1/2

جعله شمس الهداية ونور الروح الإنسانية إلى قيام الساعة:  يقول الله سبحانه وتعالى : "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا" الأحزاب

تكريمه r بظهور المعجزات الحسية على يديه: ومن ذلك حنين الجذع؛ وتسبيح الحصى بين يديه؛ وتكثير الطعام؛ وسلام الشجر والحجر عليه؛ وشكوى الجمل إليه؛ وكلام السباع له ……وغير ذلك كثير؛ وله شواهد وأدلة من السنة والسيرة لا يتسع المقام لذكرها!!!

ونحن نعلم أن هذه المعجزات كلها كانت تكريما له r.

عصمه الله من الأعداء:  قال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة 67

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ r يَحْرُسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ سورة المائدة آية 67، فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ r رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: " أَيُّهَا النَّاسُ، انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ " ([2])

ثانيا: تكريم الله للنبي صلي الله علية وسلم بين الأنبياء

فضل الله عز وجل نبيه محمد علي سائر الأنبياء والرسل الكرام: وهذا واضح في قوله تعالي:" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ للَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ "(البقرة/253).

والذي عليه المحققون من العلماء والمفسرين أن المقصود بقوله تعالي:" بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ "هو سيدنا محمد r لأنه هو صاحب الدرجات الرفيعة وصاحب المعجزة الخالدة المتمثلة في القرآن الكريم وصاحب الرسالة الجامعة لمحاسن الرسالات السماوية السابقة.

عموم رسالته r: كما أن الله عز وجل بعث كل نبي لأمته خاصة وبعث نبينا للناس عامة فقال تعالي: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "(سبأ/28)

يقول تعالى لعبده ورسوله محمد r تسليما "وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا " أي إلى جميع الخلائق من المكلفين.

لم يخاطبه الله باسمه المجرد كما خاطب سائر الأنبياء: مثل قوله تعالى لسيدنا يحي (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً) مريم 12

وقوله تعالى لسيدنا ادم u "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ) البقرة 35

وقوله تعالى لسيدنا عيسى u (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)

وقوله تعالى لسيدنا موسى u (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى) طه

وقوله تعالى لسيدنا إبراهيم u (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) الصافات

وقوله تعالى لسيدنا زكريا u (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً) مريم.

وقوله تعالى لسيدنا داود u (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ) ص 26

بل ناداه بأحب الأسماء إليه، باللقب الدال على تعظيمه وتكريمه بعز النبوة وشرف الرسالة، فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة 67

وقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) الأحزاب 45

ما من نبي بعثه الله إلا وقد أخذ الله عليه العهد والميثاق أن يؤمن بمحمد -r وينصره كما قال ربنا -جل وعلا -: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِين) "آل عمران: 81".

دعوة إبراهيم وبشارة عيسى عليهما السلامدعا الخليل إبراهيم u لأهل الحرم قائلاً: " رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ" البقرة/ 129.

وبشارة عيسى u في قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) الصف 6

تفضيله على الأنبياء بعدة خصال: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r-قَالَ «فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِىَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بي النَّبِيُّونَ» ([3]).

وعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ -r-قَالَ «مَثَلِى وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا وَيَقُولُونَ لَوْلاَ مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r: «فَأَنَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ جِئْتُ فَخَتَمْتُ الأَنْبِيَاءَ» ([4]).

وعن أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ»"([5]).

وقال تعالى "مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً " الأحزاب 40

ثالثا: تكريم الله للنبي r بين أمته

وجوب التأسي به: يقول الله تعالي: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ واليوم الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"(الأحزاب/21)

وجوب طاعته: قرن طاعته بطاعته فقال تعالي: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا"(النساء/80)

 وجعل طاعته علامة للفوز بالجنة فقال تعالي: "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"(الأحزاب/71).

