ليلة القدر وواجب المسلم فيها للشيخ احمد أبو عيد
الحمد لله الكريم الجواد، خلق الإنسان من نطفة وجعل له السمع والبصر والفؤاد، أنزل الغيث مباركًا فأحيا به البلاد، وأخرج به نبات كل شيء رزقًا للعباد، نحمده تبارك وتعالى حمد الطائعين العبَّاد، ونتوكل عليه توكل المخبتين الزهاد، ونعوذ بنور وجهه الكريم من الوعيد بسوء المهاد، ونرجوه تحقيق الأمل في الوعد والمعاد، ونسأله النصر في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
وأشهد أن لا إله إلا الله المضل الهاد، المنزه الذات عن الأشباه والأنداد، الفعال لما يريد ولا يقع في ملكه إلا ما أراد، خلق سبع سماوات طباقًا بغير عماد، ومن الأرض مثلهن وأرسى الجبال كالأوتاد، سبقت كلمته أن من أطاعه عز في الأرض وساد، ومن كفر أمهله وهو له بالمرصاد.
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله سيد الأسياد، سيد الأولين والآخرين من حاضرٍ وبادٍ، خير من دعا وهدى وبالخير العظيم جاد المبعوث رحمة فينا وبشفاعته يغاث العباد، المبشر بالأخوة والمحبة ونبذ الغل والأحقاد، أشجع الناس قاطبة إذا دعا داعي الجهاد، وأكرم الناس طرًّا إذا عز مال أو قل زاد، بُعث والقوم في ذل الشرك قد ساد فيهم الأوغاد، ودعاهم إلى الهدى فلم يجِد منهم إلا العناد، أراد بهم خيرًا وتربصوا به الدوائر على كل جبل ووادٍ، وحين خضعت أعناقهم بفتح مكة وأصبحوا كالرماد، نادى بعفوه وبالصفح الجميل من قبله المناد.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه حيث الصلاة عليه لنا خير زاد، ما نادى للصلاة مناد، وكلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون إلى يوم التناد.
العناصـــــــر
أولا: سبب تَسميتِها بليلة القدر
ثانياً: متى تكون ليلة القدر
ثالثاً: سبب رفع تعيينها
رابعاً: علامات ليلة القدر
خامساً: فضل ليلة القدر
سادساً: الواجب على المسلم فيها
سابعاً: الحذر من الحرمان من الخير
الموضــــوع
أولا: سبب تَسميتِها بليلة القدر
على أقوال:
1-لأن الله تعالى يقدِّر فيها الأرزاق والآجال وما هو كائن
أي: يقدِّر فيها ما يكون في تلك السنَة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام؛ قال عبد الله بن عباس t: "يكتب في أمِّ الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنَة من الخير والشرِّ والأرزاق والآجال، حتى الحُجَّاج، يقال: يحج فلان، ويحج فلان"، وقال الحسن ومجاهد وقتادة: "يُبرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخَلْق ورِزق، وما يكون في تلك السنَة" ([1])
2-أنها مأخوذة من عِظَم القدر والشرف والشأن
كما تقول: فلانٌ له قدرٌ، وفلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف ([2]).
3-لأنَّ العمل فيها له قدرٌ عظيمٌ
وهذا لا يحصل إلا لهذه الليلة فقط، فلو أن الإنسان قام ليلة النِّصف من شعبان، أو ليلة النصف من رجب، أو ليلة النصف من أي شهر، أو في أي ليلة لم يَحصُل له هذا الأجر.
يقول الشيخ ابن عثيمين: إن الإنسان ينال أجرها وإن لم يَعلم بها، لأن النبي r قال: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا)) ولم يقل: عالمًا بها، ولو كان العلم شرطًا في حصول هذا الثواب لبيَّنه الرسول r ([3]).
وعن مجاهد في تفسير قوله تعالى:﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾"القدر: 3" قال: "عملُها وصيامها وقيامها خيرٌ من ألف شهر" ([4])
وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي r (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) ([5])
وقوله " فيها يفرق كل أمر حكيم " أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة.
والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم -أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ.
قال ابن عباس " أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات " أي انه كتب في ليلة القدر انه من الأموات. وقيل إن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة.
