الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، الذي له ملك السموات والأرض وخلق كل شيء فقدره تقديرًا، خلق الإنسان من نطفة أمشاج يَبتليه فجعله سميعًا بصيرًا، ثم هداه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا، فمن شكر كان جزاؤه جنة وحريرًا ونعيمًا وملكًا كبيرًا، ومَن كفر لم يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا، نحمده تبارك وتعالى حمدًا كثيرًا، ونعوذ بنور وجهه الكريم من يوم كان شره مستطيرًا، ونسأله أن يُلقِّينا يوم الحشر نَضرة وسرورًا، وأن يُظلنا بظل عرشه حيث لا نرى شمسًا ولا زمهريرًا.
وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تجعل الظلمة نورًا، وتحول موات القلب بعثًا ونشورًا، وتحيل ضيق الصدر انشراحًا وحبورًا، وكيف لا وقد أتى علينا حين من الدهر لم نكن شيئًا مذكورًا، فخلَقَنا وصوَّرنا ورزقنا وكان فضله علينا كبيرًا، أرسل الرياح بشرًا بين يدي رحمته، وأنزل من السماء ماء طهورًا، فأحيا به الأرض الميتة، وأخرج منها حبًّا ونباتًا وفاكهة وزهورًا.
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده المرسل مبشِّرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، قُرئ عليه القرآن ففاضت بالدمع عيناه، وكان ما تقدم وما تأخر من الذنب مغفورًا، قام الليل حتى تورَّمت قدماه، وقال: أفلا أكون عبدًا شكورًا، أكل ورَق الشجر حتى تشقَّقت شفتاه، وكان لله محتسبًا صبورًا، جاهد الشرك والمشركين ، وما لانت له قناة، وقال مقالة الحق وما نطق زورًا، فاز بالحسنى مَن آمن وشاهد محياه، وكل طائع له بات مأجورًا، ضل مَن شذ عن طريقه وعصاه، ومن كفر به مات مثبورًا، حلت البركة وعم الخير ما لمست يداه، وأصبح القليل من الطعام وفيرًا، عز من لاذ بسنته واحتمى بهداه، وأضحى في كنفه مهضوم الحق منصورًا، طابت الأرض التي شهدت من الحبيب مسراه، ووقره أنبياء الرحمن توقيرًا، تعطَّرت الأجواء التي كان خلالها مرقاه، وتنوَّرت بضيائه الأكوان تنويرًا.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى من فاز بنسبه وصحباه، عدد أنفاس مخلوقاتك شهيقًا وزفيرًا.
العناصــــر
أولا: تعريف الشكر وأركانه ثانيا: فضل الشكر والشاكرين
ثالثا: كيف نكون من الشاكرين؟ رابعا: الوسائل المعينة على شكر النعم
خامسا: الترهيب من الجحود وعدم الشكر
الموضـــوع
أولا: تعريف الشكر وأركانه
الشكر لغة: مصدر شكر يشكر، وهو عرفان الإحسان ونشره. والشكر من الله: المجازاة والثناء الجميل. والشكور: كثير الشكر، والجمع شُكُر، وفي التنزيل: ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾، وهو من أبنية البالغة.
وأما الشكور في صفات الله - عز وجل - فمعناه أنه يزكو عنده القليل من أعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء، وشكره لعباده مغفرته لهم، وقولهم: (شكر الله سعيه) أي بمعنى أثابه الله على ذلك.
اصطلاحا: هو ظهور إثر نعمة الله علي لسان عبده قولا او عملا
وقيل: الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع.
وقال ابن القيم: الشكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده: ثناء واعترافا، وعلى قلبه شهودا ومحبة، وعلى جوارحه انقيادا وطاعة. "([1])
وقال السعدي - رحمه الله - في تفسيره: (الشكر: اعتراف القلب بمنة الله تعالى، وتلقيها افتقارًا إليها، وصرفها في طاعة الله تعالى، وصونها عن صرفها في المعصية)"11".
وعرفه آخرون بقولهم: الشكر هو الثناء على المنعم بما أولاك من معروف.