حب النبي r فرض لازم على كل مسلم: فعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ r: " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " ([6])

لا يكتمل إيمان في قلب مسلم حتى يقدم حب النبي على نفسه وماله ووالده وولده: لأن محبته من محبة الله عز وجل قال تعالي:" قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ"(التوبة/24).

وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ r ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ r : " لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ " ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ r: " الْآنَ يَا  عُمَرُ " ([7])

ويكفي من أحبه مكانة ودرجة ورفعة انه يحشر معه، فعَنْ أَنَسٍ t أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ rعَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟، قَالَ: " وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ " قَالَ: لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ r، فَقَالَ: " أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ". قَالَ أَنَسٌفَمَا الحكماء: بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ r: " أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ "، قَالَ أَنَسٌفَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ r وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ "([8])

جعل المولي عز وجل لزوم محبته من محبة الرسول وإتباعه r علامة علي المحبة:  قال تعالي:" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"(آل عمران/31).

هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله كما ثبت في الصحيح عن رسول الله r أنه قال: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "([9]) ولهذا قال: " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم وهو أعظم من الأول كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تحب إنما الشأن أن تحب

وقال الحسن البصري: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية فقال: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله".

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r، قَالَ: " كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟، قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ([10])

حذَّر الله سبحانه من مخالفته أشد التحذير:  فقال تعالى " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور

وجوب توقيره: لم  يكتفي القرآن الكريم في تكريم النبي الخاتم محمد r بوجوب طاعته ومحبته بل أوجب أيضاً-التزام توقيره وتعظيمه، ويكفي في ذلك قوله تعالي في مطلع سورة الحجرات:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ

 الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ "(الحجرات/3)

إنعام الله تعالي به على المؤمنين: ومن أسمي ألوان التكريم من الله عز وجل للنبي الخاتم r امتنانه سبحانه وتعالي على المؤمنين به كما في قوله عز وجل: "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ". (آل عمران/164).

وجوب الصلاة عليه r: قال تعالي:" إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"(الأحزاب/56).

وقد اوجب الله عز وجل الصلاة علي النبي r تكريماً له كما ذكر جمهور العلماء ففي تفسير أبي السعود لهذه الآية: "يصلون على النبي قيل الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار وقال ابن عباس t أراد أن الله يرحمه والملائكة يدعون له وعنه أيضا يصلون يبركون وقال أبو العالية صلاة الله تعالى عليه ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاتهم دعاؤهم له ..أي يعتنون بما فيه خيره وصلاح أمره ويهتمون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه وذلك من الله سبحانه بالرحمة ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار يأيها الذين آمنوا صلوا عليه اعتنوا انتم أيضا بذلك فإنكم أولى به وسلموا تسليما قائلين اللهم صل على محمد وسلم أو نحو ذلك وقيل المراد بالتسليم انقياد أمره والآية دليل على وجوب الصلاة والسلام عليه مطلقا من غير تعرض لوجوب التكرار وعدمه([11]).

صلى عليه الله في ملكوته


**

ما قام عبد في الصلاة وكبرا

صلى عليه الله في ملكوته

**

ما عاقب الليل النهار وأدبرا

صلى عليه الله في ملكوته

**

ما دارت الأفلاك أو نجم سرا

وعليه من لدن الإله تحية

**

روح وريحان بطيب أثمرا

جعل طاعته موجبة للرحمة: قال تعالي "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "آل عمران

الاستجابة له موجبة للحياة السعيدة: قال تعالي "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" الأنفال

معصيته موجبة للضلال المبين: قال تعالي "وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا "الأحزاب

إيذائه موجب العذاب الأليم: قال تعالي "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" التوبة

رابعا: تكريم الله للنبي r يوم القيامة

صاحب الشفاعة:عن أبي هريرة قال رسول الله rأنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس منهم فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبونا أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح ; فيأتون نوحا فيقولون: أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله " عبدا شكورا " اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم نوح: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم ; فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم؟ أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى ; فيأتون موسى فيقولون: يا موسى! أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قتلت نفسا لم أومر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى ; فيأتون عيسى! فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد ; فيأتوني فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ ; فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول: يا رب! أمتي أمتي فيقال: يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب والذي نفسي بيده إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصري " ([12])

