أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } الإسراء 23 ،
وروى البخاري في صحيحه عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا ». قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ « ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ » . قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ « الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ »
إخوة الإسلام
بر الوالدين من أعظم القربات، وأجلِّ الطاعات، وأوجب الواجبات،أما عقوق الوالدين فهو من أكبر الكبائر وأقبح الجرائم، وأبشع المهلكات؛ وقد قرن الله بر الوالدين والإحسان إليهما بعبادته سبحانه وتعالى, كما قرن شكرهما بشكره قال عز وجل:{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} النساء 36 ،.
وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الانعام 151 ، وقال عز وجل: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} لقمان 14 .
وقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم عقوقهما بالشرك بالله عز وجل، ففي صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم
« أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ » . ثَلاَثًا . قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ » .
وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ « أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ » . قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ )
أخي وأختي في الإسلام
تذكر فضل والديك عليك. فقد حملتك أمك في أحشائها تسعة أشهر، وهناً على وهن،وعند الوضع رأت الموت بعينها. ولكن لما رأتك بجانبها زالت آلامها، وعلقت فيك جميع آمالها. رأت فيك البهجة والسعادة والحياة ، ثم شغلت بخدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها .طعامك لبنها. وبيتك حجرها. ومركبك يداها وصدرها وظهرها تحيطك وترعاك، تجوع هي لتشبع أنت وتسهر الليل لتنام أنت، فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة. إذا غابت عنك دعوتها، وإذا أعرضت عنك ناجيتها، وإذا أصابك مكروه استغثت بها. تحسب كل الخير عندها، وتظن أن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لحظتك بعينها..
أما أبوك، فهو الذي يكد ويسعى من أجلك، ويدفع عنك صنوف الأذى، ينتقل في الأسفار. ويتحمل الأخطار بحثاً عن لقمة العيش، لينفق عليك ويصلحك ويربيك. إذا دخلت عليه هش. وإذا أقبلت إليه بش، وإذا خرج تعلقت به، وإذا حضر احتضنك.. هذان هما والداك، وتلك هي طفولتك وصباك، فلماذا التنكر للجميل؟ وعلام الفظاظة والغلظة والعقوق وأنت كبير ؟
أيها الموحد / كيف تكون بارا بوالديك؟ وما جزاء البارين بوالديهم ؟ وما هي صور عقوق الوالدين ؟ وماجزاء العاق في الدنيا والآخرة؟ وكيف تبر والديك وتحسن إليهما بعد موتهما ؟
ذلك وغيره سوف أحاول الإجابة عليه إن شاء الله .
وبداية أقول. إن بر الوالدين أعظم أجرا من الجهاد في سبيل الله فقد روى مسلم في صحيحه أن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ
أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِى الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ. قَالَ
« فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَىٌّ ». قَالَ نَعَمْ بَلْ كِلاَهُمَا. قَالَ « فَتَبْتَغِى الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا »
ومن بر الوالدين الإعتراف بفضلهما والدعاء لهما، ففي صحيح الأدب المفرد عن أبي مرة مولى أمِّ هانئ بنت أبي طالب:(أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بـ[العقيق] فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته:
عليكِ السلامُ ورحمةُ الله وبركاتُه يا أمَّتاه! تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يقول: رحمكِ اللهُ كما ربيتيني صغيراً، فتقول: يا بُنيَّ! وأنت، فجزاك الله خيراً ورضي عنك كما بررتني كبيراً)..
ولعظم حق الوالدين كان الولد وما ملك لوالده؛ فعند الإمام أحمد أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنَّ لِى مَالاً وَوَالِداً وَإِنَّ وَالِدِى يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِى. قَالَ « أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلاَدِكُمْ ».
واعلم أخي المسلم أن دعوة الوالدين مستجابة.ففي صحيح مسلم كَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِدًا فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَانَ فِيهَا .فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ. فَقَالَ يَا رَبِّ أُمِّى وَصَلاَتِى. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ فَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ فَقَالَ يَا رَبِّ أُمِّى وَصَلاَتِى فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ فَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ. فَقَالَ أَىْ رَبِّ أُمِّى وَصَلاَتِى. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ
فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ. فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِىٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا فَقَالَتْ إِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ قَالَ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِى إِلَى صَوْمَعَتِهِ فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ.
فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ.
فَقَالَ أَيْنَ الصَّبِىُّ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ دَعُونِى حَتَّى أُصَلِّىَ فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِىَّ فَطَعَنَ فِى بَطْنِهِ وَقَالَ يَا غُلاَمُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ فُلاَنٌ الرَّاعِى قَالَ فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ وَقَالُوا نَبْنِى لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ لاَ أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ فَفَعَلُوا)
واعلم أخي المسلم / أنك مهما كنت بارا بوالديك ومهما قدمت لهم من خدمات ونفقات فلن توفي الوالدين حقهما.
قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن لي أماً بلغ منها الكبر أنها لا تقضي حوائجها إلا وظهري لها مطية، فهل أديت حقها؟ قال: لا. لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تصنعه وأنت تتمنى فراقها،
ولكنك محسن، والله يثيب الكثير على القليل..
وبيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يجزي الولد والده، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ يَجْزِى وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ »..
وعن أبي بردة أنه شهد ابن عمر رضي الله عنهما، ورجل يماني يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره يقول:
(إني لها بعيرها المذلل .. إن أُذعرت ركابها لم أذعر)..ثم قال: يا ابن عمر، أتُراني جزيتها؟ قال:
(لا، ولا بزفرة واحدة)
ويقول ابن عباس رضي الله عنهما (ثلاث آيات مقرونات بثلاث: لا تقبل واحدة بغير قرينتها
( وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ). فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه.
( وَأَقِيمُواْ الصلاةَ وَاتُواْ الزكاةَ ) . فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه.
(أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه)
وأسوق لكم بعضا من صور البر عند السابقين.
- فهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين، وكان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال:
أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.
- طلبت أم مسعر ليلة من مسعر ماء فقام فجاء بالكوز فصادفها وقد نامت فقام على رجليه بيده الكوز إلى أن أصبحت فسقاها
- وهذا حيوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين، يقعد في حلقته يعلّم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم ـ يا حيوة ـ فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
- محمد ابن المنكدر قال : بت أغمز ( المراد بالغمز ما يسمى الآن بالتكبيس ) رجلي أمي وبات عمي يصلي ليلته فما سرني ليلته بليلتي
- رأى أبو هريرة رجلا يمشي خلف رجل فقال من هذا ؟ قال أبي قال : لا تدعه باسمه ولا تجلس قبله ولا تمش أمامه
بِرُّ الوالِدَينِ بَعْدَ مَوتِهَما
فالمسلم يبر والديه في حياتهما، ويبرهما بعد موتهما؛ بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة، وينَفِّذَ عهدهما، ويكرمَ أصدقاءهما. يحكي أن رجلا من بني سلمة جاء إلى النبي فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرُّهما به من بعد موتهما؟ قال: (نعم. الصلاة عليهما (الدعاء)، والاستغفار لهما، وإيفاءٌ بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، و صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) (ابن ماجه) وحثَّ الله كلَّ مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات، فقال تعالى: في سورة إبراهيم رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ،في سورة نوح رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا
أما عقوق الوالدين فهو كبيرة من الكبائر..ففي صحيح البخاري عن أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ». ثَلاَثًا. قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ».
والعاق لوالديه ملعون ومطرود من رحمة الله فعند مسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ ».
وقد حرم الله الجنة على من عق والديه :في مسند الإمام احمد: (عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم قَالَ « ثَلاَثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْعَاقُّ وَالْدَّيُّوثُ الذي يُقِرُّ في أَهْلِهِ الْخَبَثَ » .
ومن عقوبات العاق لوالديه أن الله لا ينظر إليه يوم القيامة؛ ففي سنن البيهقي
(قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
« ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله وأشهد أن لا اله إلا الله وأشهد ان محمدا رسول الله
اما بعد ايها المسلمون / لعقوق الوالدين صور كثيرة .قد يجهلها البعض منا . ويجب علينا أن نتعرف عليها حتى لا نقع فيها .. ومن أخطأ في واحدة منها فليتب إلى الله منها ويطلب العفو من والديه في الدنيا قبل أن يحاسب عليها في الآخرة .