أركان الشكر:
أ-الاعتراف بالنعمة: أي تقر وتعترف وتوقن وتجزم أن الذي أسداك تلك النعمة هو الله؛ وما العبد إلا وسيلة فقط للحصول عليها؛ فلا تنسب النعمة للعبد وتنس الرب؛ لأن هذا فعل الجهال الذين في عقيدتهم زيف وضلال؛ فهم ينسبون النعم لغير بارئها؛ فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أن رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ:" أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ. فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ"([2])
وعن ابن عباس t قال: مطر الناس على عهد النبي ص ، فقال النبي r : "أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا"([3])
ب-التحدث بها والثناء على المنعم: بما أولاك من نعم وأسداك من معروف؛ ولهذا كان نبينا r يحي ليله كله في الثناء على الله عز وجل فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ r ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمَسْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ؛ وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ؛ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ([4])
وقال تعالى: "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" "الضحى: 11".
ت-تسخيرها في طاعة مسديها والمنعم بها: قال تعالى: "اعملوا آل داود شكر" "سبأ: 13".
ومعنى الآية: يا آل داود: اعملوا شكرًا لله على ما أعطاكم، وذلك بطاعته وامتثال أمره ، فالله أمر آل داوود بالعمل شكراً، لأن هناك فرقاً بين شكر القول وشكر العمل، فشكر القول باللسان يسمي حمداً وبالعمل يسمي شكراً ، لذلك قال: اعملوا ، ولم يقل: قولوا شكراً، لأن الشاكرين بالعمل قلة، لذلك زيل الآية بقوله: " وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"
فإذا أكرمك الله بمالٍ فلا تنفقه في حرام ، وإذا أنعم الله عليك بتلفازٍ فلا تستعمله في حرام، وشبكة الانترنت تستخدمها في الدعوة إلى الله، …..إلخ، لأن شكر هذه النعم استخدامها في طاعة الله، وكفرها استخدامها في الفساد والإفساد .
ومَن رزقه الله علمًا فشكره بالإنفاق منه بأن يعلم غيره، ويفقه أهله وجاره، ومَن رزقه الله جاهًا، فشكره بأن يستعمله في تيسير الحاجات للآخرين، وقضاء مصالحهم.
ومَن أفاض الله عليه إيمانًا راسخًا، ويقينًا ثابتًا، فشكره أن يفيض على الآخرين من إيمانه، وأن يسكب عليهم من يقينه؛ وذلك بأن يذكرهم بنعم الله وآلائه، وأن يحيي في قلوبهم الرجاء والخوف والخشية من الله، وأن يُثَبِّت في قلوبهم بأن الآجال والأرزاق بيد الله، وأن الخلق لا يملكون له نفعًا ولا ضرًّا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، وأن من أسماء الله الحسنى أنه المحيي المميت، الرزاق، النافع الضار، القابض الباسط.
ومن رزقه الله الـذرية فإن شكرها يكون بأن يغرس في قـلبها عقيدة التوحيد من الصغر، وأن ينشئها على طاعة الله- عزَّ وجلَّ- وأن يحصنها ويعيذها من الشيطان كما أعاذت امرأة عمران ابنتها حين قالت: "وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" (آل عمران: 36).
وكذلك شكر الله- عزَّ وجلَّ – على ما أنعم به علينا من جوارح، كاليدين والرجلين والعينين والأذنين وغيرها؛ أن نستخدمها في طاعة الله عز وجل؛ " فقد روي أن أبا حازم جاءه رجل فقال له: ما شكر العينين؟ قال: إن رأيت بهما خيرًا أعلنته، وإن رأيت بهما شرًّا سترته.
قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت خيرًا وعيته، وإن سمعت بهما شرًّا أخفيته. قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقًّا لله- عزَّ وجلَّ- هو فيهما، قال فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعامًا، وأعلاه علمًا، قال فما شكر الفرج؟ قال: كما قال الله- عزَّ وجلَّ-: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ" (المؤمنون: 5 – 7)، قال: فما شكر الرِّجْلَيْنِ؟ قال: إن رأيت حيًّا غبطته بهما عمله، وإن رأيت ميتًا مقته كففتها عن عمله، وأنت شاكر لله- عزَّ وجلَّ، فأما من شكر بلسانه، ولم يشكر بجميع أعضائه، فمثله كمثل رجل له كساء، فأخذ بطرفه، ولم يلبسه، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر" ([5])
أفَادَتْكُمُ النّعْمَاء منِّي ثَلاثةً | ** | يدِي، ولَسَاني، وَالضَّمير المُحَجَّبَا |
الفرق بين الشكر والحمد: من وجهين:
الأول: الشكر يكون بالجوارح، والحمد يكون باللسان وبالقلب.
ولذلك نسمع بسجود الشكر، ولا نسمع بسجود الحمد، لأن الشكر يكون بالجوارح، ومضى في أركان الشكر أنه يكون بتسخير النعمة في طاعة الله، وهذا عمل، والعمل بالجوارح.
الثاني: الشكر يكون عند البلاء، والحمد يكون على كل حال، وقد كان النبي r إذا أصابته سراء قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات"، وإن نزل به بلاء قال: "الحمد لله على كل حال"([6])
ثانيا: فضل الشكر والشاكرين
من أسماء الله: الشاكر، والشكور: قال تعالى: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" "البقرة: 158"، وقال: "إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" "الشورى: 23"،
وقال: "وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ" "التغابن: 17"
وهو الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا، ويشكر القليل من العمل الخالص، ويعفو عن الكثير من الزلل، بل يضاعفه أضعافا مضاعفة بغير عد ولا حساب.
ومن شكره أنه: يعطي بالعمل في أيام معدودة نعيما في الآخرة غير محدود، (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية)"الحاقة: 24".
ثبت عن أبي هريرة- t- قال: قال رسول الله r: "بينا رجل يمشى فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له". قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: "في كل كبد رطبة أجر" ([7])
وفي كثير من الأحاديث تجد من عمل كذا وكذا فله الجنة، وهذا دليل على أنّ الله شكور يجزل المثوبة لعباده، ويعطي الكثير على القليل، فما أرحمه من رب! وما أعظمه من إله.
الشكر صفة الأنبياء: قال تعالى عن نوح u: "ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكور" "الإسراء: 3" وقال عن إبراهيم u: "إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين* شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم" "النحل: 120".
وسيد الشاكرين نبينا r ، فعن المغيرة بن شبعة t قال: إن كان النبي ص ليقوم أو ليصلي حتى ترم قدماه، فيقال له فيقول: "أفلا أكون عبدا شكورا"؟ ([8])
أمر الله بالشكر: قال تعالى: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" "البقرة: 152".
وقال: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" "لقمان: 14".
وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ "لقمان: 12".
وأمر به نبينا r : "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين * بل الله فاعبد وكن من الشاكرين" "الزمر
وأمر الله تعالى به موسى u :"يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين" "الأعراف 144".
وأمر به المؤمنين: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون" "البقرة.
وقال: "وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون * وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون * ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون" "يس: 335".
وقال: "أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون * ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون" "يس: 773".
من صفات المؤمنين: فعَنْ صُهَيْبٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ"([9])
سبب لرضى الله عن عبده: قال تعالى: "وإن تشكروا يرضه لكم" "الزمر: 7".
أمان من العذاب: قال تعالى: "ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم" "النساء: 147".
قال قتادة رحمه الله: "إن الله جل ثناؤه لا يعذِّب شاكرًا ولا مؤمنًا" ([10])
سبب للزيادة: قال تعالى: "وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم" "إبراهيم: 7".
قال بعض السلف رحمهم الله تعالى: "النعم وحشية فقيدوها بالشكر".
وقال الحسن البصري: "إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا، ولهذا كانوا يسمون الشكر: الحافظ، لأنه يحفظ النعم الموجودة، والجالب، لأنه يجلب النعم المفقودة"
وقال علي بن أبي طالب -t - لرجل من همذان: "إن النعمة موصولة بالشكر، والشكر يتعلق بالمزيد، وهما مقرونان في قرن فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد ".