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:" لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ؛ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ

شَيْئًا" ([13])

شهادة النبي r وأمته على جميع الأنبياء والأمم يوم القيامةفعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: " يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فيقولون نَعَمْ، فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيُقَالُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ r وَأُمَّتُهُ، قَالَ: فَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: "جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ" (البقرة: 143)، قَال: وَالْوَسَطُ: الْعَدْلُ " ([14])

 فأمة محمد تشهد لنوح وغيره بأنهم بلغوا ونصحوا بموجب ما جاء في القرآن كما صرحت بذلك روايات أخرى للحديث؛ وهذا تكريم وتشريف ما بعده تشريف ولا تكريم؛ للنبي محمد r وأمته!!

أول من يقرع باب الجنة ويدخلها: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r: «أَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ» ([15]).

صاحب أعلى منازل الجنة:  فَعَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرِو بْنِ العاصِ t أَنه سَمِع رسُولَ اللَّهِ r يقُولُ : « إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا علَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى علَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ بِهَا عشْراً ، ثُمَّ سلُوا اللَّه لي الْوسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنزِلَةٌ في الجنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لعَبْدٍ منْ عِباد اللَّه وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو ، فَمنْ سَأَل ليَ الْوسِيلَة حَلَّتْ لَهُ الشَّفاعَةُ " ([16])

أعطاه الله نهر الكوثر: قال تعالى (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) الكوثر

وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ، فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ " 1 " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ " 2 " إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ " 3 " سورة الكوثر آية 3 "، ثُمَّ قَالَأَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ، وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ؟ ([17])

خامسا: قصائد في مدح النبي r

 مــن أينَ أبدأٌ والحديثُ غــرامُ؟

**

فالشعرُ يقصرُ والكلامُ كلامُ



مــن أينَ أبدأُ في مديح محمـــــــدٍ؟

**

لا الشعرُ ينصفهُ ولا الأقلامُ




  

هو صاحبُ الخلق الرفيع على المدى

**

هو قائدٌ للمسلمينَ همـــــــامُ
 

هو سيدُ الأخلاق دون منافـــــــــسِ

**

هو ملهمٌ هو قائدٌ مقــــــدامُ

مــــــاذا نقولُ عن الحبيب المصطفى

**

فمحمدٌ للعالمين إمــــــــــامُ

مـــــــاذا نقولُ عن الحبيـبِ المجتبى
      

**

في وصفهِ تتكسرُ الأقــــلامُ

يا سيدَ الثقلينٍ يا نورَ الهــــــــدى

**

مــــــاذا أقولُ تخونُنُي الأقلام

ترتلُ للحبيبِ فضـــــــــــــــائلَا

**

والفتـــحُ والأحــــزابُ والأنعـــــامُ


أثنى عليك في آياتـــــــــــــــــهِ 

**

والمدحُ في آياتــــــــهِ إنعـــــــام

صلى عليك الله يا نور الــــــهـــدى

**

مـــــا دارت الأفلاكُ والأجــــــرام

صلى عليكَ الله يا خيرَ الــــــورى

**

مـــــا مرت الساعاتُ والأيــــــــامُ

***************

كل القــلوب إلي الحبيب تميــــــل

**

ومعي بذلك شاهد ودلــيــــل  



أما الدلـــيل إذا ذكرت محمــــــــداً

**

صارت دموع العاشقين تسيل




  