فمن صور العقوق للوالدين إبكاء الوالدين وتحزينهما: سواء بالقول أو الفعل، أو رفع الصوت عليهما ؛ وإغلاظ القول معهما قال تعالى :[وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً] الاسراء 23، أي: لينًا طيبًا حسنًا
ومن العقوق التأفف،والتضجر من أوامرهما قال تعالى [فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ] وهو كلّ ما قبُح من الكلام والأحوال.
قال معاوية بن إسحاق عن عروة بن الزبير قال: ما برَّ والدَه من شدَّ الطرفَ إليه .
ومن العقوق إصدار الأوامر والتعامل معهما كما يتعامل الرئيس مع مرؤسيه :كمن يأمر والدته بكنس المنزل، أو غسل الثياب، أو إعداد الطعام.لا. بل لابد ان تتعامل معهما معاملة الخادم مع سيده فأنت الخادم وهما السيد .
ومن صور العقوق انتقاد الطعام الذي تعده الوالدة .فرسول الله صلى الله عليه وسلم (ما عاب طعاماً قط، إن أعجبه أكل، وإلا تركه)
ومن العقوق ترك الإصغاء إليهما، أو المبادرة إلى مقاطعتهما أو تكذيبهما، أو مجادلتهما، والاشتداد في الخصومة والملاحاة معهما..
ومن العقوق عدم مساعدتهما في العمل إن كان مع الأم في المنزل.أو مع الوالد خارج المنزل
ومن صور العقوق قلة الإعتداد برأيهما فبعض الناس لا يستشير والديه.
وكذلك ترك الاستئذان حال الدخول عليهما وهذا مما ينافي الأدب معهما، فربما كانا أو أحدهما في حالة لا يرضى أن يراه أحد عليها.
ومن عقوق الوالدين إثارة المشكلات أمامهما:سواء مع الإخوان أو الزوجة،أو الأولاد أو غيرهم .فإذا كان مع زوجته كان ضاحكا مسرورا .فاذا التقى بوالديه تغيرت أحواله وأصبح عابسا محزونا
ومن العقوق أيضا ذم الوالدين عند الناس والقدح فيهما،وذكر معايبهما ومن العقوق شتمهما، ولعنهما:إما مباشرة، أو بالتسبب في ذلك؛ كأن يشتم الابن أبا أحدٍ من الناس أو أمه، فيرد عليه بشتم أبيه وأمِّه.
في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
« مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ
« نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ »
واعلموا عباد الله أن توقير واحترام الكبير في الإسلام أيضا له ثمراته فى الدنيا والاخرة ومن ذلك
البركة والخير والنصر بتوقيرهم فإن البر والإحسان إلى الضعفاء، ورعاية حقوقهم، والقيام بواجباتهم، وتعاهد مشكلاتهم، والسعي في إزالة المكدرات والهموم والأحزان عن حياتهم، هو من أعظم أسباب التيسير والبركة، وانصراف الفتن والمحن والبلايا والرزايا عن العبد، وسبب للخيرات والبركات المتتاليات عليه في دنياه وعقباه فلقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما تُنصَرون بضعفائكم)) وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الخير مع أكابرِكم))، وفي رواية: ((البركة مع أكابركم))
و من الضروري والواجب المحتم أن يعلم ويدرك كل واحد منا أنه ذات يوم سوف يتقدم في العمر ،و يحتاج إلى من يقدره ،و يحترمه ،و يعامله معاملة طيبة ،ويتذكر ان الصحة الى زوال وان الشباب والقوة الى زوال وان الفتوة الى زوال وان و هنا نتذكر قول المولى عزوجل في كتابه العزيز ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ صدق الله العظيم ..
ورحم الله من قال / ألم تَرَ أنَّ الدَّهرَ يومٌ وليلةٌ ... يَحُولانِ من سبْتٍ عليك إلى سَبْتِ
فقُلْ لجديدِ العُمْرِ لا بدَّ من بِلًى ... وقلْ لاجتماعِ الشَّملِ لا بدَّ من شَتِّ
الدعــــــــــــــــــــــــــاء
تعليقات: (0) إضافة تعليق