ومعنى (القدر (التعظيم، أي أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التي اختصت بها، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر. وقيل: القدر التضييق، ومعنى التضييق فيها: إخفاؤها عن العلم بتعيينها، وقال الخليل بن أحمد: إنما سميت ليلة القدر، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من (القدر) وهو التضييق، قال تعالى: (وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه) سورة الفجر /16، أي ضيق عليه رزقه.
وقيل: القدر بمعنى القدَر -بفتح الدال -وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم)
ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها.
فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة t أن النبي r قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ([6])
4-لأن الله تعالى قدَّر فيها إنزال القرآن ([7]).
5-لأنها ليلة الحكم والفصل
عن مجاهد قال: "ليلة القدر ليلة الحكْم" ([8])
، وقال النووي: "وسُميَت ليلة القدر، أي: ليلة الحكم والفصل، هذا هو الصحيح المشهور" ([9])
ثانيا: متى تكون ليلة القدر
1-في العشر الأواخر من رمضان
عن ابن عباس قال: قال رسول الله r " اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ([10]).
2-الوتر من العشر الأواخر
عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ -t -قَالَ رَأَى رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. فَقَالَ النَّبِىُّ -r-«أَرَى رُؤْيَاكُمْ فِى
الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَاطْلُبُوهَا فِى الْوِتْرِ مِنْهَا» ([11]).
3-السبع الأواخر من رمضان
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله r " اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر في تسع يبقين وسبع يبقين وخمس
يبقين وثلاث يبقين ([12])
وعن على قال: قال رسول الله r " اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر فإن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي "([13])
وعن ابن عمر t: أن رجالا من أصحاب النبي t أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله r (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) ([14]) .... ومعنى( تواطأت ) توافقت . ( متحريها ) قاصدها وطالبها
4-ليلة السابع والعشرين
1-لان العدد سبعة يتكرر في المخلوقات كثيرا فالأرض سبعا ،والسموات سبعا، والمثاني سبعا، وأيام الأسبوع سبعا ، ويمر الإنسان من العدم إلى الوجود بسبعة أطوار، وجعل الله رزقه في سبعة أصناف ، وأمر المسلم أن يسجد علي سبعة أعظم، ويصلى الجمعة على رأس سبعة أيام ، ويطوف بالبيت سبعا ، ويسعى بين الصفا والمروة سبعا، وعدد الجمرات التي يرمي بها سبعا ،والسبعة الذين يظلهم الله في ظله سبعا ،وآيات سورة الفاتحة سبعا، وعدد البحار سبعا، وعدد قارات العالم سبعا ،وتهاجر الطيور بسرب علي شكل سبعا
2-كلمة القدر ذكرت في سورة القدر ثلاث مرات وهي تسعة أحرف وحاصل ضرب ثلاثة في تسعة يساوي سبعا وعشرين
3-أنها تكررت في الكلمة رقم 5-10-12 من سورة القدر وعند جمعهم يكون الناتج سبعا وعشرين
ثالثاً: سبب رفع تعيينها:
1-تلاحي اثنين من أصحابه r
عن عبادة بن الصامت t قال: خرج النبي r ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فَرُفِعَتْ، وعسى أن يكون خيراً لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة) ([15])
وعن أبي سعيد t أنّ رسول الله r قال" يا أيها الناس إنها كانت أبينت لي ليلة القدر و إني خرجت لأخبركم بها فجاء رجلان يحتقان و معهما الشيطان فنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان التمسوها في التاسعة و السابعة و الخامسة" ([16])
فالمتدبر في هذا الحديث النبوي الشريف يجد أن المصطفى r كما حثنا على اغتنام ليلة هي خير من ألف شهر ببركتها وفضلها وخيرها أشار إلى عمل من ابغض الأعمال إلى الله يفوت على الإنسان الخير ألا وهو " الشحناء "
إذ أن الشحناء ما دخلت قلبا إلا أفسدته، ولا تسللت إلى نفس إلا أنبتت فيها البغض والكراهية، ولا تمكنت من أحد إلا حملته على هجر أهله وإخوانه وأقاربه وجيرانه، كما أنها سبب رئيس في فساد العلاقات الاجتماعية و تفكك الروابط ومن هذا وغيره شرع الإسلام من المبادئ ما يرد عن المسلمين غوائل الحقد والجفاء فنهى عن التقاطع و التدابر
فعن أنس t قال: قال رسول الله r لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"([17])
وحث على التماسك والتآزر والتآلف لتصلح أحوال الناس , و تنتظم أمورهم و تستقيم حياتهم فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ
بَشِيرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " ([18])
ويكفى لصاحب القلب التقى النقي شهادة المصطفى r له بأنه من أفضل الناس، وانه من أهل الجنة
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ r : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : " كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ " , قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ , فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ , قَالَ : " هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ , لَا إِثْمَ فِيهِ , وَلَا بَغْيَ , وَلَا غِلَّ , وَلَا حَسَدَ " ([19])
2- إيقاظ أهل النبي r له:
عن أبي هريرة t أنّ رسول الله r، قال: (أُرِيتُ ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر "([20])
قال الحافظ ابن حجر وهذا سبب آخر، فإما أن يُحمل على التعدّد بأن تكون الرؤيا في حديث أبي هريرة مناماً، فيكون سببُ النسيان: الإيقاظ، وأن تكون الرؤية في حديث غيره في اليقظة، فيكون سبب النسيان: ما ذكر من المخاصمة. أو يحمل على اتحاد القصة، ويكون النسيان وقع مرتين عن سببين.
ويحتمل أن يكون المعنى: أيقظني بعض أهلي فسمعت تلاحي الرجلين، فقمت لأحجز بينهما فنسيتها للاشتغال بهما.
وقد روى عبد الرزاق من مرسل سعيد بن المسيّب أنه r قال: ((ألا أخبركم بليلة القدر؟ قالوا: بلى، فسكت ساعة، ثم قال: لقد قلت لكم وأنا أعلمها، ثم أُنسيتها)) فلم يذكر سبب النسيان، وهو مما يقوّي الحمل على التعدّد"([21])
3-لم يذكر سبب رفع تعيينها
عن أبي سعيد الخدري t قَالَ: اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِيِّ r الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرَينَ، فَخَطَبَا، وَقَالَ: إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا أَوْ نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الْوِتْرِ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللهِ r، فَلْيَرْجِعْ فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءٍ قَزَعَةَ؛ فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأَقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ r يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَته ([22]).
( أريت ) أعلمت بوقتها المحدد . ( نسيتها ) أنساني الله تعالى علم تحديدها . ( فالتمسوها ) اطلبوها وتحروها .
( الوتر ) أوتار الليالي وهي المفردة منها . ( قزعة ) قطعة رقيقة من السحاب
قال بدر الدين العيني عند قوله: (نسيته): "والمعنى أنّه أنسي علم تعيينها في تلك السنة، وقال الكرماني: فإن قلتَ: إذا جاز النسيان في هذه المسألة جاز في غيرها فيفوت منه التبليغ إلى الأمة. قلتُ: نسيان الأحكام التي يجب عليه التبليغ لها لا يجوز، ولو جاز ووقع لذكّره الله تعالى.
4-من اجل الاجتهاد في العبادة
وهذا كثير أي أنه يكون في القرآن والسنة أشياء مبهمة يبهمها الله ورسوله من أجل امتحان الخلق ليتبين الحريص من غير الحريص فمثلا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان أو في السبع الأواخر من رمضان لكن لا تعلم في أي ليلة هي من أجل أن يحرص الناس على العمل في كل الليالي رجاء هذه الليلة ولو علمت بعينها لاجتهد الناس في هذه الليلة وكسلوا عن بقية الليالي ومن ذلك ساعة الإجابة في يوم الجمعة فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله إلا أعطاه إياه هذه أيضا مبهمة من أجل أن يحرص الناس على التحري والعمل كذلك في كل ليلة ساعة إجابة لا يوافقها أحد يدعو الله سبحانه وتعالى إلا استجاب له ([23]).
5-الترغيب في اغتنام سائر الأيام
أنه تعالى أخفاها كما أخفى سائر الأشياء، فإنه أخفى رضاه في الطاعات حتى يرغبوا في الكل، وأخفى غضبه في المعاصي ليحترزوا عن الكل، وأخفى وليَّه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل، وأخفى الإجابة في الدعاء ليبالغوا في كل الدعوات، وأخفى الاسم الأعظم ليعظموا كل الأسماء، وأخفى الصلاة الوسطى ليحافظوا على الكل، وأخفى قبول التوبة ليواظب المكلف على جميع أقسام التوبة، وأخفى وقت الموت ليخاف المكلف… فكذا أخفى هذه الليلة ليعظموا جميع ليالي رمضان.
رابعا: علامات ليلة القدر
1-أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لاَ شُعَاعَ لَهَا
عَنْ عَبْادَةَ وَعَاصِمِ بْنِ أَبِى النَّجُودِ سَمِعَا زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ يَقُولُ سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - t - فَقُلْتُ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ. فَقَالَ رَحِمَهُ الله أَرَادَ أَنْ لاَ يَتَّكِلَ النَّاسُ أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا في رَمَضَانَ وَأَنَّهَا في الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. ثُمَّ حَلَفَ لاَ يَسْتَثْنِى أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَقُلْتُ بأي شَىْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ قَالَ بِالْعَلاَمَةِ أَوْ بِالآيَةِ التي أَخْبَرَنَا رَسُولُ الله -r- أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لاَ شُعَاعَ لَهَا([24]).
وفي موضع آخر قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرازي حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حدثني عَبْادَةُ عَنْ زِرٍّ قَالَ سَمِعْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ - وَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ - فَقَالَ أُبَىٌّ وَاللَّهِ الذي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنَّهَا لفي رَمَضَانَ - يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِى - والله إني لأَعْلَمُ أي لَيْلَةٍ هي. هي اللَّيْلَةُ التي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ الله -r- بِقِيَامِهَا هي لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لاَ شُعَاعَ لَهَا([25]).
معناه: أنه يمكن رؤيتها كلها ليس فيها الشعاع الذي ينبعث منها، وإنما تكون ظاهرة بارزة للناس، فلا يكون هناك الشعاع الذي يسترسل منها، ويمتد منها كالخيوط، وإنما تكون كالطست مستديرة ترى جميع أطرافها وأجزائها دون أن يكون هناك شعاع يمنع من رؤية هيئتها وشكلها ([26]).
2- ليلة طلقة لَا بَرْدَ فِيهَا وَلَا حَرَّ تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة
عن عكرمة عن ابن عباس : عن النبي r في ليلة القدر : ليلة طلقة لا حارة و لا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة" ([27])
3-الملائكة في الأرض أكثر من عدد الحصى :عن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ "ليلة القدر ليلة سابعة أو تاسعة و عشرين إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى " ([28])
4-في أواخر الشهر
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - t - قَالَ تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ رَسُولِ الله -r- فَقَالَ « أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ الْقَمَرُ وَهُوَ
مِثْلُ شِقِّ جَفْنَةٍ »([29])
قوله : ( شق جفنة ) الشق هو النصف ، والجفنة القصعة ، قال القاضي عياض : فيه إشارة إلى أنها إنما تكون في أواخر الشهر لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر .
خامسا: فضل ليلة القدر
1-نزول القرآن
قال تعالى: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، وقال : (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) الدخان.
وقال رسول الله r " أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان " ([30])
قال ابن كثير : القرآن إنما نَزل جُمْلًة وَاحِدة إلى بَيت العِزّة مِن السماء الدنيا ، وكان ذلك في شهر رمضان ، في ليلة القدر منه ، كما قال تعالى : (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وقال : (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) ، ثم نزل بعدُ مفرّقًا بحسب الوقائع على رسول الله r.
2-منحة عظيمة من الله تعالى لأمة المصطفى
قال تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر* ِوَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ *سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )سورة القدر
3-أنها ليلة كلها سلام
هي ليلة سلام كلها خالية من الشر والأذى ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها، قال تعالى(* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)القدر
قال ابن كثير في تفسيره: وقوله :( سلام هي حتى مطلع الفجر ) قال سعيد بن منصور : حدثنا هشيم ، عن أبي إسحاق عن الشعبي في قوله تعالى : ( من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ) قال : تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد ، حتى يطلع الفجر([31]) .
وقيل إنها سلام؛ لكثرة السلام فيها من العقاب والعذاب. ولا مانع أن تكون لذلك كله وأكثر
4-العبادة فيها خير من ألف شهر
والألف شهر في الحساب تساوي ثلاثة وثمانين سنة وكذا شهراً، يعني فوق الثمانين سنة، فكانت ليلة القدر تعويضاً للأمة عما فاتها من القدرة والاستطاعة على عمل الخير
فالعبادة فيها تعدل أكثر من عبادة في ثلاثة وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، قال تعالى (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) القدر 3
سادسا: الواجب على المسلم فيها
1-الاعتكاف:
فهو من أعظم العبادات في هذه العشر؛ وقد كان r حريصاً على سنة الاعتكاف في رمضان كل عام؛ وقد استن بهذه السنة أزواجه والصالحون من بعده r؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:” أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ؛ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ” ([32])
2-قراءة القرآن:
فعليك أن تكثر من قراءة القرآن الكريم ليلاً ونهارًا ، فعن ابن عباس t : ” أن جبريل u كان يلقى النبي r في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن.” ([33])
وهكذا كان السلف الصالح يقرؤون القرآن في رمضان في الصلاة وغيرها، وكان لأبي حنيفة والشافعي في
رمضان ستون ختمة في غير الصلاة، وكان بعضهم يختم القرآن كل ليلة من ليالي العشر، وربما أشكل على بعضهم ثبوت النهي عن قراءة القرآن الكريم في أقل من ثلاث، ” وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتنامًا للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم”. ([34])
وكان قتادة -رحمه الله- يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا دخل رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا دخل العشر ختم في كل ليلة مرة.
3-قيام الليل
عن أبي هريرة t عن النبي r قال " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " ([35])
قال تعالى " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون" السجدة أي: يقومون لصلاة الليل وهم المتهجدون.
وفي حديث معاذ عن ... النبي - r - ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون" السجدة ([36])
وعن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - y- عن أبيه: أن رسول الله - r - قال: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل» . قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا"([37]).
وعن ابن مسعود - t - قال: ذكر عند النبي - r - رجل نام ليلة حتى أصبح، قال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه» - أو قال: «في أذنه» ([38]).
في هذا الحديث: أن إهمال حق الله إنما ينشأ عن تمكن الشيطان من الإنسان، حتى يحول بينه وبين الأعمال الصالحة. قيل: كان رجل يكذب بهذا الحديث فنام حتى الفجر فقام والبول يسيل من أذنه.
وعن عبد الله بن سلام - t - أن النبي - r - قال: «أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»([39])
في هذا الحديث: بشارة لمن فعل ذلك بدخول الجنة ابتداء بغير حساب ولا عذاب.
وعن جابر - t - قال: سمعت رسول الله - r - يقول: «إن في الليل لساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة»([40])
4-الدعـــاء :
فعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"([41])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ عَنْ النَّبِيِّ r أَنَّهُ قَالَ:” لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ” قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ:” يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي
فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ” ([42])
وليعلم هذا المسكين الذي استبطأ الإجابة فترك الدعاء أنه خسر ثوابا وأجرا عظيما عند الله؛ لأن الله توعده بالإجابة عاجلا أو آجلا
فعن أبي سعيد الخدري t أن النبي r قال:” ما مِن مسلِمٍ يدعو اللَّهَ عزَّ وجلَّ بدَعوةٍ ليسَ فيها إثمٌ ، ولا قَطيعةُ رحِمٍ ، إلَّا أعطاهُ اللَّهُ بِها إحدى ثلاثِ خصالٍ : إمَّا أن يعجِّلَ لَهُ دعوتَهُ ، وإمَّا أن يدَّخرَها له في الآخرةِ ، وإمَّا أن
يصرفَ عنهُ منَ السُّوءِ مثلَها . قالوا : إذًا نُكْثِرُ ، قالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ ”([43])
فانظر إلى الصحابة قالوا : إذاً نكثر ؛ لأن الإجابة مضمونة في إحدى هذه الثلاث طالما التزمت بشروط الدعاء وآدابه؛ فإما أن يعجل الله لك الدعوة؛ أو يصرف عنك مصيبة أو نازلة كانت ستنزل بك رفعها الدعاء؛ أو يدخرها لك في الآخرة؛ يقول: عبدي دعوتني في يوم كذا في ساعة كذا بدعوة كذا فاذهب إلى قصر كذا في الجنة؛ وقتها يقول العبد: يا رب ليتك لم تستجب لي ولا دعوة في الدنيا!!! فلنكثر من الدعاء
فعلى المسلم أن يقف بين يدي ربه جل وعلا متذللا مستجيرا بالله وطالبا رضاه
بك أستجير ومن يجير سـواك | ** | فأجر ضعيفـاً يحتمي بحماكا |
إنِّي ضعيف استعين على قُــوى | ** | ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
|
أذنبت يا ربي وآذتني ذنوبي | ** | ما لهـا من غافر إلاكا |
دنياي غرتني وعفوك غــرني | ** | ما حيلتي في هذه أو ذاكا |
لو أن قلبي شك لم يك مؤمناً | ** | بكريم عفوك ما غوى وعصاكا |
رباه ها أنا ذا خلصت من الهوى | ** | واستقبل القلب الخلي هداك |
رباه قلب تائب ناداك أترده وترد | ** | صادق توبتي حاشاك ترده حاشاك |
فليرض عني الناس أو فليسخطوا | ** | أنا لم اعد أسعى لغير رضاك |
5-ذكر الله
قال تعالى " الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" الرعد
وقال تعالى" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ" البقرة
وعن أبي هريرة أيضا t أن رسول الله r قال " من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه " ([44])
6-الاستغفار
عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله r : " سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " . قال : " ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة " ([45])
7-إيقاظ الأهل
عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r : رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت
نضح في وجهها الماء ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء" ([46])
إن هذه العناية بأمر الزوجة والأهل والأولاد تجعل من البيت المسلم يعيش في روحانية رمضان هذا الشهر الكريم؛ عندما يقبل الأب والأم والبنين والبنات على الصلاة والعبادة والذكر وقراءة القرآن، ولنحفزهم على ذلك الخير؛ فمن دعا إلى هدى كان له من الخير والأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً
وقال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" التحريم
وعن ابن عمر t قال سمعت رسول الله r يقول كلكم راع ومسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع
في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته " ([47])
8-الإكثار من الجود:
فشهر رمضان يمتاز بأنه شهر المواساة والتراحم والجود والكرم والتكافل بين المسلمين، ولهذا السبب نفسه ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَـلَرَسُولُ اللَّهِ r أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ”([48])
قال ابن رجب – رحمه الله تعالى -: “وكان جوده – r– كله لله – عز وجل – وفي ابتغاء مرضاته؛ فإنه كان يبذل المال إما لفقير أو محتاج، أو ينفقه في سبيل الله، أو يتألَّفُ به على الإسلام مَن يقوى الإسلام بإسلامه… وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده، فيعطي عطاءً يعجز عنه الملوك مثلُ كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء، فيأتي عليه الشهرُ والشهران لا يُوقَدُ في بيته نار، وربما ربط على بطنه الحجر من الجوع.
والجود معناه الاستكثار من سائر أنواع الخير ، كالإنفاق ، وحسن الخلق ، وبر الوالدين ، وبذل الخير ، ونشر العلم ، والجهاد في سبيله ، وقضاء حوائج الناس ، وتحمل أثقالهم ، ومناصرة المستضعفين ودعمهم؛ وكافة صور الخير والبر والإحسان!!.
سابعاً: الحذر من الحرمان من الخير
1-حرمان خير ليلة القدر
عن أنس بن مالك قال دخل رمضان فقال رسول الله r إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم " ([49])
2-حرمان المغفرة في شهر رمضان
عن أبي هريرة t أن رسول الله r صعد المنبر فقال آمين آمين آمين قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال" إن جبريل u أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين"([50])
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد
منقول من كتاب
الإرشادات الإسلامية في الخطب المنبرية
للشيخ أحمد أبو عيد
01098095854
تعليقات: (0) إضافة تعليق