الحمد لله الذي علم ما العباد فاعلوه ولو أراد ان يطيعوه جميعا لأطاعوه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حفظ بفضله من ذكروه وأطاعوه، سل اخوه يوسف لما اخذوه وفي البئر ألقوه وقالوا أكله الذئب والذئب برئ مما اتهموه، وحمله السيارة وفي مصر باعوه، فعاش شريفا عفيفا وبالفاحشة اتهموه، فقال ربي السجن أحب إلى مما يطلبوه، وبرغم علمهم ببراءته سجنوه، فأحوجهم الله اليه فمن السجن أخرجوا وبأيديهم على كرسي العرش نصّبوه، فقلب بصره في ملكه وقال هذا بفضل الله في عباد الله وحدوه.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله
نـُورٌ أَضاءَ بَصِيَرتي فَأضاءَني ** لمَّـا تَـذَكرَتُ الحَبيبَ مُحَمَّدَا
وكَأنَّما سَطَعَتْ شُمُوسٌ في دَمِي ** وكأنَّمــا قَمَرُ السَمَاءِ تَعَدَّدا
فَبِـذِكرهِ يحلـو الوجُودُ فَنرتَقي ** يا حظَّ مَنْ باسمِ الحَبيبِ تَزوَّدا
هُـوَ بالرِّسَالـةِ والهدَايةِ قَدْ أتى ** شَرُفَتْ بِه الدُنيا وكَانَ مُكَمَّلا
مِـنْ بَعْـدِ شّقِّ الصَّدْرِ وُجِّهَ قَلبُهُ ** للغَـارِ مُعتَكِفَاً غَدا مُتَأمِّلا
حَتى بَـدا جِبريـلُ قَالَ اقرأ وقُلْ ** فَكأنّـَهُ في العِلـمِ كَانَ الأوَّلا
صلى الله عليه وعلى صحابته الطيبين الطاهرين وأرض اللهم عنا معهم يا رب العالمين
العناصر
أولًا: فضل الذكر وأذكار متنوعة
ثانيًا: أقوال السلف
ثانيًا: أقوال السلف
ثالثًا: أوقات يستحب فيها الذكر
رابعًا: إياك أن تكون من الغافلين
رابعًا: إياك أن تكون من الغافلين
الموضوع
أولًا: فضل الذكر وأذكار متنوعة
تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» ([1])
(الطهور) قال جمهور أهل اللغة يقال الوضوء والطهور بضم أولهما إذا أريد به الفعل الذي هو المصدر ويقال الوضوء والطهور بفتح أولهما إذا أريد به الماء الذي يتطهر به (شطر) أصل الشطر النصف (الصلاة نور) فمعناه أنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به (والصدقة برهان) قال صاحب التحرير معناه يفزع إليها كما يفزع إلى البراهين كأن العبد إذا سئل يوم القيامة عن مصرف ماله كانت صدقاته براهين في جواب هذا السؤال فيقول تصدقت به (والصبر ضياء) فمعناه الصبر المحبوب في الشرع وهو الصبر على طاعة الله والصبر عن معصيته والصبر أيضا على النائبات وأنواع المكاره في الدنيا والمراد أن الصبر محمود ولا يزال صاحبه مستضيئا مهتديا مستمرا على الصواب (والقرآن حجة لك أو عليك) معناه ظاهر أي تنتفع به إن تلوته وعملت به وإلا فهو حجة عليك (كل الناس يغدو الخ) فمعناه كل إنسان يسعى بنفسه فمنهم من يبيعها الله بطاعته فيعتقها من العذاب ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى بإتباعها فيوبقها أي يهلكها.
أفضل من الدنيا وما فيها: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» ([2])
التسبيح: التنزيه لله عما لا يليق به، والحمد: الثناء عليه بنعوت الكمال. ولا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله. والتكبير: التعظيم. قال الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} [الزمر (67) ] .
هو الذي ينبغي أن يتعلمه المسلم ويتمسك به: عن سعد بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قال: جَاءَ أعْرَابيٌّ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: عَلِّمْنِي كَلاَماً أقُولُهُ. قَالَ: «قُلْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، اللهُ أكْبَرُ كَبِيراً، وَالحَمْدُ للهِ كَثيراً، وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَالِمينَ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ» قَالَ: فهؤُلاءِ لِرَبِّي، فَمَا لِي؟ قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» ([3]).
الذكر ثناء ودعاء، كما في سورة الفاتحة؛ ولهذا قال الأعرابي للجمل الأولى: فهؤلاء لربي فما لي؟ أي: فأي شيء أدعو به مما يعود لي بنفع ديني أو دنيوي، فأمره أن يطلب من الله المغفرة، والرحمة، والهداية، والرزق.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
(بشيء أتشبث به) أي ليسهل علي أداؤها. أو ليحصل به فضل مافات منها من غير الفرائض ولم يرد الاكتفاء به عن الفرائض والواجبات.
دليل على قوة الإيمان: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ» ([4]) أي أن الذاكر لله قوي الإيمان، والغافل عن الذكر ضعيف الإيمان.
يُعوض عن التقصير في النفقة والجهاد وقيام الليل: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي الْمَالَ مَنْ أَحَبَّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، فَمَنْ ضَنَّ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، وَخَافَ الْعَدُوَّ أَنْ يُجَاهِدَهُ، وَهَابَ اللَّيْلَ أَنْ يُكَابِدَهُ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ) ([5])
قسم بينكم أرزاقكم" القسمة: أعطى لكل واحد منكم جزاءا أو نصيبا من هذه الأخلاق لأن بابها واسع وهي تشمل كل ما يتجمل به العبد من الهيئات والسلوك والمعاملات التي يستحسنها غالب الناس و يحبون أصحابها، "و إن الله تعالى يعطي المال من أحب و من لا يحب" أي صالحهم و طالحهم، خيرهم و فاسدهم، فالحصول على المال في الدنيا ليس دليل محبة و عنوان امتياز في الشرع كما تقرر في نصوص الكتاب و السنة.
" فمن ضن بالمال" أي بخل به أي لشدة حرصه عليه، " وخاف العدو أن يجاهد، وهاب الليل أن يكابده" أي ابتلي بالجبن، جبان من أن يقف في مواجهة العدو، وأيضا ترك المكابدة في قيام الليل وإن كان من الفضائل والمستحبات إلا أنه من أعظمها، فمن ابتلي بهذا جُعل له ما يعوض به هذا كله.
أكثر عمل يُنجي من العذاب: عن جابر رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ما عمل آدمي عملا أنجى له من العذاب من ذكر الله تعالى قيل ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع) ([6])
نزول السكينة والرحمة والملائكة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «.....وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»([7]) ، (السكينة) أي الطمأنينة والوقار، (ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) معناه من كان عمله ناقصا لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل.
أكثر العباد طاعة لله في يومه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ " ([8]) ، عدل عشر رقاب)، أي: تعدل عتق عشر رقاب.، وحرز أي وقاية وحماية.
خير الأعمال وأزكاها عن الله: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ»؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى» ([9]) قال ابن حجر: فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الذِّكْرَ بِمُجَرَّدِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَبْلَغِ مَا يَقَعُ لِلْمُجَاهِدِ وَأَفْضَلُ مِنَ الْإِنْفَاقِ مَعَ مَا فِي الْجِهَادِ وَالنَّفَقَةِ مِنَ النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي.
ذهاب الهموم وغفران الذنوب: عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ»، قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ». قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» ([10])
شفاعة النبي ﷺ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» ([11])
زكاة للجسد: عن أَبي ذر - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ: فَكُلُّ تَسْبيحَةٍ صَدَقةٌ، وَكُلُّ تَحْميدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبيرَةٍ صَدَقَةٌ، وأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيجْزئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى» ([12])
هم السابقون: عن أبي هريرة قال: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَبَقَ المُفَرِّدُونَ» قالوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ؟ يَا رسولَ الله قال: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كثيراً والذَّاكِرَاتِ» ([13])
وهم المهتزون بذكر الله تعالى، وهم أيضًا الذين هلكت لذَّاتهم وبقوا هُم.
كنز من كنوز الجنة: عن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟» فقلت: بلى يَا رسولَ الله قَالَ: «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللهِ» ([14]) قال النَّووي: المعنى أنَّ قائلها يحصِّل ثوابًا نفيسًا يُدَّخر له في الجنة، وهي كلمة استسلام، وتفويض. وأن العبد لا يملك من أمره شيئًا، ولا له حيلة في دفع شر، ولا في جلب خير إلا بإرادة الله تعالى.
هم من ينبغي مجالستهم: قَالَ اللهُ تَعَالَى: {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تريد زينة الحياة الدنيا} ... [الكهف (28) ] .
أي: اجلس مع الذين يذكرون الله ويسألونه بكرةً وعشيًا من عباد الله، سواء كانوا فقراء أو أغنياء.
يقال: إنها نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يجلس معهم وحده، ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه، فنهاه الله عن ذلك.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنَّا مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة، فقال المشركون للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اطرد هؤلاء لا يجترؤون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما شاء الله أن يقع، فحدَّث نفسه، فأنزل الله عزَّ وجلّ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام (52) ] ([15]) ، وقوله: {وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، قال ابن عباس: ولا تجاوزهم إلى غيرهم، يعني: تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة، {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} ، أي: شغل عن الدِّين، وعبادة ربه بالدنيا، {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ، في طلب الشهوات {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} ، أي: ضياعًا.
يظلهم الله بظله يوم القيامة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: ......... وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " (ففاضت عيناه) ذرفت بالدموع إجلالا لله وشوقا إلى لقائه.
هو الذي يصعد إلى الله: قال تعالى{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} (سورة فاطر)
التماس الملائكة لهم: عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ للهِ تَعَالَى مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ، فإذا وَجَدُوا قَوْمَاً يَذْكُرُونَ اللهَ - عز وجل -، تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ - وَهُوَ أعْلَم -: مَا يقولُ عِبَادي؟ قَالَ: يقولون: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقول: هَلْ رَأَوْنِي؟ فيقولونَ: لا واللهِ مَا رَأَوْكَ. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْني؟! قَالَ: يقُولُونَ: لَوْ رَأوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيداً، وأكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحاً. فَيقُولُ: فماذا يَسْألونَ؟ قَالَ: يقُولُونَ: يَسْألُونَكَ الجَنَّةَ. قَالَ: يقولُ: وَهل رَأَوْها؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يقول: فَكيفَ لَوْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لَوْ أنَّهُمْ رَأوْهَا كَانُوا أشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصاً، وأشدَّ لَهَا طَلَباً، وأعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يقولون: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ؛ قَالَ: فيقولُ: وَهَلْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ مَا رَأوْهَا. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْهَا؟! قَالَ: يقولون: لَوْ رَأوْهَا كانوا أشَدَّ مِنْهَا فِرَاراً، وأشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ: فيقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم، قَالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهم فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» ([16])
مباهاة الملائكة بهم: عن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: خرج معاوية - رضي الله عنه - عَلَى حَلْقَةٍ في المَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا أجْلَسَكُمْ؟ قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ. قَالَ: آللهِ مَا أجْلَسَكُمْ إِلا ذاك؟ قالوا: مَا أجْلَسَنَا إِلا ذَاكَ، قَالَ: أما إنِّي لَمْ اسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَمَا كَانَ أحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَلَّ عَنْهُ حَديثاً مِنِّي: إنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ: «مَا أجْلَسَكُمْ؟» قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ الله وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا للإسْلاَمِ؛ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ: «آللهِ مَا أجْلَسَكُمْ إِلا ذَاكَ؟» قالوا: واللهِ مَا أجْلَسَنَا إِلا ذَاكَ. قَالَ: «أمَا إنِّي لَمْ أسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، ولكِنَّهُ أتَانِي جِبرِيلُ فَأخْبَرَنِي أنَّ الله يُبَاهِي بِكُمُ المَلاَئِكَةَ» ([17])
القوة والعزيمة والنشاط: عَن عبد الله بن يسر: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ: " لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذكر اللَّهِ) ([18])
الكثير منا يحب أن يكون أفضل الناس في العبادة وفعل الطاعات، ويكون كذا وكذا ولكن بسبب الكسل يقول أنا غير قادر على فعل شيء، ومهما حاولت لا أستطيع، فحل المشكلة هو كثرة ذكر الله فبه سيُذهب الله عنك الكسل ويبدلك النشاط وقوة في البدن فتفعل ما تشاء وتجد بركة في وقتك وصحتك وفي كل شيء.
وهذا الإمام ابن القيم يحكي قصة شيخة ابن تيمية قائلا: صليت مرة الفجر خلف شيخ الإسلام ابن تيمية فظل يذكر الله حتى انتصف النهار ثم التفت إليَّ وقال: هذه غدوتي لو لم أتغد غدوتي سقطت قوتي ، منبها رحمه الله إلى ضرورة العمل بوصية الاستعانة بالغدوة القاذفة في الروع بشائر الوعد النبوي، مبينا أنها إن أهملت سقطت قوة الإنسان غلبه الوهن.
تسبيح الطير: قال تَعَالَى: {إنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ} [ص (18) ] .
قال ابن كثير: أي أنَّه تعالى سخَّر الجبال تسبِّح مع داود عند إشراق الشمس، وآخر النهار، كما قال عزَّ وجلّ: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ (10) ] ، وكذلك كانت الطير تسبِّح بتسبيحه، وترجِّع بترجيعه، إذا مر به الطير وهو سابح في الهواء، فسمعه وهو يترنَّم بقراءة الزبور ولا يستطيع الذهاب، بل يقف في الهواء ويسبح معه، وتجيبه الجبال الشامخات، ترجع معه وتسبح تبعًا له.
الفتح على الذاكر: يقولُ ابن تيمية: والله إن المسألة تُغلق في وجهي ، فأستغفر الله ألف مرة فتُفتح لي. ثق بأن الاستغفار يفتح لك أبواب الخير والنجاح والفلاح.
علاج قسوة القلوب: شكا رجل قسوة قلبه إلى الحسن البصري -رحمه الله تعالى- فقال: "أدِّبه بذكر الله -تعالى-".
حسن الخاتمة: يقول أحدهم: في إحدى القرى في بيت من بيوت الله بعد أن أُديت فريضة من فرائض الله قام أحد الدعاة يُحدث المصلين عن فضل ذكر الله لم يزلْ الشيخ متنقلا بين آيات الكتاب الكريم وأحاديث السنة المطهرة وأحوال السلف الصالح لترغيب عباد الله في ذكره سبحانه وتعالى ، والناس ينصتون إليه في لهفة وشوق إلى هذا الذكر الذي تعطشت له قلوبهم كان ممن يجلس بين المصلين رجل كبير في السن أمي لا يقرأ ولا يكتب قد أقبل بوجهه وقلبه على كلام الشيخ حتى بلغ الشيخ ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] وما إن سمع هذا الحديث حتى حفظه عن ظهر قلب ووقع في نفسه أيما موقع حتى استقر في قلبه فطرد عنه كل داء وبات الشوق إلى ذكر الله يخالج قلبه خرج من المسجد وهو يردد هذه الكلمات المباركات [سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] ، ولم يزل كذلك حتى وصل بيته فنظر في حال أهله فوجد أنهم في إقبال على الدنيا وإدبار عن الآخرة ، فنادى في أهله ( إني لكم ناصح أمين ) أنتم هاهنا في لهو ولعب وكأنكم لم تسمعوا بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ! قالوا : وما الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فساق لهم الحديث ثم أردف قائلا يا زوجتي ويا أبنائي ويا بناتي أدركوا أنفسكم قبل فوات الأوان هيا طهروا قلوبكم وثقلوا موازينكم بهاتين الكلمتين [سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] فاستجاب أهله لنداءه المشفق عليهم ورطبتْ ألسنتهم بذكر الله كان الرجل يخرجُ بعد صلاة العصر فيغشى الناس في أسواقهم ومجالسهم نظر إلى أحوال قومه فوجد أنهم في شُغلٍ عن ذكر الله فنادى فيهم يا قومي : هل أدلكم على ما ينفعكم قالوا : نعم فساق لهم الحديث فلم يزل في قومه مُلحاً عليهم داعياً إياهم إلى ترطيب ألسنتهم وتطهير قلوبهم بذكر الله عز وجل فاستجاب له قومه وأهله عاش الرجل مستمسكا بهذا الذِّكر لم يكدْ لسانه يفتر عن تلك الكلمات المباركات لم يكن يقابل أحدا إلا أقرأه حديث النبي الكريم ودعاه إلى ذِكْرِ الله لقد امتلأ قلبه بنور هذا الذِّكر وفاض هذا الحب على اللسان قد أراد هذا الرجل لكل من عرفه أن يشعر باللذة التي شعر بها أراد للناس أن يأنسوا بذكر الله كما أنسْ وتطمئن قلوبهم كما اطمئن قلبه ومضتْ بِضْع سنين والرجل على حاله لا يغير ولا يبدل كل من نظر إليه يتذكر من ساعته الحديث.
حتى إذا داهمه المرض وأُدخل المستشفى كان المرض قد أنهك جسده فلم يعد يقدر على شيء غير أن لسانه لم يزل متلذذا بالكلمات المباركات [سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] كان يدخل عليه الأطباء وفريق التمريض من العرب والعجم فينادي فيهم ويرغبهم في الذِّكر الذي اجتمع حبه في قلبه حتى إذا جاءت اللحظات الأخيرة والطبيب عند رأسه كان طبيبا من دولة عربيه وعلى دين النصارى فناداه يا دكتور قال الدكتور: نعم يا عم . قال الرجل : يا دكتور قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] . ثم فاضت روحه إلى بارئها عندها ذُهل الطبيب ورقَّ قلبه لقد شاهد الطبيب في حياته العملية حالات احتضار كثيرة غير أن هذا المرة لم تكن كسابقاتها لقد مات الرجل المسن وهو يتحدث بكل ثقة وثبات وهدوء الطبيب لم يتردد كثيرا فما هي إلا أيام وقد أخذ قراره الحكيم وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
فانظروا كيف صلُحت حياته بحديث واحد! كيف حسُنت خاتمته بحديث واحد! فهنيئاً لكل من باتت ألسنتهم رطبة من ذكر الله.
ثانيًا: أقوال السلف
قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: ( لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل ) ، ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء. فإذا ترك الذكر صدئ، فإذا ذكره جلاه.
وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر.
قال مالك بن دينار رحمه الله: (ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل فليس شيء من الأعمال أخف مؤونة وأعظم لذة وأكثر فرحاً وابتهاجاً للقلب من ذكر الله عز وجل).
قال ابن تيمية رحمه الله: (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة قيل: وما هي؟ قال: ذكر الله تعالى).
قال الحسن: أحب عباد الله إلى الله أكثرهم له ذكرًا، وأتقاهم قلبًا.
وقيل لبعض الصالحين: ألا تستوحش وحدك؟ قال: كيف أستوحش وهو يقول: «أنا جليس من ذكرني» .
قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (الأحزاب/ 33) :
إنّ الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلّا جعل لها حدّا معلوما ثمّ عذر أهلها في حال العذر، غير الذّكر فإنّ الله تعالى لم يجعل له حدّا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلّا مغلوبا على تركه فقال: فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ (النساء/ 103) باللّيل والنّهار في البرّ والبحر، وفي السّفر والحضر، والغنى والفقر، والسّقم والصّحّة، والسّرّ والعلانية، وعلى كلّ حال» ([19])
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (ليسَ يَتَحَسَّرُ أهلُ الجنَّة على شيءٍ إلّا ساعةً مَرَّة بهم ولم يذكروا الله تعالى فيها!).
ثالثًا: أوقات يستحب فيها الذكر
بعد الوضوء: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» قَالَ فَقُلْتُ: مَا أَجْوَدَ هَذِهِ فَإِذَا قَائِلٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَقُولُ: الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ قَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قَالَ: " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ "([20]) (ما أجود هذه) يعني هذه الكلمة أو الفائدة أو البشارة أو العبادة وجودتها من جهات منها أنها سهلة متيسرة بقدر عليها كل أحد بلا مشقة ومنها أن أجرها عظيم (آنفا) أي قريبا (فيبلغ أو يسبغ) هما بمعنى واحد أي يتمه ويكلمه فيوصله مواضعه على الوجه المسنون.
في الركوع والسجود: عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» ([21])
عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقولُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: ... «سبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ» ([22])
وهما اسمان وضعا للمبالغة في النزاهة والطهارة عن كل ما لا يليق بجلاله تعالى، وكبريائه، وعظمته، وأفضاله، أي: ركعوي وسجودي لمن هو البالغ في النزاهة والطهارة، المبلغَ الأعلى
بعد الصلاة: وقال تعالى: ( فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ (النساء/ 103) ، وختم به الجمعة كقوله تعالى: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (الجمعة/ 10) .
عن ثَوبانَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاثَاً، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ» قِيلَ لِلأوْزَاعِيِّ - وَهُوَ أحَدُ رواة الحديث -: كَيْفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قَالَ: تقول: أسْتَغْفِرُ الله، أسْتَغْفِرُ الله ([23])
في هذا الحديث: مشروعية الاستغفار بعد الصلاة.
وفيه: إيماء إلى أنه ينبغي عدم النظر لما يأتي به العبد من الطاعة، فذلك مزيد للقول، والتكرار للمبالغة في رؤية النقص فيما جاء به من العبادة.
وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» ([24])
الجدُّ: الحظ والغنى، أي: لا ينفع صاحب الغنى عندك غناه، إنما ينفعه عنايتك به، وما قدمه من صالح العمل.
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ الله في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللهَ ثَلاثاً وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ الله ثَلاثاً وَثَلاَثِينَ، وقال تَمَامَ المِئَةِ: لا إلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ» ([25])
وعن معاذ - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ بيده، وقال: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ» فَقَالَ: «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَة تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» ([26]) ففي الدعاء بهذه الألفاظ القليلة مطالب الدنيا والآخرة.
عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ - أَوْ فَاعِلُهُنَّ - ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً، فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ» ([27])
عند الخروج من المنزل: عَنْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نَزِلَّ أَوْ نَضِلَّ أَوْ نَظْلِمَ أَوْ نُظْلَمَ أَوْ نَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا» ([28])
عند جماع الزوجة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَبْلُغُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ» ([29])
(إذا أتى أهله) جامع زوجته ، (ما رزقتنا) أي من ولد، (لم يضره) أي: لم يسلّط عليه.
في كل صباح ومساء: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ: حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ " ([30])
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ أَبَا بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - قَالَ: يَا رسول الله مُرْني بِكَلِمَاتٍ أقُولُهُنَّ إِذَا أصْبَحْتُ وإذا أمْسَيْتُ، قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ؛ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إِلا أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَّرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ» قَالَ: «قُلْهَا إِذَا أصْبَحْتَ، وإذَا أمْسَيْتَ، وإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ» ([31])
وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ نبيُّ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَمْسَى قَالَ: «أَمْسَيْنَا وأمْسَى المُلْكُ للهِ، والحَمْدُ للهِ، لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ» قَالَ الراوي: أَرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ: «لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدير، رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ، وَعَذَابٍ في القَبْرِ» ، وَإذَا أصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أيضاً «أصْبَحْنَا وأصْبَحَ المُلْكُ للهِ» ([32])
وعن عبد الله بن خُبَيْب - بضم الخاء المعجمة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رَسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْرَأْ: قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ، والمُعَوِّذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبحُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» ([33])
في أيام العشر من ذي الحجة: قال تعالى: ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (28)) (سورة الحج)
بعد الحج: قال تعالى: (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) (البقرة/ 200) ،
عند القتال: (قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) ) (سورة الأنفال)
عند النسيان: قال تعالى: (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (23) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (24)) (سورة الكهف)
ولا تقولنَّ لشيء تعزم على فعله إني فاعل ذلك الشيء غدًا إلا أن تُعَلِّق قولك بالمشيئة، فتقول: إن شاء الله. واذكر ربك عند النسيان بقول: إن شاء الله، وكلما نسيت فاذكر الله; فإن ذِكْرَ الله يُذهِب النسيان، وقل: عسى أن يهديني ربي لأقرب الطرق الموصلة إلى الهدى والرشاد.
مع أهلك وأعوانك: قال تعالى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (34)) ( سورة طه)
رابعًا: إياك أن تكون من الغافلين
حذر الله من الغفلة والنّسيان: قال تعالى (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) (الأعراف/ 205) .
الخيبة والخسران لمن غفلوا عن ذكره: قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (المنافقون/ 9)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تَشْغَلْكم أموالكم ولا أولادكم عن عبادة الله وطاعته، ومن تشغَله أمواله وأولاده عن ذلك، فأولئك هم المغبونون حظوظهم من كرامة الله ورحمته.
الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة: قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (114)) (سورة البقرة)
أي لا أحد أظلم من الذين منعوا ذِكْرَ الله في المساجد من إقام الصلاة، وتلاوة القرآن، ونحو ذلك، وجدُّوا في تخمساجد إلا على خوف ووجل من العقوبة، لهم بذلك صَغار وفضيحة في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب ريبها بالهدم أو الإغلاق، أو بمنع المؤمنين منها. أولئك الظالمون ما كان ينبغي لهم أن يدخلوا الشديد.
الحسرة يوم القيامة: عن عائشة رضي الله عنها قال قال رسول الله ﷺ «ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة» ([34]) .
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء
تعليقات: (0) إضافة تعليق