الحمد لله الذي جعل الفردوس لعباده المؤمنين نُزُلا؛ فله الحمد أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، جعل الجنة لهم مقرًا وسكنًا؛ فلم يتخذ السالكون إلى الله سواها شغلاً، وسهل لهم سبلها فلم يسلكوا سواها سبلاً، خلقها قبل أن يخلقهم، وأسكنهم إياها قبل أن يوجدهم، وحفَّها بالمكاره ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وأودعها ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وفوق ذلك: {خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا } [الكهف:108].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، شهادة أدَّخرها لي ولكم إلى يوم المصير، شهادة عبده وابن عبده وابن أَمَتِه، ومن لا غنى به طرفة عين عن رحمته وفضله ومنِّه وكرمه، ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بمنِّه وكرمه ورحمته.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين، وحجة على العباد أجمعين، شرح الله به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صمّاً وقلوباً غلفاً:
قدْ كانَ هذا الكونُ قبلَ وُصولِه ** شُؤْماً لظالِمِهِ وللمظلومِ
لمَّا أَطَلَّ محمدٌ زَكَتِ الرُّبا ** واخضرَّ في البُسْتانِ كلُّ هشيمِ
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، وسلم تسليماً كثيراً.
العناصر
أولًا: الترغيب في كف الأذى
ثانيًا: نماذج على كف الأذى
ثالثًا: صور الإيذاء
رابعًا: حرمة الإيذاء
خامسًا: كيف تتعامل مع من يؤذيك
الموضوع
أولًا: الترغيب في كف الأذى
كف الأذى صدقة: عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ « الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ ». قَالَ قُلْتُ أَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ « أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا ». قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ « تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ قَالَ « تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ » ([1]).
من صفات المسلمين: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ )) ([2]) ، قال الإمام ابنُ حجر - رحمه الله -: "فيقتضي حَصْر المسلم فيمن سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمراد بذلك المسلم الكامل الإسلام الواجب؛ إذْ سلامة المسلمين من لسان العبد ويده واجبةٌ، وأذى المسلم حرامٌ باللِّسان واليد.
من صفات المتقين: قال تعالى: (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136) ) آل عمران
الأمر بالكلام الأطيب: قال تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينً) الإسراء
من حقوق الطرقات: عن أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((إيَّاكم والجلوس على الطُّرقات))، فقالوا: ما لنا بدٌّ، إنَّما هي مجالسنا نتحدَّث فيها قال: ((فإذا أبيتم إلاَّ المجالس فأعطوا الطَّريق حقَّها))، قالوا: وما حقُّ الطَّريق؟ قال: ((غضُّ البصر وكفُّ الأذى وردُّ السَّلام، وأمرٌ بالمعروف، ونهيٌ عن المنكر)) ([3]) ، فالمؤذي مُعْتَدٍ، فإذا دَعَوا عليه، استجيب دعاؤهم، ومن ذلك ما يفعله البعضُ بتعطيل كاتم صوت السَّيَّارة أو الدرَّاجة النارية، فإذا مَرَّ آذى مَن في المساجد والبُيُوت بصوت سيارته أو درَّاجته، فالبيوت لا تخلو من نائم أو مريض، وكذلك المساجد لا تخلو من مصلٍّ ومتعلم، فليحذر المؤذي من دعوةٍ تُفتَح لها أبواب السماء، توبق دنياه وآخرته.
لا ضرر ولا ضرار: وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا ضَرَر ولا ضِرَار)) ([4])
من محاسن الأعمال: عن أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عن الطَّرِيقِ وَوَجَدْتُ في مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ في الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ» ([5]).
دخول الجنة:عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لاَ يُؤْذِيهِمْ. فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ »([6]).
فانظروا ثواب من كفَّ عن المسلمين الأذى وإن كان يسيرًا، أو لَم يتسبب فيه، إنَّ مجرد كف الأذى معروف وإحسانٌ يُثاب عليه المسلم.
وصية النبي r: عَنْ أَبَانَ بْنِ صَمْعَةَ حَدَّثَنِى أَبُو الْوَازِعِ حَدَّثَنِى أَبُو بَرْزَةَ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ عَلِّمْنِى شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ « اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ » ([7]).
حظ المسلم من أخيه: قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضره وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه ([8]).
ثانيًا: نماذج على كف الأذى:
النبي r:
أ- عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ فَقَالَ « لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ قَالَ فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَىَّ. ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِى رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِى بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا »([9]) .
فلو لم يكظم غيظه ويكف أذاه عنهم كما آذوه وطردوه وأغروا به غلمانهم وعذبوا أصحابه لدعا عليهم فأهلكهكم الله جميعا، لكن كان الجواب أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا شريك له ، فاستجاب الله تعالى لدعوة نبيه r وخرج من أصلابهم الكثير من المؤمنين الصادقين ممن عبدوا الله حق عبادته ودافعوا عن الإسلام ونشروه في كل مكان....
ب- عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه و سلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي صلى الله عليه و سلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي صلى الله عليه و سلم فلق الصفحة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول ( غارت أمكم ) ثم حبس لخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأ مسك المكسورة في بيت التي كسرت) ([10])
فكف اذاه عنها ولم يمسها بسوء، وهذا خلق جميل ينبغي ان نتعلمه ونطبقه في حياتنا ، فانظر كيف احتوى رسول الله r الموقف .
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عن ابْنِ عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ - رضي الله عنه - ، وَكَانَ القُرَّاءُ أصْحَابَ مَجْلِس عُمَرَ - رضي الله عنه - وَمُشاوَرَتِهِ كُهُولاً كانُوا أَوْ شُبَّاناً ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخيهِ : يَا ابْنَ أخِي ، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيهِ ، فاسْتَأذَن فَأذِنَ لَهُ عُمَرُ . فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ : هِي يَا ابنَ الخَطَّابِ ، فَواللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالعَدْلِ . فَغَضِبَ عُمَرُ - رضي الله عنه - حَتَّى هَمَّ أنْ يُوقِعَ بِهِ . فَقَالَ لَهُ الحُرُّ : يَا أميرَ المُؤْمِنينَ ، إنَّ الله تَعَالَى قَالَ لِنَبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } وإن هذا من الجاهلين . والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله ([11])
والكهل من الرجال من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين ، وقيل : من ثلاث وثلاثين إلى تمام
الخمسين ، وقيل : أراد بالكهل الحليم العاقل، والجزل : أي ما تعطينا العطاء الكثير.
غلام لأبي ذر: جاء غلام لأبي ذرّ- رضي الله عنه- وقد كسر رجل شاة له فقال له: من كسر رجل هذه؟ قال: أنا فعلته عمدا لأغيظك فتضربني فتأثم. فقال: لأغيظنّ من حرّضك على غيظي، فأعتقه)
أحد حكام الصين: يُحكى أن أحد الحكام فى الصين وضع صخرة كبيرة على طريق رئيسي فأغلقه تماماً، ووضع حارساً ليراقبها من خلف شجرة ويخبره بردة فعل الناس!!؟ مر أول رجل وكان تاجر كبير في البلدة فنظر إلى الصخرة باشمئزاز منتقداً من وضعها دون أن يعرف أنه الحاكم، فدار هذا التاجر من حول الصخرة رافعاً صوته قائلاً: ” سوف أذهب لأشكو هذا الأمر، وسوف نعاقب من وضعها”. ثم مر شخص ثان وكان يعمل في البناء، فقام بما فعله التاجر، لكن صوته كان أقل علواً، لأنه أقل شأناً في البلاد. ثم مر ثلاثة أصدقاء معاً، من الشباب الذين ما زالوا يبحثون عن هويتهم في الحياة، وقفوا إلى جانب الصخرة وسخروا من وضع بلادهم، ووصفوا من وضعها بالجاهل والأحمق والفوضوي، ثم انصرفوا إلى بيوتهم!!. وبعد مرور يومين جاء فلاح من الطبقة الفقيرة، فلم يتكلم وإنما بادر إليها مشمراً عن ساعديه محاولاً دفعها، وطلب المساعدة ممن يمر، فتشجع أخرون وساعدوه، ودفعوا الصخرة بعيدا عن الطريق. وبعد أن أزاح الفلاح الصخرة وجد صندوقاً وبالصندوق قطع من ذهب ورسالة مكتوب فيها: ” من الحاكم إلى من يزيل هذه الصخرة، هذه مكافأة لك لأنك إنسان إيجابي بادرت لحل المشكلة بدلاً من الشكوى منها والصراخ ؛
فهذه القصه تجسد تعاليم رسولنا الكريم بـ (وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ) ([12])
ثالثًا: صور الإيذاء
إيذاء الخالق جل جلاله: قال تعالى﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴾ مريم، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) ([13])
إيذاء الأنبياء: قال تعالى ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ
إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ الصف.
إيذاء المسلم في مشاعره: عن عبدالله قال: قال رسول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فلا يَتَناجى اثْنانِ دُونَ الآخَرِ حتى تَخْتَلِطوا بِالنَّاسِ من أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَه)) ([14]) ،أي لا ينفرد اثنان مع بعضهما ويتركان الثالث وحده فان هذا إيذاء لمشاعره.
التخلي في طرق الناس وظلهم: عن أبي هريرة أنَّ رسول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ)) قالوا: وما اللاَّعِنانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قال: ((الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ الناس أو ظِلِّهِمْ))([15]) ، ويكون إيذاء الناس في طرقهم بتسريب مياه الصَّرف الصحي فيها، فيتأذَّى الناس بالرائحة، إضافةً إلى تنجيسهم، وتأذِّي الناس بذلك أعظمُ من تأذِّيهم بقضاء الحاجة في الطَّريق.
تخطي الرقاب: عن عبدالله بن بُسْرٍ أن رَجُلاً جاء إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يَخْطُبُ الناسَ يومَ الجُمُعةِ، فقال: ((اجلِسْ؛ فَقدْ آذَيْتَ وآنيْتَ)) ([16])
رفع الصوت بالقراءة مما يؤذي غيرك: عن أبي سعيد قال (اعتكف رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة) ([17])
الرائحة الكريهة: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ - وَقَالَ مَرَّةً مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ » ([18])،وهذا يدلُّ على منع أذيَّة المؤمنين، ولو لم تكن متعمَّدة، وحتى لو كانت لغرضٍ شرعي، فكيف بالأذى المتعمَّد في موافقة هوى النَّفْس وشهوتها؟!
عن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم عن آبائهم دنية ( أي متصلو النسب ) عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ((من ظلمَ معاهدًا أو انتقَصَه، أو كلَّفَه فوق طاقته، أو أخذَ منه شيئًا بغير طيب نفسٍ، فأنا حجيجه يوم القيامة))([19])، فإذا كان هذا ظلم المعاهدين، فكيف بمن ظلمَ إخوانه المؤمنين؟!
إيذاء الجار: عن أبي هريرة قال : قيل للنبي صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله ! إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها ! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا خير فيها ؛ هي من أهل النار . قال : وفلانة تصلي المكتوبة وتصدق بأثوار ( من الأقط ) ولا تؤذي أحدا . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هي من أهل الجنة) ([20]) ومعنى ( أتوار : جمع تور بالمثناة : إناء من صفر وأثوار بالمثلثة وهو الصواب جمع ثور : وهي قطعة من الأقط وهو لبن جامد مستحجر ).
السِّباب والشِّتام، والغيبة والنميمة، والقدح في الأعراض: قال تعالى: ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15].
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ». قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِى أَخِى مَا أَقُولُ قَالَ « إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ » ([21]).
إيذاء الرجل زوجته: قال تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) البقرة
ويكون بالجور والظلم والقهر والقسوة والغلظة والحرمان والتهمة والظن والتخوين والشك في غير ريبة ، ومعاملتها بالخلق الدني واللسان البذي الذي لا تبقى معه عشرة ولا يدوم معه استقرار ولا سكون ولا راحة ، ومن الرجال من يترك زوجته معلقة لا ذات زوج ولا مطلقة ليحملها على الافتدا ودفع عوض المخالعة ظلماً وعدواناً ، ومن الرجال من يحرم المرأة أولادها بعد تطليقها إمعاناً في الإساءة والأذى
إيذاء الزوجة لزوجها: عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( لاَ تُؤْذِي امْرَأةٌ زَوْجَهَا في الدُّنْيَا إلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ العِينِ لاَ تُؤذِيهِ قَاتَلكِ اللهُ ! فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا ))([22]) ومعنى دخيل : ضيف، وإيذاء المرأة زوجها بالمعاندة والمعارضة والمكايدة والاستفزاز وعدم رعاية حقه في المغيب والمشهد .. إلى غير ذلك من صور الأذى التي يرفضها الشرع الحكيم ويأباها الطبع السليم والعقل المستقيم .
سب الأموات: عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ ، فَإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا )) ([23])
إيذاء الفقراء: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ البقرة.
وهناك الكثير والكثير من صور الإيذاء فيجب على كل مسلم أن يتجنبها جميعها....
رابعًا: حرمة الإيذاء
النهي الصريح عن الإيذاء: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ونظر ابن عمر إلى الكعبة فقال ما أعظمك وما أعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك) ([24]).
أيها المسلمون .. إيذاء المسلم ومكايدته وإلحاق الشر به واتهامه بالباطل ورميه بالزور والبهتان ، وتحقيره وتصغيره وتعييره وتنقصه وثنم عرضه وغيبته وسبه وشتمه وطعنه ولعنه وتهديده وترويعه ، وابتزازه وتتبع عورته ونشر هفوته وإرادة إسقاطه ، وفضيحته وتكفيره وتبديعه وتفسيقه ، وقتاله وحمل السلاح عليه وسلبه ونهبه وسرقته وغشه وخداعه والمكر به ، ومماطلته في حقه وإيصال الأذى إليه بأي وجه أو طريق ظلم وجرم وعدوان .. لا يفعله إلا دنيء مهين لئيم وضيع ذميم .. قد شحن جوفه بالضغناء والبغضاء وأفعم صدره بالكراهية والعداء ؛ فتنفش للمجابهة وتشمر للمشاحنة .. ينصب الشرك ويبري سهام الحتف .. دأبه أن يحزن أخاه ويؤذيه وهمه أن يهلكه ويرديه .. وكفى بذلك إثماً وحوباً وفسوقاً.
الإثم المبين: قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، أيْ: ينسبون إليهم ما هم بُرآء منه لَم يعملوه ولَم يفعلوه، وهذا هو البهت البيِّن أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لَم يفعلوه على سبيل العيب والتنقُّص لهم.
ويَعْظُم الإثم إذا كانت الأذيَّة للصالحين والأخيار، وأشد لو كانت الأذيَّة للعلماء والناصحين.
لعنة الله له: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57].
وجبت لعنة الناس عليه: عن حُذَيْفَةَ بن أُسَيْدٍ أَنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من آذَى المسلمين في طرقِهم، وجبَتْ عليه لعنتهم)) ([25])
الوعيد بالإفلاس يوم القيامة: عن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه
وسلم - ، قَالَ : (( أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ ؟ )) قالوا : المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع ، فَقَالَ : (( إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزَكاةٍ ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا ، وقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مالَ هَذَا ، وسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أنْ يُقضى مَا عَلَيهِ ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ ))([26])
سباب المسلم فسوق: عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سِبَابُ الْمُسْلِم فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ) ([27]) ، والمقصود بالفسق فى الشرع الخروج عن الطاعة وأما معنى الحديث فسب المسلم بغير حق حرام باجماع الامة وفاعله فاسق كما أخبر به النبى صلى الله عليه و سلم وأما قتاله بغير حق فلا يكفر به عند أهل الحق كفرا يخرج به من الملة كما قدمناه فى مواضع كثيرة إلا اذا استحله([28])
العذاب في النار يوم القيامة: عن يزيد بن شجرة قال (إن لجهنم لجبابا في كل جب ساحلا كساحل البحر فيه هوام وحيات كالبخاتي وعقارب كالبغال الدلم فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل اخرجوا إلى الساحل فتأخذهم تلك الهوام بشفاههم وجنوبهم وما شاء الله من ذلك فتكشطها فيرجعون فيبادرون إلى معظم النيران ويسلط عليهم الجرب حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم فيقال يا فلان هل يؤذيك هذا فيقول نعم فيقال له ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين) ([29])
خامسًا: كيف تتعامل مع من يؤذيك
الصبر : قال تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ﴾ [النحل: 126].
مقابلة الإساءة بالإحسان: قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34 - 35]
كظم الغيظ: عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله» ([30])
عن أنس- رضي الله عنه- أنّه قال: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرّ بقوم يصطرعون، فقال: «ما
هذا؟» قالوا: فلان، ما يصارع أحدا إلّا صرعه، قال: «أفلا أدلّكم على من هو أشدّ منه؟ رجل كلّمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه» ([31]) ، وعن معاذ بن أنس عن أبيه- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله- عزّ وجلّ- على رؤوس الخلائق حتّى يخيّره من الحور ما شاء»([32])
لا تغضب: عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رجلا قال للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أوصني: قال: «لا تغضب» فردّد مرارا، قال: «لا تغضب» ) ([33])
الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّى لأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِى يَجِدُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ». فَقَالَ الرَّجُلُ وَهَلْ تَرَى بِى مِنْ جُنُونٍ) ([34]) ، والأوداج: العروق المحيطة بالعنق التى تقطع حالة الذبح واحدها الودج
العفو والإعراض عن الجاهلين: قال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف
أعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين: قال تعالى: عاقبة الصِّدِّيق يوسف عليه السلام مع إخوته: ﴿ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90].
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
01098095854
-----------
الحمد لله الذي جعل الفردوس لعباده المؤمنين نُزُلا؛ فله الحمد أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، جعل الجنة لهم مقرًا وسكنًا؛ فلم يتخذ السالكون إلى الله سواها شغلاً، وسهل لهم سبلها فلم يسلكوا سواها سبلاً، خلقها قبل أن يخلقهم، وأسكنهم إياها قبل أن يوجدهم، وحفَّها بالمكاره ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وأودعها ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وفوق ذلك: {خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا } [الكهف:108].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، شهادة أدَّخرها لي ولكم إلى يوم المصير، شهادة عبده وابن عبده وابن أَمَتِه، ومن لا غنى به طرفة عين عن رحمته وفضله ومنِّه وكرمه، ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بمنِّه وكرمه ورحمته.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين، وحجة على العباد أجمعين، شرح الله به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صمّاً وقلوباً غلفاً:
قدْ كانَ هذا الكونُ قبلَ وُصولِه ** شُؤْماً لظالِمِهِ وللمظلومِ
لمَّا أَطَلَّ محمدٌ زَكَتِ الرُّبا ** واخضرَّ في البُسْتانِ كلُّ هشيمِ
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، وسلم تسليماً كثيراً.
العناصر
أولًا: الترغيب في كف الأذى
ثانيًا: نماذج على كف الأذى
ثالثًا: صور الإيذاء
رابعًا: حرمة الإيذاء
خامسًا: كيف تتعامل مع من يؤذيك
الموضوع
أولًا: الترغيب في كف الأذى
كف الأذى صدقة: عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ « الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ ». قَالَ قُلْتُ أَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ « أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا ». قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ « تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ قَالَ « تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ » ([1]).
من صفات المسلمين: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ )) ([2]) ، قال الإمام ابنُ حجر - رحمه الله -: "فيقتضي حَصْر المسلم فيمن سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمراد بذلك المسلم الكامل الإسلام الواجب؛ إذْ سلامة المسلمين من لسان العبد ويده واجبةٌ، وأذى المسلم حرامٌ باللِّسان واليد.
من صفات المتقين: قال تعالى: (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136) ) آل عمران
الأمر بالكلام الأطيب: قال تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينً) الإسراء
من حقوق الطرقات: عن أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((إيَّاكم والجلوس على الطُّرقات))، فقالوا: ما لنا بدٌّ، إنَّما هي مجالسنا نتحدَّث فيها قال: ((فإذا أبيتم إلاَّ المجالس فأعطوا الطَّريق حقَّها))، قالوا: وما حقُّ الطَّريق؟ قال: ((غضُّ البصر وكفُّ الأذى وردُّ السَّلام، وأمرٌ بالمعروف، ونهيٌ عن المنكر)) ([3]) ، فالمؤذي مُعْتَدٍ، فإذا دَعَوا عليه، استجيب دعاؤهم، ومن ذلك ما يفعله البعضُ بتعطيل كاتم صوت السَّيَّارة أو الدرَّاجة النارية، فإذا مَرَّ آذى مَن في المساجد والبُيُوت بصوت سيارته أو درَّاجته، فالبيوت لا تخلو من نائم أو مريض، وكذلك المساجد لا تخلو من مصلٍّ ومتعلم، فليحذر المؤذي من دعوةٍ تُفتَح لها أبواب السماء، توبق دنياه وآخرته.
لا ضرر ولا ضرار: وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا ضَرَر ولا ضِرَار)) ([4])
من محاسن الأعمال: عن أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عن الطَّرِيقِ وَوَجَدْتُ في مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ في الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ» ([5]).
دخول الجنة:عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لاَ يُؤْذِيهِمْ. فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ »([6]).
فانظروا ثواب من كفَّ عن المسلمين الأذى وإن كان يسيرًا، أو لَم يتسبب فيه، إنَّ مجرد كف الأذى معروف وإحسانٌ يُثاب عليه المسلم.
وصية النبي r: عَنْ أَبَانَ بْنِ صَمْعَةَ حَدَّثَنِى أَبُو الْوَازِعِ حَدَّثَنِى أَبُو بَرْزَةَ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ عَلِّمْنِى شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ « اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ » ([7]).
حظ المسلم من أخيه: قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضره وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه ([8]).
ثانيًا: نماذج على كف الأذى:
النبي r:
أ- عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ فَقَالَ « لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ قَالَ فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَىَّ. ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِى رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِى بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا »([9]) .
فلو لم يكظم غيظه ويكف أذاه عنهم كما آذوه وطردوه وأغروا به غلمانهم وعذبوا أصحابه لدعا عليهم فأهلكهكم الله جميعا، لكن كان الجواب أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا شريك له ، فاستجاب الله تعالى لدعوة نبيه r وخرج من أصلابهم الكثير من المؤمنين الصادقين ممن عبدوا الله حق عبادته ودافعوا عن الإسلام ونشروه في كل مكان....
ب- عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه و سلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي صلى الله عليه و سلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي صلى الله عليه و سلم فلق الصفحة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول ( غارت أمكم ) ثم حبس لخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأ مسك المكسورة في بيت التي كسرت) ([10])
فكف اذاه عنها ولم يمسها بسوء، وهذا خلق جميل ينبغي ان نتعلمه ونطبقه في حياتنا ، فانظر كيف احتوى رسول الله r الموقف .
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عن ابْنِ عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ - رضي الله عنه - ، وَكَانَ القُرَّاءُ أصْحَابَ مَجْلِس عُمَرَ - رضي الله عنه - وَمُشاوَرَتِهِ كُهُولاً كانُوا أَوْ شُبَّاناً ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخيهِ : يَا ابْنَ أخِي ، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيهِ ، فاسْتَأذَن فَأذِنَ لَهُ عُمَرُ . فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ : هِي يَا ابنَ الخَطَّابِ ، فَواللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالعَدْلِ . فَغَضِبَ عُمَرُ - رضي الله عنه - حَتَّى هَمَّ أنْ يُوقِعَ بِهِ . فَقَالَ لَهُ الحُرُّ : يَا أميرَ المُؤْمِنينَ ، إنَّ الله تَعَالَى قَالَ لِنَبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } وإن هذا من الجاهلين . والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله ([11])
والكهل من الرجال من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين ، وقيل : من ثلاث وثلاثين إلى تمام
الخمسين ، وقيل : أراد بالكهل الحليم العاقل، والجزل : أي ما تعطينا العطاء الكثير.
غلام لأبي ذر: جاء غلام لأبي ذرّ- رضي الله عنه- وقد كسر رجل شاة له فقال له: من كسر رجل هذه؟ قال: أنا فعلته عمدا لأغيظك فتضربني فتأثم. فقال: لأغيظنّ من حرّضك على غيظي، فأعتقه)
أحد حكام الصين: يُحكى أن أحد الحكام فى الصين وضع صخرة كبيرة على طريق رئيسي فأغلقه تماماً، ووضع حارساً ليراقبها من خلف شجرة ويخبره بردة فعل الناس!!؟ مر أول رجل وكان تاجر كبير في البلدة فنظر إلى الصخرة باشمئزاز منتقداً من وضعها دون أن يعرف أنه الحاكم، فدار هذا التاجر من حول الصخرة رافعاً صوته قائلاً: ” سوف أذهب لأشكو هذا الأمر، وسوف نعاقب من وضعها”. ثم مر شخص ثان وكان يعمل في البناء، فقام بما فعله التاجر، لكن صوته كان أقل علواً، لأنه أقل شأناً في البلاد. ثم مر ثلاثة أصدقاء معاً، من الشباب الذين ما زالوا يبحثون عن هويتهم في الحياة، وقفوا إلى جانب الصخرة وسخروا من وضع بلادهم، ووصفوا من وضعها بالجاهل والأحمق والفوضوي، ثم انصرفوا إلى بيوتهم!!. وبعد مرور يومين جاء فلاح من الطبقة الفقيرة، فلم يتكلم وإنما بادر إليها مشمراً عن ساعديه محاولاً دفعها، وطلب المساعدة ممن يمر، فتشجع أخرون وساعدوه، ودفعوا الصخرة بعيدا عن الطريق. وبعد أن أزاح الفلاح الصخرة وجد صندوقاً وبالصندوق قطع من ذهب ورسالة مكتوب فيها: ” من الحاكم إلى من يزيل هذه الصخرة، هذه مكافأة لك لأنك إنسان إيجابي بادرت لحل المشكلة بدلاً من الشكوى منها والصراخ ؛
فهذه القصه تجسد تعاليم رسولنا الكريم بـ (وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ) ([12])
ثالثًا: صور الإيذاء
إيذاء الخالق جل جلاله: قال تعالى﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴾ مريم، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) ([13])
إيذاء الأنبياء: قال تعالى ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ
إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ الصف.
إيذاء المسلم في مشاعره: عن عبدالله قال: قال رسول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فلا يَتَناجى اثْنانِ دُونَ الآخَرِ حتى تَخْتَلِطوا بِالنَّاسِ من أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَه)) ([14]) ،أي لا ينفرد اثنان مع بعضهما ويتركان الثالث وحده فان هذا إيذاء لمشاعره.
التخلي في طرق الناس وظلهم: عن أبي هريرة أنَّ رسول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ)) قالوا: وما اللاَّعِنانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قال: ((الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ الناس أو ظِلِّهِمْ))([15]) ، ويكون إيذاء الناس في طرقهم بتسريب مياه الصَّرف الصحي فيها، فيتأذَّى الناس بالرائحة، إضافةً إلى تنجيسهم، وتأذِّي الناس بذلك أعظمُ من تأذِّيهم بقضاء الحاجة في الطَّريق.
تخطي الرقاب: عن عبدالله بن بُسْرٍ أن رَجُلاً جاء إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يَخْطُبُ الناسَ يومَ الجُمُعةِ، فقال: ((اجلِسْ؛ فَقدْ آذَيْتَ وآنيْتَ)) ([16])
رفع الصوت بالقراءة مما يؤذي غيرك: عن أبي سعيد قال (اعتكف رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة) ([17])
الرائحة الكريهة: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ - وَقَالَ مَرَّةً مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ » ([18])،وهذا يدلُّ على منع أذيَّة المؤمنين، ولو لم تكن متعمَّدة، وحتى لو كانت لغرضٍ شرعي، فكيف بالأذى المتعمَّد في موافقة هوى النَّفْس وشهوتها؟!
عن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم عن آبائهم دنية ( أي متصلو النسب ) عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ((من ظلمَ معاهدًا أو انتقَصَه، أو كلَّفَه فوق طاقته، أو أخذَ منه شيئًا بغير طيب نفسٍ، فأنا حجيجه يوم القيامة))([19])، فإذا كان هذا ظلم المعاهدين، فكيف بمن ظلمَ إخوانه المؤمنين؟!
إيذاء الجار: عن أبي هريرة قال : قيل للنبي صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله ! إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها ! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا خير فيها ؛ هي من أهل النار . قال : وفلانة تصلي المكتوبة وتصدق بأثوار ( من الأقط ) ولا تؤذي أحدا . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هي من أهل الجنة) ([20]) ومعنى ( أتوار : جمع تور بالمثناة : إناء من صفر وأثوار بالمثلثة وهو الصواب جمع ثور : وهي قطعة من الأقط وهو لبن جامد مستحجر ).
السِّباب والشِّتام، والغيبة والنميمة، والقدح في الأعراض: قال تعالى: ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15].
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ». قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِى أَخِى مَا أَقُولُ قَالَ « إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ » ([21]).
إيذاء الرجل زوجته: قال تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) البقرة
ويكون بالجور والظلم والقهر والقسوة والغلظة والحرمان والتهمة والظن والتخوين والشك في غير ريبة ، ومعاملتها بالخلق الدني واللسان البذي الذي لا تبقى معه عشرة ولا يدوم معه استقرار ولا سكون ولا راحة ، ومن الرجال من يترك زوجته معلقة لا ذات زوج ولا مطلقة ليحملها على الافتدا ودفع عوض المخالعة ظلماً وعدواناً ، ومن الرجال من يحرم المرأة أولادها بعد تطليقها إمعاناً في الإساءة والأذى
إيذاء الزوجة لزوجها: عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( لاَ تُؤْذِي امْرَأةٌ زَوْجَهَا في الدُّنْيَا إلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ العِينِ لاَ تُؤذِيهِ قَاتَلكِ اللهُ ! فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا ))([22]) ومعنى دخيل : ضيف، وإيذاء المرأة زوجها بالمعاندة والمعارضة والمكايدة والاستفزاز وعدم رعاية حقه في المغيب والمشهد .. إلى غير ذلك من صور الأذى التي يرفضها الشرع الحكيم ويأباها الطبع السليم والعقل المستقيم .
إيذاء الفقراء: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ البقرة.
وهناك الكثير والكثير من صور الإيذاء فيجب على كل مسلم أن يتجنبها جميعها....
رابعًا: حرمة الإيذاء
النهي الصريح عن الإيذاء: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ونظر ابن عمر إلى الكعبة فقال ما أعظمك وما أعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك) ([24]).
أيها المسلمون .. إيذاء المسلم ومكايدته وإلحاق الشر به واتهامه بالباطل ورميه بالزور والبهتان ، وتحقيره وتصغيره وتعييره وتنقصه وثنم عرضه وغيبته وسبه وشتمه وطعنه ولعنه وتهديده وترويعه ، وابتزازه وتتبع عورته ونشر هفوته وإرادة إسقاطه ، وفضيحته وتكفيره وتبديعه وتفسيقه ، وقتاله وحمل السلاح عليه وسلبه ونهبه وسرقته وغشه وخداعه والمكر به ، ومماطلته في حقه وإيصال الأذى إليه بأي وجه أو طريق ظلم وجرم وعدوان .. لا يفعله إلا دنيء مهين لئيم وضيع ذميم .. قد شحن جوفه بالضغناء والبغضاء وأفعم صدره بالكراهية والعداء ؛ فتنفش للمجابهة وتشمر للمشاحنة .. ينصب الشرك ويبري سهام الحتف .. دأبه أن يحزن أخاه ويؤذيه وهمه أن يهلكه ويرديه .. وكفى بذلك إثماً وحوباً وفسوقاً.
الإثم المبين: قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، أيْ: ينسبون إليهم ما هم بُرآء منه لَم يعملوه ولَم يفعلوه، وهذا هو البهت البيِّن أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لَم يفعلوه على سبيل العيب والتنقُّص لهم.
ويَعْظُم الإثم إذا كانت الأذيَّة للصالحين والأخيار، وأشد لو كانت الأذيَّة للعلماء والناصحين.
لعنة الله له: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57].
وجبت لعنة الناس عليه: عن حُذَيْفَةَ بن أُسَيْدٍ أَنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من آذَى المسلمين في طرقِهم، وجبَتْ عليه لعنتهم)) ([25])
الوعيد بالإفلاس يوم القيامة: عن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه
وسلم - ، قَالَ : (( أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ ؟ )) قالوا : المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع ، فَقَالَ : (( إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزَكاةٍ ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا ، وقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مالَ هَذَا ، وسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أنْ يُقضى مَا عَلَيهِ ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ ))([26])
سباب المسلم فسوق: عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سِبَابُ الْمُسْلِم فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ) ([27]) ، والمقصود بالفسق فى الشرع الخروج عن الطاعة وأما معنى الحديث فسب المسلم بغير حق حرام باجماع الامة وفاعله فاسق كما أخبر به النبى صلى الله عليه و سلم وأما قتاله بغير حق فلا يكفر به عند أهل الحق كفرا يخرج به من الملة كما قدمناه فى مواضع كثيرة إلا اذا استحله([28])
العذاب في النار يوم القيامة: عن يزيد بن شجرة قال (إن لجهنم لجبابا في كل جب ساحلا كساحل البحر فيه هوام وحيات كالبخاتي وعقارب كالبغال الدلم فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل اخرجوا إلى الساحل فتأخذهم تلك الهوام بشفاههم وجنوبهم وما شاء الله من ذلك فتكشطها فيرجعون فيبادرون إلى معظم النيران ويسلط عليهم الجرب حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم فيقال يا فلان هل يؤذيك هذا فيقول نعم فيقال له ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين) ([29])
خامسًا: كيف تتعامل مع من يؤذيك
الصبر : قال تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ﴾ [النحل: 126].
مقابلة الإساءة بالإحسان: قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34 - 35]
كظم الغيظ: عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله» ([30])
عن أنس- رضي الله عنه- أنّه قال: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرّ بقوم يصطرعون، فقال: «ما
هذا؟» قالوا: فلان، ما يصارع أحدا إلّا صرعه، قال: «أفلا أدلّكم على من هو أشدّ منه؟ رجل كلّمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه» ([31]) ، وعن معاذ بن أنس عن أبيه- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله- عزّ وجلّ- على رؤوس الخلائق حتّى يخيّره من الحور ما شاء»([32])
لا تغضب: عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رجلا قال للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أوصني: قال: «لا تغضب» فردّد مرارا، قال: «لا تغضب» ) ([33])
الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّى لأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِى يَجِدُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ». فَقَالَ الرَّجُلُ وَهَلْ تَرَى بِى مِنْ جُنُونٍ) ([34]) ، والأوداج: العروق المحيطة بالعنق التى تقطع حالة الذبح واحدها الودج
العفو والإعراض عن الجاهلين: قال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف
أعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين: قال تعالى: عاقبة الصِّدِّيق يوسف عليه السلام مع إخوته: ﴿ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90].
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
01098095854
-----------
تعليقات: (0) إضافة تعليق