الأجر الجزيل في الآخرة: قال تعالى: "وسنجزي الشاكرين" ،وقال سبحانه: "وسيجزي الله الشاكرين" "آل عمران: 144". أهل الشكر هم المخصوصون بمنة الله عليهم من بين عباده ، وقال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَؤُلاء مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾.
رضا الله معلق بالشكر: يقول ابن القيم - رحمه الله -: "ومن منازل ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ منزلة الشكر، وهي من أعلى المنازل، وهي فوق منزلة ((الرضا)) وزيادة؛ فالرضا مندرج في الشكر إذ يستحيل وجود الشكر بدونه".
وعن أنس بن مالك t أن رسول الله r قال إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها " ([11])
العافية مع الشكر خير من البلاء مع الصبر:قال مطرف رحمه الله تعالى: "لأن أعافى فأشكر، أحب إلي من أن أبتلى فأصبر" ([12])
إن الله وصف عباده الشاكرين بأنهم قلة من عباده فقال تعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾
ثالثا: كيف نكون من الشاكرين؟
بتقوى الله والعمل بطاعته: قال تعالى: "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" "آل عمران: 123".قال ابن إسحاق: "أي: فاتقوني؛ فإنه شكر نعمتي"
بالقناعة والرضا بما قسم الله لك: قال r : "كن قنعا تكن أشكر الناس" ([13])
ذهب رجل إلى أحد العلماء، وشكا إليه فقره، فقال له العالم: أَيسُرُّكَ أنك أعمى ولك عشرة آلاف درهم؟ فقال الرجل: لا.
فقال العالم: أيسرك أنك أخرس ولك عشره آلاف درهم؟ فقال الرجل: لا.
فقال العالم: أيسرك أنك مجنون ولك عشرة آلاف درهم؟ فقال الرجل: لا.
فقال العالم: أيسرك أنك مقطوع اليدين والرجلين ولك عشرون ألفًا؟ فقال الرجل: لا.
فقال العالم، أما تستحي أن تشكو مولاك وله عندك نعم بخمسين ألفًا.
فعرف الرجل مدى نعمة الله عليه، وظل يشكر ربه ويرضى بحاله ولا يشتكي إلى أحد أبدًا.
وبالمقابل:
رجل ابتلاه الله بالعمى وقطع اليدين والرجلين، فدخل عليه أحد الناس فوجده يشكر الله على نعمه، ويقول: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلى به غيري، وفضَّلني على كثير ممن خلق تفضيلا، فتعجب الرجل من قول هذا الأعمى مقطوع اليدين والرجلين، وسأله: على أي شيء تحمد الله وتشكره؟ فقال له: يا هذا، أَشْكُرُ الله أن وهبني لسانًا ذاكرًا، وقلبًا خاشعًا وبدنًا على البلاء صابرًا.
بصلاة الضحى: فعن أبي ذر t ، عن النبي r أنه قال: "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى([14])
بسجود الشكر: عن أبي بكرة عن النبي r أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله "([15]) ، وهذه السجدة لا تشترط لها طهارة، ولا استقبال قبلة.
بالدعاء: عن معاذ بن جبل t أن رسول الله ص أخذ بيده يوما ثم قال يا معاذ والله إني لأحبك فقال له معاذ بأبي أنت وأمي يا رسول الله وأنا والله أحبك قال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وأوصى بذلك معاذ الصنابحي وأوصى بها الصنابحي أبا عبد الرحمن وأوصى بها عبد الرحمن عقبة بن مسلم "([16])
وعن ابن عباس قال كان النبي ص يدعو رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر هداي إلي وانصرني على من بغى علي اللهم اجعلني لك شاكرا لك ذاكرا لك راهبا لك مطواعا إليك مخبتا أو منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي واهد قلبي وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي" ([17])
بالتفكر في نعم الله عليك: قال تعالى: "وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" "النحل: 78"
قال يونس بن عبيد رحمه الله تعالى لرجل يشكو ضيق حاله: أيسرك ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا. قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا. فذكره نعم الله عليه ثم قال له: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة؟
واحذر ان تكون من هؤلاء الذين قال الله فيهم ."يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ"
تفكر فى نعم الله عليك واشكر الله
تذكر نعم الله عليك فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك " وان تعدوا نعم الله لا تحصوها "
صحة في بدن، أمن في وطن، غذاء وكساء، وهواء وماء، لديك الدنيا وأنت ما تشعر ،تملك الحياة وأنت لا تعلم" واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة "عندك عينان ، ولسان وشفتان ، ويدان ورجلان " فبأي الاء ربكما تكذبان "هل هي مسئلة سهلة أن تمشي على قدميك ، وقد بترت أقدام؟!وأن تعتمد على ساقيك ، وقد قطعت سوق؟!أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير؟!وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الطعام ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام؟!
تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم، وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى، وانظر إلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام، بل المح عقلك وقد انعم الله عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهبا ؟! أتحب بيع سمعك وزن سهلان فضة؟!هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم؟! هل
تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع؟!
إنك في نعم عميمه وأفضال جسيمة، ولكنك لا تدري ، تعيش مهموما مغموما حزينا كئيبا! وعندك الخبز الدافئ، والماء البارد ، والنوم الهانئ والعافية الوارفة ، تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود ، تنزعج من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة ، ومن القناطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء ، فكر واشكر " وفي انفسكم افلا تبصرون "
فكر في نفسك، انظر الى قلبك - الى الجهاز التنفسي - الى المخ - الى المعدة - الى البنكرياس - المريء - الكبد - الامعاء الدقيقة والامعاء الغليظة - الى الاعصاب والشرايين - الى اجهزة الاستقبال والارسال فيك وقل: يا رب
أوليتني نعماً أبوحُ بشُكرِها | ** | وكفيتَني كل الأمور بأسرِها |
فلأشكرنّك ما حييتُ وإنْ أَمُتْ | ** | فلتَشكُرنّك أعظُمي في قبرِها.
|
بشكر من أسدى معروفاً إليك من الناس: لقول النبي r "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" ([18])
وعن ابن عمر عن النبي r قال: " من استعاذكم بالله فأعيذوه و من سألكم بالله فأعطوه و من دعاكم فأجيبوه و من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه" ([19])
وعن أسامة بن زيد t قال: قال رسول الله r : "من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء([20])
رابعا: الوسائل المعينة على شكر النعم:
النظر إلى أهل الفاقة والبلاء: فإن ذلك يوجب احترام النعمة وعدم احتقارها، ولذلك – قال النبي : " إذا نظر أحدكم إلى من فُضّل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فَضُل عليه " ([21])
قال النووي: قال ابن جرير وغيره: هذا حديث جامع لأنواع الخير، لأن الإنسان إذا رأى من فُضّل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه، هذا هو الموجود في غالب الناس، وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها، ظهرت له نعمة الله عليه وشكرها، وتواضع وفعل فيه الخير.
معرفة أن الإنسان بمنزلة العبد المملوك لسيده: وأنه لا يملك شيئاً على الإطلاق، وأن كلّ ما لديه إنما هو محض عطاء من سيده ولذلك ثبت في الصحيحين أن النبي قام حتى تقطرت قدماه. فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " أفلا أكون عبداً شكوراً ".أي أن كل ما فعله الله تعالى بي من الاصطفاء والهداية والمغفرة هو محض عطاء منه سبحانه يستحق عليه الحمد والشكر، فما أنا إلا عبد له سبحانه.
الانتفاع بالنعم وعدم كنزها: فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي قال: " كلوا واشربوا وتصدّقوا من غير مبخلة ولا سرف، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " ([22])
ذكر الله عز وجل: فالشكر في حقيقته هو ذكر لله عز وجل
وورد عن مجاهد في قوله تعالى: إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً "الإسراء 3".
قال: ( لم يأكل شيئاً إلا حمد الله عليه، ولم يشرب شراباً إلا حمد الله عليه، ولم يبطش بشيء قط إلا حمد الله عليه، فأثنى الله عليه أنه كان عبداً شكوراً)
وقال النبي r: " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشرية فيحمده عليها ([23])
التواضع وترك الكِبر: فالكبر يضاد الشكر، لأن حقيقة الكبر هو ظن العبد أنه المالك المتصرف، والشكر هو الاعتراف لله عز وجل بذلك.