يا سيد الكونين يا عــلم الهـــــدى

**

هذا المتيم في حمـاك نزيــــــل
 

لو صــادفتني من لدنك عنايـــــــة

**

لأزور طيبة والنخـيل جميل

هذا رســول الله هذا المصطفــــى

**

هذا لرب العالمين رســـــــول

هذا الذي رد العــــيون بكفـــــــه
      

**

لما بدت فوق الخدود تسـيــل

هذا الغمـــامة ظللته إذا مشـــــى

**

كانت تقيل إذا الحبـيب يقيـــل

هذا الذي شرف الضريح بجسمه

**

منهاجه للسالكين ســـبيـــــل


يـا رب إني قـد مدحـت محمــــــدًا

**

فيه ثوابي وللمديــح جزيـــل

صلى عليك الله يا عــلم الهـــدى

**

ما حن مشتاق وسـار دليــــل

***************

ومما زادني فخرا وتيهـــــا

**

وكدت بأخمصي أطأ الثريا



دخولي تحت قولك يا عبادي

**

وأّن سيرت أحمد لي نبيـا




  

***************

يا مصطفى من قبل نشأة آدم

**

والكون لم يفتح له إغلاق



أيروم مخلوق ثناء ك بعدما

**

أثنى على أخلاقك الخـلاق




  

***************

هو الحبيب الذي ترجى شفاعـته

**

لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــــــمِ



دعا إلى الله فالمستمسكون بــــه

**

مستمسكون بحبلٍ غير منفصم




  

وكلهم من رسول الله ملتمــــسٌ

**

غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
 

فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلـُقٍ

**

ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــــــــــرمِ

فانسب إلى ذاته ما شئت من شرف

**

وانسب إلى قدره ما شئت من عظم

فإن فضل رسول الله ليس له حد
      

**

فيعرف عنه ناطق بفم

فمبلغ العلم فيه أنه بشر

**

وأنه خير خلق الله كلهم

***************

الله زاد محمدا تكريمــــــــــــا

**

وحباه فضلا من لدنه عظيما



واختصه في المرسلين كريما

**

ذا رأفة بالمؤمنين رحيمــــا




  

صلوا عليه وسلموا تسليما

**

صلوا عليه وسلموا تسليما
 

***************

ولو وزنت به عرب وعجــــــــم

**

جعلت فداه ما بلغوه وزنـــــــــاً



إذا ذكر الخليل فذا حبيـــــــــــب

**

عليه الله في القرآن أثنـــــــــى




  

هو صاحبُ الخلقِ الرفيعِ على المدى

**

نجي العرش مفتقراً لتغنـــــــى
 

وإن الله كلم ذاك وحيــــــــــــــاً

**

وكلم ذا مخاطبة وأثنـــــــــــــى

ولو قابلت لفظة لن ترانـــــــي

**

لـ"ما كذب الفؤاد" فهمت معنى

فموسى خر مغشياً عليــــــــــه
      

**

وأحمد لم يكن ليزيغ ذهنـــــــــاً

وإن ذكروا سليمانًا بملـــــــــك 

**

فحاز به الكنوز وقد عرضنـــــا

فبطحا مكة ذهباً أباهــــــــــــــا

**

يبيد الملك واللذات تفنـــــــــــى


وإن يك درع داود لبوســـــــــاً

**

يقيه من اتّقاء البأس حصنـــــا

فدرع محمد القرآن لمــــــــــــا

**

تلا: "والله يعصمك" اطمــــأنا

وأغرق قومه في الأرض نوح

**

بدعوةِ: لا تذر أحداً فأفنـــــــى

ودعوة أحمد: رب اهد قومــي

**

فهم لا يعلمون كما علمنــــــــا

وكل المرسلين يقول: نفســـي

**

وأحمد: أمتي إنساً وجنـــــــــا

وكل الأنبياء بدور هـــــــــدي

**

وأنت الشمس أكملهم وأهـــدى

***************

يا مصطفى من قبل نشأة آدم

**

قد كنت نوراً زانه الإشراقُ



وفتحت ختم الفيض من كنز العما

**

والكون لم تفتح له إغلاق




  

أيروم مخلوقٌ ثناءك بعد مـــــا

**

كنت الثناء وشأنك الإطلاق
 

وظهرت من حمد الوجود بمظهرٍ

**

أثنى على أخلاقك الخلّاق

***************

وُلِدَ الهدى فالكائناتُ ضياء

**

وفمُ الزمانِ تَبَسُّمٌ وثناءُ



الروحُ، والملأ، الملائِكُ حوله

**

للدين والدنيا به بُشَراءُ




  

