الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ.
العناصر
أولا: مصر في القرآن الكريم ثانياً: مصر في السنة النبوية
ثالثًا: أنبياء وصالحون على أرضها رابعًا: مكانة مصر عند السَّلف الصَّالح وغيرهم خامسًا: واجبنا تجاه وطننا
الموضوع
أولاً: مصر في القرآن الكريم
ذكر الله -تعالى-مصر في القرآن باسمها صريحة في أربعة مواضع في كتابه تشريفًا لها وتكريمًا:
فقال الله -جل وعلا-: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ) "يوسف 21"،
وقال -سبحانه-: (ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ) "يوسف 99"،
يقولُ الإمامُ الرازي رحمَهُ اللهُ: "مَعْنَى قَوْلِهِ: آمِنِينَ يَعْنِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ لَا تَخَافُونَ أَحَدًا، وَكَانُوا فِيمَا سَلَفَ يَخَافُونَ مُلُوكَ مِصْرَ وَقِيلَ: آمِنِينَ مِنَ الْقَحْطِ وَالشِّدَّةِ وَالْفَاقَةِ". ([1])
وقال -جل وعلا-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا) "يونس 87"،
وحكى -جل وعلا-قول فرعون: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) "الزخرف 51".
أشار الله -تعالى-إلى مصر ولم يصرّح باسمها في ثلاثين موضعًا من القرآن، كقوله -جل وعلا-: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا) "القصص 15"، يعني مصر، وقوله -جل وعلا-: (وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ) "الأعراف 127"، يعنون مصر، إلى آخر هذه المواضع.
هي الأرض الطيبة التي قال الله -تعالى-عنها لما طهرها الله من فرعون وقومه: (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ) "الدخان: 228".
فيها خزائن الأرض، بشهادة ربنا –جل وعلا-لما قال عن يوسف -u-: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) "يوسف 55".
روى أبو بصرةَ الغفارِي قال: مصرُ خزانةُ الأرضِ كلِّهَا، وسلطانُهَا سلطانُ الأرضِ كلِّهَا، ، ولم تكنْ تلك الخزائنُ بغيرِ مصرَ، فأغاثَ اللهُ بمصرَ وخزائِنِهَا كلَّ حاضرٍ وبادٍ مِن جميعِ الأرضِ.
لم يذكر الله -تعالى-قصة نهر في القرآن إلا نهر النيل، قال -جل وعلا-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) "القصص 7".
قال الكندي: "لا يُعلم بلد في أقطار الأرض أثنى الله عليه في القرآن بمثل هذا الثناء، ولا وصَفَه الله بمثل هذا الوصف، ولا شهد له بالكرم، غير مصر".
فهل يُعلم أنَّ بلداً من البلدان، في جميع أقطار الأرض أثنى عليه القرآن الكريم بمثل هذا الثَّناء، أو وصفه بمثل هذا الوصف، أو شهد له بالكرم غير مصر؟!!.
أغاثت جميع البلدان وقت الجفاف: قال تعالى: {اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ} [البقرة:61].
في مصر مشاهد تاريخية تفيض بالذكريات الغالية، مثل نهر النيل المبارك، وطور سيناء الذي كلم الله فيه موسى تكليمًا، فمصر على أرضها ولد موسى وهارون عليهما السلام، وفيها الوادي المقدّس طُوى، وفيها الجبل الذي كلّم الله -تعالى-فيه موسى -u-،وفيها الجبل الذي تجلّى الله -جل وعلا-له فانْهَدَّ دَكًّا؛ وهي مُبَوَّأُ الصدق الذي قال الله -تعالى-عنه: (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ) "يونس 93".
ثانياً: مصر في السنة النبوية
وصى بها الرسول r: فعن أبي ذر t: "إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يُسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذمة ورحمًا أو قال ذمة وصهر ....."([2])
فالرحم هي أمنا هاجر زوجة أبي الأنبياء إبراهيم u، وأم أبينا إسماعيل u، أما الصهر فهي السيدة "مارية القبطية" التي تزوجها رسول الله r، وأنجبت له ابنه إبراهيم الذي سماه على اسم أبي الأنبياء الخليل إبراهيم، كي يعلمنا رسولنا الكريم مدى احترام الإسلام لشتى الديانات وسائر الأنبياء ومذكرًا النصارى بإبراهيم u أبي الأنبياء بمن فيهم نبي الله عيسى ابن مريم u.
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِىَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا». أَوْ قَالَ «ذِمَّةً وَصِهْرًا فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا». قَالَ فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمَانِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجْتُ مِنْهَا ([3])
بها نهر من انهار الجنة: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r: «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ» ([4])
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r « رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ، نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِى الْجَنَّةِ"([5])
أهلها عِدَّةً، وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ: عن أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، وَغَيْرُهُمَا يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ :" إِنَّكُمْ سَتَقْدُمُونَ عَلَى قَوْمٍ، جُعْدٌ رُءُوسُهُمْ، فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ قُوَّةٌ لَكُمْ، وَبَلاغٌ إِلَى عَدُوِّكُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ " يَعْنِي قُبْطَ مِصْرَ ([6])
ومعنى (الجَعْد: في صِفات الرجال يكون مَدْحا وَذَمّا: فالمدْح مَعْناه أن يكون شَدِيد الأسْرِ والخَلْق، أو يكون جَعْدَ الشَّعَر أي خشنه، وأما الذَّم فهو القَصير المُتَردّد الخَلْق. وقد يُطْلق على البخِيل أيضا)
جود أهل مصر:
أ-قافلة طعام إلى المدينة: يشهد لجود مصر وكرمها ما جاء انه قد أصاب المسلمين في عهد عمر قحطٌ أكل الأخضر واليابس (عام الرمادة) وقال عمر: والله، لا آكل سمنًا ولا سمينًا حتى يكشف الله الغمة عن المسلمين. وبقي مهمومًا همًا يتأوه منه ليلًا ونهارًا، فهم عمر فكتب رسالة إلى مصر لعلمه أن مصر بلد معطاء، سوف يدفع الغالي والرخيص لإنقاذ إخوانهم، وكان والي مصر عمرو بن العاص، كتب له عمر رسالة، وهذا نصها (بسم الله الرحمن الرحيم، من عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، إلى عمرو بن العاص. أمَّا بَعْد: فواغوثاه واغوثاه والسلام). وأخذها عمرو بن العاص وجمع المصريين ليقرأ الرسالة المحترقة الملتهبة الباكية المؤثرة أمامهم؛ ولما قرأها عمرو فأجاب مباشرة وقال:(لا جرم، والله لأرسلن لك قافلة من الطعام أولها عندك في المدينة وآخرها عندي في مصر). وجاد المصريون بأموالهم كما يجود الصادقون مع ربهم، وبذلوا الطعام، وحملوا الجمال، وذهبت القافلة تزحف كالسيل، وتسير كالليل، تحمل النماء والحياة والخير والزرق والعطاء لعاصمة الإسلام.
ب-كسوة الكعبة المشرفة: أرسل عمر t إلى عامله في مصر أن يصنع كسوة للكعبة المشرفة، فصنعت الكسوة من عهد عمر t وظلت كسوة الكعبة تصنع هنا في مصر سنة تلو سنة حتى مرت أكثر من ألف سنه وكسوة الكعبة ترسل من مصر إلى مكة ولم يتوقف ذلك إلا قبل قرابة المائة سنة.
جامع عمرو بن العاص صاحب رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وهو أول جامع بني في قارة إفريقيا، وقد ضبط قبلته جماعة من الصحابة قدروا بثمانين صحابي اجتمعوا عنده وقت بنائه وقدروا القبلة فوجهوه إليها.
جامع الأزهر الذي له الفضل المشهور، والعلم المنثور، والتقدم الكاسر، والارتفاع القاهر، العلماء فيه متكاثرون، والعُباد فيه قائمون، والزوار إليه متوافدون.
قَارَنْتُ مِصْـرَ بِغَيْـرِهَا فَتَـدَلَّلَتْ | ** | وَعَجَزْتُ أَنْ أَحْظَـىَ لَهَـا بِمَثِيْلِ |
هَذِيْ الْحَضَارَةُ مُعْجِزَاتٌ فيِ الوَرَىَ | ** | عَقِمَ الزَّمَـانُ بِمِثْلِهَـا كَبَدِيْـلِ |
رَفَعَ الإِلَـهُ مَقَـامَهـَا وَأَجَـلَّـهُ | ** | فِيْ الذِّكْرِ وَالتَّـوْرَاةِ وَالإِنْجِـيْلِ |
جَاؤوا بِيُوْسُفَ مِنْ غَيَـاهِبِ ظُلْمَةٍ | ** | أَرْضَ العَزِيْزِ فَكَانَ خَيْـرَ نَزِيْـلِ |
والنِّيلُ يَتْبَـعُ وَحْـيَ مُنْشِئِ قَطْـرِهِ | ** | كَالطَّيْرِ حِيْنَ الوَحْيِ عَامَ الفِيْـلِ |
فـيِ طُـوْرِ سَيْنَاءٍ تَجَلَّـىَ رَبّـُنَا | ** | فـوْقَ الكَلِيْـمِ بِـأَوَّلِ التَّنْزِيـلِ |
وَكَذَا البَتُـولُ أَتَـتْ لِمِصْرٍ بِابْنِهَا | ** | تَبْغِي الأَمَـانَ وَتَحْتَـمِي بِمَقِـيلِ |
يَكْفِيْكِ يَـا أَرْضَ الـكِنَانةِ هَاجَرٌ | ** | مِيلِى بِتـِيهٍ يَــا كِنَانَـةُ مِيلـِي |
يا (أُمَّ إِسْمَاعِيْلَ) وَصْلُـكِ وَاجِبٌ | ** | مَنْ عَقَّ مِصْـرَ فَقَـدْ أَتَـىَ بِجَلِيلِ |
هَـذِيْ عِنَايَةُ قَـادِرٍ خُصَّـتْ بِهَا | ** | مِصْرٌ لِتَبْقَـى مَوْضِـعَ التَّفْضِـيلِ |
بُـوْرِكْـتِ مِصْـرُ فَلاَ أَرَانِيَ بَالِغًا | ** | حَقَّ الْمَدِيحِ وَإِنْ جَهَدْتُ سَبِيلِي |
يَا مِصْرُ يَرْعَاكِ الإِلَـهُ كَمـَا رَعَىَ | ** | تَنْـزِيلَهُ مِـنْ عَـابِثٍ وَدَخِـيْلِ |
ثالثًا: أنبياء وصالحون على أرضها
عاش على أرضها إبراهيم عليه السلام وتزوج منها، ودخلها نبي الله يعقوب u وأولاده الأحد عشر وسبقهم إليها نبي الله يوسف u، وقدم إليها نبي الله عيسى ابن مريم u.
وسيدنا موسى عليه وأهله عاشوا عليها: قال تعالى: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) ) سورة القصص.
ومن المصريين مؤمن آل فرعون البطل الثابت على الحق الذي قال الله -جل وعلا-عنه: (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ) "غافر 28".
ومن المصريين الرجل المؤمن الذي حذّر موسى -u-: (وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) "القصص: 20".
ومن المصريين السحَرة الذين ذكر الله -تعالى-قصتهم لما آمنوا وصدقوا، وكانوا في أول النهار سحرة فجرة، وصاروا في آخر النهار شهداء بررة، إنها بلاد الأبطال، قال تعالى: (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) ) سورة الأعراف.
وآسية امرأة فرعون: قال تعالى : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)) سورة التحريم.
ومريم ابنه عمران: قال تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)) سورة التحريم
وماشطة بنت فرعون: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا أُسْرِيَ بِي مَرَّتْ بِي رَائِحَةٌ طَيْبَةٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ؟ " فَقَالُوا: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلَادِهَا كَانَتْ تَمْشِطُهَا فَوَقَعَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ. فَقَالَتِ ابْنَتُهُ: أَبِي؟ فَقَالَتْ: لَا، بَلْ رَبِّي وَرَبُّكِ وَرَبُّ أَبِيكِ. فَقَالَتْ: أُخْبِرُ بِذَلِكَ أَبِي، قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَا بِهَا وَبِوَلَدِهَا فَقَالَتْ: لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ. فَقَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَتْ: تَجْمَعُ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فَتَدْفِنُهُ جَمِيعًا. فَقَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ. فَأَتَى بِأَوْلَادِهَا فَأَلْقَى وَاحِدًا وَاحِدًا حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ وَلَدِهَا وَكَانَ صَبِيًّا مُرْضَعًا، فَقَالَ: اصْبِرِي يَا أُمَّاهُ فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ مَعَ وَلَدِهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ: هَذَا وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» ([7])
دخل مصر من الصَّحابة كثير منهم: الزَّبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصَّامت، وأبو الدَّرداء، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر، وعمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم.
عاش في مصر من الفقهاء والعلماء الكثير منهم: اللَّيث بن سعد، والعزُّ بن عبد السلام والإمام الشافعي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن حجر العسقلاني، والإمام الشَّاطبي، ووُلِد فيها عمر بن عبد العزيز، وجعفر المتوكل على الله من الخلفاء.
وقال أحمد بن صالح: قال لي سفيان بن عيينة: يا مصريُّ! أين تسكن؟ قلت: أسكن الفسطاط. قال: أتأتي الإسكندريَّة؟ قلت: نعم. قال لي: تلك كنانة الله، يحمل فيها خير سهامه.
رابعاً: مكانة مصر عند السَّلف الصَّالح وغيرهم
قال سعيد بن أبي هلال: مصر أمُّ البلاد، وغوث العباد.
قال عمرو بن العاص t: " ولاية مصر جامعة، تعدل الخلافة ". وقد جباها في أوَّل سنة عشرة ملايين دينار، وقد كانت تجبي قبل ذلك للرُّوم عشرين مليون ديناراً، فانظر كيف أتى الإسلام بالرَّحمة لأهل مصر.
وقال ايضاً: أهل مصر أكرم عاجم كلها، وأسمحهم يداً، وأفضلهم عنصراً، وأقربهم رحماً بالعرب عامة، وبقريش خاصة. وقال وهو يصفها لعمر بن الخطاب:" مصر درة ياقوته لو استخرج السلطان كنوزها لكفت الدنيا بأسرها" ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة.
قال عبد الله بن عمرو: من أراد أن ينظر إلى الفردوس؛ فلينظر إلى أرض مصر، حين تخضرُّ زروعها، ويزهر ربيعها، وتكسى بالنَّوار أشجارها، وتغنِّي أطيارها.
قال كعب الأحبار: من أراد أن ينظر إلى شبه الجنَّة، فلينظر إلى مصر إذا أخرفت وأزهرت، وإذا اطَّردت أنهارها، وتدلت ثمارها، وفاض خيرها، وغنَّت طيرها.
قال يحيى بن سعيد: جُلْت البلاد، فما رأيت الورع ببلد من البلدان أعرفه، إلا بالمدينة وبمصر.
قال خالد بن يزيد: كان كعب الأحبار يقول: لولا رغبتي في الشَّام لسكنت مصر؛ فقيل: ولم ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: إني لأحبُّ مصر وأهلها؛ لأنَّها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء أكبَّه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه.
أرض الفردوس وغوث البلاد والعباد: عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاص قال: مَن أرادَ أنْ ينظرَ إلى الفردوسِ فلينظرْ إلى أرضِ مصرَ حين تخضرُّ زروعُهَا، ويزهرُ ربيعُهَا، وتكسَى بالنوارِ أشجارُهَا وتغنِّى أطيارُهَا".
ويقولُ سعيدُ بنُ هلال:" إنَّ مصرَ أمُّ البلادِ وغوثُ العبادِ، إنَّ مصرَ مصورةٌ في كتبِ الأوائلِ وقد مدتْ إليهَا سائرُ المدنِ يدَهَا تستطعمُهَا وذلك لأنَّ خيراتُهَا كانتْ تفيضُ على تلك البلدانِ". ([8])
أهلَ مصرَ هُم مِن ألينِ الناسِ تعامُلًا وأحسنِهم أخلاقًا وأدبًا: قال تاجُ الدينِ الفزارِي: "مَن أقامَ في مصرَ سنةً واحدةً وجدَ في أخلاقهِ رقةً وحسنًا". ([9])
أبطال مصر ومجاهدوها: الكلام عنهم يطول، فكثير من القادة الذين كانوا مع صلاح الدين الأيوبي كانوا مصريين، منهم حسام الدين قائد الأسطول البحري المصري الذي كان شوكة في حلق الفرنجة.
لن ينسى التاريخ أبدًا أبطال مصر الذين ردوا الحملة الصليبية التي قادها ملك فرنسا واستولى على دمياط، فكمن له الأبطال في مصر وأذاقوه سوء العذاب، وأبادوا جيشه المقدر بعشرات الآلاف، ثم حبسوه في دار ابن لقمان في مدينة المنصورة مقيدًا، ووكلوا لحراسته حارسًا اسمه صبيح، ثم فدا نفسه بأموال عظيمة كثيرة، ثم لما وصل بلده حدثته نفسه أن يعود لغزو مصر، وجعل يجند الجند، فأرسل إليه جمال الدين بن مطروح قصيدة يقول فيها:
قل للفـرنسيسِ إذا جئتَهُ | ** | مقال صدقٍ من قَؤولٍ فصـيحْ |
أتيـتَ مصر تبتغي مُلْكَهَا | ** | تحسِبُ أن الزمر يا طـبل ريح |
وكلّ أصحابك أودعْتَهُمْ | ** | بحسن تدبيـرك بطْـنَ الضريح |
وفـقـك الله لأمثالـها | ** | لعلَّ عيسـى منكمُ يسـتريح |
آجرَكَ اللّهُ على ما جرى | ** | من قتل عُبَّادِ يسـوع المسـيح |
فساقك الحَيْنُ إلى أدهـمٍ | ** | ضاق به عـن ناظريك الفسيح |
خمسون ألفًا لا يُرى منهمُ | ** | إلا قتـيلٌ أو أسـيرٌ جريـح |
وقل لهم إن أزمعوا عودةً | ** | لأخـذ ثـأرٍ أو لفعـلٍ قبيح |
دارُ ابْنِ لقمانَ على حالِها | ** | والقيدُ باقٍ والطواشي صبيح |
فلمّا وصلت القصيدة إليه فزع واضطرب وعدل عن غزو مصر.
ومن المصريين الأبطال سلطان المماليك قطز، وهو الذي قاد معركة عين جالوت، ومن المصريين الأبطال ضباط وجنود شاركوا في حروب فلسطين وفي غيرها من مواقع الجهاد في سبيل الله.
ومنها العُباد والزهاد، مثل حيوة بن شريح، وأبا محمد بن سهل، وكان عابدًا صالحًا آمرًا بالمعروف، داعيًا إلى العقيدة الصحيحة، وكان يذمّ العبيديين الشيعة الذين حكموا مصر فترة.
ومنها من الأدباء والكتاب والشعراء أعداد لا يستهان بها ممن زاروها أو كانوا من أهلها، فإذا ذكرت وقرأت الشعر الرائد لجميل بثينة، وهو من أفصح الشعراء، فاعلم أنه مصري، وإذا قرأت الشعر الرائد لكثير عزة فاعلم أنه مصري، وإذا قرأت شعرًا لأبي نواس فاعلم أنه مصري، وإذا قرأت للشاعر الشهير المتنبي أحمد بن الحسين فاعلم أنه مكث في مصر أربع سنوات.
إنك تتكلم عن بلد عظيم لا يزال فيه أمل لقيادة الأمة، والسير على منهاج أجداده من صحابة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
لا تكاد تجد قارئًا اليوم معه إجازة وسند إلى رسول الله -r-إلا وكان للمصريين عليه يد، فستجده قرأ أو حفظ أو ضبط قراءته أو أخذ السند على يد مصري.
ولا ينكر فضل هؤلاء العلماء أحد، فمدرسوها وأساتذتها لهم فضل كبير على العرب وعلى المسلمين؛ بل على جميع العالم في مساجدهم وجامعاتهم ومدارسهم، ولمصر من العلماء في الطب وفي الذرة وفي الهندسة وفي الدعوة وفي الأدب وفي غير ذلك أمر لا يجارَى أبدًا.
من شاهد الأرض وأقطارها | ** | والناس أنواعاً وأجناسا |
ولا رأى مصر ولا أهلها | ** | فما رأى الدنيا ولا الناسا |
****
مصر الكنانة ما هانت على أحد | ** | الله يحرســها عطفــا ويرعــاها
|
ندعوك يا رب أن تحمى مرابعها | ** | فالشمس عين لها والليل نجواها |
والسنبلات تصلى في مزارعها | ** | والعطر تسبيحها والقلب مرعاها |
لمصرَ دورٌ بارزٌ في بناءِ الحضاراتِ الإنسانيةِ بجميعِ مجالاتِهَا المختلفةِ، والتي تشعُّ بنورِهَا على العالمين، وما أجملَ قولُ الشاعرِ:
قَارَنْتُ مِصْـــرَ بِغَيْــرِهَا، فَتَدَلَّلَــتْ *** وَعَجِـــزْتُ أَنْ أَحْظَىَ لَهَـــا بِمَثِيْــــلِ
هَــذِيْ الْحَضَارَةُ مُعْجِزَاتٌ فيِ الـوَرَىَ *** عَقـــــِمَ الـــزَّمَانُ بِمِثْلِــــهَا كَبَـــدِيْلِ
رَفَـــــعَ الإِلَــــهُ مَقَامَهــَا، وَأَجَــــــلَّهُ *** فِيْ الذِّكْـــرِ، وَالتَّـوْرَاةِ، وَالإِنْجِيْـلِ
ويقول أيضًا الشاعرُ المصريُّ فاروق جويدة:
فيا مِصرُ صَبرًا على مَا رأيتِ *** جفاءَ الرفاق لشعبٍ أمين
سَيبقى نَشيدُكِ رَغمَ الجِراحِ *** يُضيءُ الطَريقَ على الحَائرين
سَيبقى عَبيرُكِ بَيتَ الغَريبِ *** وسَيفَ الضَعيفِ وحُلمُ الحَزين
سَيبقى شَبابكِ رَغمَ اللَّيالي *** ضِياءً يَشعُ على العَالمين
فهيا اخلعِي عنكِ ثَوبَ الهُمومِ *** غَداً سوفَ يَأتي بِما تَحلمين
خامسًا:: واجبنا تجاه وطننا
حب الوطن:عن عبد الله بن عدي بن حمراء t قال: رأيت رسول الله r واقفا على الحزورة فقال: " والله إنك لخير أرض الله وأحب الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت ([10])
الدعاء له: عن أنس بن مالك t قال قال رسول الله r لابي طلحة التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني فخرج أبو طلحة يردفني وراءه فكنت أخدم رسول الله r كلما نزل قال ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد قال هذا جبل يحبنا ونحبه فلما أشرف على المدينة قال اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم مكة ثم قال اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم " ([11])
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله r قال "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها لنا وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة " ([12])
العمل من اجله حتى في أحلك الظروف: عن أنس t عن النبي r قال : "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها" ([13])
وعَنْ أَنَسٍ t قَالَ: " قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى النَّبِيُّ r بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ .... " ([14]).
الحرص على سلامته: واحترام أفراده وتقدير علمائه وطاعة ولاة الأمر؛ فقد قال رسول الله r " مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي" ([15])
الاعتصام بالله وعدم التفرقة وإعطاء كل ذي حق حقه: قال تعالى"(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران 103
وعَنِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ t؛ عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: "مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ؛ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا؛ فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا "([16])
التكافل والتراحم والتآخي والتآزر والتالف بين أبنائه: عن عبد الله بن عمر t أن رجلا جاء إلى رسول الله r فقال يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله فقال أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضى ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام" ([17])
الإصلاح بين الناس وإرجاع الحق لأهله: قال تعالى" وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ما قال فاعتزلوا قال: فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" الحجرات.
التعاون على البر والتقوى: قال تعالى "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"
الحفاظ على الأموال والأعراض والدماء: فقد قال رسول الله r كما جاء في خطبة حجة الوداع " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا " ([18])
عدم ترويج الإشاعات والفتن: قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾(الحجرات 6).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ([19])
الشهادة في سبيل الله دفاعا عن الوطن: فالشهادة تعنى بذل النفس والمال نصرة لدين الله عز وجل ودفاعا عن الوطن والأرض والعرض والمال فعن سعيد بن زيد t قال سمعت رسول الله r يقول من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ([20])
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
%%%%%%%%
تعليقات: (0) إضافة تعليق