شهود مشهد التقصير في الشكر: وذلك بأن يعرف العبد أنه مهما بالغ في الشكر، فإنه لن يوفى حق نعمة واحدة من نعم الله تعالى عليه، بل إن الشكر نفسه نعمة تحتاج إلى شكر
ولذلك قيل:
إن كان شكري نعمةُ الله نعمةً | ** | عليّ له في مثلها يجب الشكر |
فكيف وقوع الشكر إلا بفضله | ** | وإن طالت الأيام واتصل العمر
|
مجاهدة الشيطان والاستعادة بالله منه: قال ابن القيّم: ( ولما عرف عدو الله إبليس قدر مقام الشكر وأنه من أجل المقامات وأعلاها، جعل غايته أن يسعى في قطع الناس عنه فقال: ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ "الأعراف 17).
ترك مخالطة أهل الغفلة: فإن مخالطتهم تنسي الشكر وتقطع العبد عن التفكر في النعم.
قيل للحسن: هاهنا رجل لا يجالس الناس، فجاء إليه فسأله عن ذلك، فقال: إني أمسي وأصبح بين ذنب ونعمة، فرأيت أن أشغل نفسي عن الناس بالاستغفار من الذنب، والشكر لله على النعمة، فقال له الحسن: أنت عندي يا عبد الله أفقه من الحسن!!
الدعاء: بأن يجعلك الله تعالى من الشاكرين، وأن يوفقك لطريق الشكر ومنزلته العالية.
قال النبى r لمعاذ t: " والله إني لأحبك، فلا تنسى أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " ([24])
خامسا: الترهيب من الجحود وعدم الشكر:
كفران النعمة مذهبة لها: قال تعالى: "ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم" النمل
بين الله طبيعة الانسان الماكرة الخبيثة التي لا تشكر:
قال تعالى :(وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ)"فصلت :51 " وقال تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) الأعراف/ 10.
قال تعالى:﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾" سورة سبأ: 13 "
احذر الاستدراج: عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله r " إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج" ([25])
ذلك حين ترى زيادة النعم وإسباغها بدون شكر لله عز وجل. فهذه علامة خطر ينبغي الوقوف عندها، كما قال الله عز وجل (أيحسبون أنما نمدهم بهم من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) و لذا فسر سفيان ابن عيينه قول الله عز وجل: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) قال: نسبغ عليهم النعم ونمنعهم الشكر نعوذ بالله من ذلك.
تبديل النعم الي نقم: قال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ" "سبأ: 117".
العرم: الماء الغزير، وهذا من باب إضافة الاسم إلى صفته، وخمط: مر،وأثل: لا ثمر فيه.
إذا كنت في نعمة فارعها فإن الذنوب تزيل النعم * وحطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم
الجوع والخوف: قال تعالى: "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" "النحل"
وعبر باللباس لملازمته صاحبه، فالجوع والخوف لا يبرحان ساحتهم، وهما لهم كاللباس الذي يباشر
صاحبه ولا فكاك عنه.
وذكر الله عزّ وجلّ قصة قارون في سورة القصص، وما حصل له من النعم العظيمة التي توالت عليه؛ حتى إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، وقال إن ما أوتيه من هذه النعم لكونه حقيقًا بذلك وأنه أهل لذلك؛ فكَفَر هذه النعم ولم يشكرها، ولم يضفها إلى المنعِم بها، ولم يصرفها في طاعة الله عزّ وجلّ
قال تعالى: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ .... فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ"
هذه نتيجة كفران النعم، نتيجة كفران النعم، أن الله خسف به وبداره الأرض، فهذه النعم التي أنعم الله تعالى بها عليه، لما لم يشكرها صارت وبالاً عليه، وذهبتْ وذهب معها من غير أن يستفيد، بل تضرر وخسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
نسأل الله تعالى ان يرزقنا شكر نعمته وان يرزقنا رزقا حلالا طيبا مباركا فيه وان يجنبنا الحرام ويبعدنا عنه انه ولي ذلك والقادر عليه
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
%%%%%%%%
تعليقات: (0) إضافة تعليق