بك بشر اللهُ السماءَ فزينت

**

وتضوعت مسكا بك الغبراءُ
 

يوم يتيه على الزمان صباحه

**

ومساؤه بمحمد وضَّاء

***************

عذرا رسول الله إن قصرت في

**

وصف فإن جمالكم لن يـــوصفا



جاءت قديما ذره من نوركم

**

قد جمل الرحمن منها يوسف




  

والله لو جد العباقر كلـــــــهم في

**

وصف أفضـــال له لن تعرفا
 

والله لو ماء البحار بجــــــمعها

**

كان المداد لوصف أحمد ما كفى

والله لو قلم الزمان من البداية

**

إلى النهاية ظـــل يكتب ما اكتفى

والله لو قبر الرسول تفـــجرت
      

**

أنـــــــــواره للبـــدر ولى واختفى

يكفيه لقياً في السمـاوات العلى

**

وبحضـــرة المولى الجليل تشرفا

يكفيه أن البدر يخســـــف نوره

**

لكن نور نبينا لن يخسفا


***************

بأبي وأمي أنت يا خير الورى

**

وصلاة ربى والسلام معطرا



يا خاتم الرسل الكرام محمد

**

بالوحى والقران كنت مطهرا




  

لك يا رسول الله صدق محبة

**

فاقت محبة من على وجه الثري
 

لك يا رسول الله صدق محبة

**

لا تنتهي أبدا ولن تتغيرا

لك يا رسول الله منا نصرة

**

بالفعل والأقوال عما يفترى

***************

فوق المنابر يا بلابل غرد

**

في مولد الذكرى وذكرى المولد



يا ليلة الذكرى بهاؤك ساطع

**

وأريجك الفواح يعبق في الندى




  

يحيى النفوس ويبعث استئناسها

**

ويحيلها تواقة للسُؤْدُد
 

من مولد المختار اشرقت المني

**

وتقشعت سحب الأذى المتلبد

واهتزت الدنيا سرورا وانتشت

**

بالمرشد الهادي لأعذب مورد

ماذا أقول وأنت ملء جوارحي
      

**

أنـــــــــواره للبـــدر ولى واختفى

يا هذه الدنيا أصيحي واشهدي

**

أنا بغير محمد لا نقتدي

يكفيه أن البدر يخســـــف نوره

**

لكن نور نبينا لن يخسفا


***************

تـجـلى مــولد الهادي وعـــمت

**

بشائره البوادي والهضابا



وأسدت للبريــة بنــت وهـب

**

يدا بيضاء طوقـت الرقابا




  

لقـــد ولدتــــه وهاجا منيـــرا

**

كما تلد السماوات الشهابا
 

فقـــام على سمـاء البيت نـورا

**

وفاح القاع أرجـاء وطابا

أبا الزهراء قد جاوزت قدري

**

بمدحك بيد أن لى انتسابا

فما عرف البــــلاغة ذو بيــــان
      

**

إذا لم يتخـــــذك له كتـابـا

أيها الأحباب لو ظللنا نحصي نعم الله على رسوله لن نستطيع فحسبنا ما ذكرنا

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

%%%%%%%%

 



([1]) صحيح مسلم

([2]) السلسلة الصحيحة

([3]) صحيح مسلم

([4]) صحيح مسلم

([5]) صحيح مسلم

([6]) صحيح البخاري

([7]) صحيح البخاري

([8]) صحيح البخاري

([9]) متفق عليه

([10]) صحيح البخاري

([11])تفسير أبي السعود

([12]) صحيح الجامع

([13]) صحيح البخاري

([14]) صحيح البخاري

([15]) صحيح مسلم

([16]) صحيح مسلم

([17]) صحيح مسلم

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
الأرشادات الأسلامية في الخطب المنبرية

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق