الحمد لله منشئ الموجودات، وباعث الأموات، وسامع الأصوات، ومجيب الدعوات،
وكاشف الكربات، عالم الأسرار، وغافر الأوزار، ومنجي الأبرار، ومهلك الفجار، ورافع الدرجات،
وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو
على كل شيء قدير.
يا من له علم
الغيوب ووصفه
|
**
|
ستر العيوب وكل
ذاك سماح
|
أخفيت ذنب العبد
عن كل الورى
|
**
|
كرمل فليس عليه
ثمّ جناح
|
فلك التفضل والتكرم
والرضا
|
**
|
أنت الكريم الواهب
الفتاح
|
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه
وحبيبه
يا خير من دفنت
بالقاع أعظمه
|
**
|
فطاب من طيبهن
القاع والأكم
|
نفسي الفداء لقبر
أنت ساكنه
|
**
|
فيه العفاف وفيه
الجود والكرم
|
أنت النبي الذي
ترجى شفاعته
|
**
|
عند الصراط إذا
ما ذلت القدم
|
أنت البشير النذير
المستضاء به
|
**
|
وشافع الخلق إذ
يغشاهم الندم
|
وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم
بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه
وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين.
العناصر
أولًا: أمور يجب
الوعي بها وفعلها ثانيًا:
أمور يجب الوعي بها وتجنبها
الموضوع
أولًا: أمور يجب
الوعي بها وفعلها
الأمر
بالعلم لأنه يؤدي إلى الوعي: قال تعالى: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ
يَعْلَمْ (5) } سورة العلق
وكان الأمر بالعلم الذي بدوره يؤدي
إلى الوعي في أول آية في القرآن ليحثنا الله تعالى على الوعي بكل ما يدور حولنا،
فلا يمكن إدراك ما يدور حولنا بدون العلم.
وعَن زيدٍ بن ثابتٍ قَالَ:
أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَعَلَّمَ
السُّرْيَانِيَّةَ. وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ أَتَعَلَّمَ كِتَابَ
يَهُودَ وَقَالَ: «إِنِّي مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابٍ» . قَالَ: فَمَا مَرَّ
بِيَ نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُ فَكَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَى يَهُودَ
كَتَبْتُ وَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ}([1])
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ مِنْ
الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا؛ وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ؛
حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟! فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ؛ وَوَقَعَ فِي
نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَاسْتَحْيَيْتُ .
فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بِهَا ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هِيَ النَّخْلَةُ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا "([2]).
يقول الإمام ابن حجر – رحمه الله - : "
ووجه تمني عمر رضي الله عنه ما طبع الإنسان عليه من محبة الخير لنفسه
ولولده ، ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره ، وليزداد من النبي صلى الله عليه
وسلم حظوة ، ولعله كان يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم ." ([3])
.
المسئولية: عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ
رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ
مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا
وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ
وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» قَالَ: - وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ -
«وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ
رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» ([4])
أكَّدَ رسول الله ﷺ على المسئولية
حتى يعي كل مسلم ما استرعاه الله تعالى عليه ولا يفرط فيه أبدا لأنه سيحاسب على كل
من هم تحت يديه.
العمل
الذي يؤدي لمزيد من الأجر:
يُروى أن رجلاً مر على أبي الدرداء الصحابي الزاهد – رضي
الله عنه- فوجده يغرس جوزة، وهو في شيخوخته وهرمه، فقال له: أتغرس هذه الجوزة وأنت
شيخ كبير، وهي لا تثمر إلا بعد كذا وكذا عاماً ؟! فقال أبو الدرداء: وما عليَّ أن
يكون لي أجرها ويأكل منها غيري!! وأكثر من ذلك أن المسلم لا يعمل لنفع المجتمع
الإنساني فحسب، بل يعمل لنفع الأحياء، حتى الحيوان والطير، والنبي صلى الله عليه
وسلم يقول: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا
فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ
صَدَقَةٌ” ([5])
وبذلك يعم الرخاء ليشمل البلاد والعباد والطيور والدواب.
إعداد
القوة التي تؤدي لإرهاب العدو:
قال تعالى: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ
قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
} . ( الأنفال: 60 ) .
يقول الإمام القرطبي: " أمر
الله سبحانه المؤمنين بإعداد القوة للأعداء بعد أن أكد تقدمة التقوى؛ فإن الله
سبحانه لو شاء لهزمهم بالكلام والتفل في وجوههم وبحفنة من تراب، كما فعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛ ولكنه أراد أن يبتلي بعض الناس ببعض بعلمه السابق وقضائه
النافذ؛ وكلما تعده لصديقك من خير أو لعدوك من شر فهو داخل في عدتك" ([6]).
الإكثار
من الدعاء بصلاح حال العباد والبلاد: عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ:" اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي؛
وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي؛ وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي
الَّتِي فِيهَا مَعَادِي؛ وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ؛
وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ" ([7])
وهكذا ينبغي ان يكثر المسلم
من اللجوء إلى الله تعالى والاستعانة به فهو وحده القادر على تيسير الأمور وتفريج
الكروب وصلاح الأحوال.
المساواة
بين الناس: قال تعالى: (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (الحجرات13)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا
لِلنَّاسِ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَهُمَا (آدَمُ) و (حواء) وجعلهم شعوباً وهي أعم من القبائل، وبعدها مراتب أُخر،
كالفصائل والعشائر والأفخاذ وغير ذلك، فَجَمِيعُ النَّاسِ فِي الشَّرَفِ بِالنِّسْبَةِ
الطِّينِيَّةِ، إِلَى آدم وحواء عليهما السلام سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا يَتَفَاضَلُونَ
بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، وَهِيَ طَاعَةُ الله تعالى وَمُتَابَعَةُ رَسُولِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ النَّهْيِ
عَنِ الْغَيْبَةِ، وَاحْتِقَارِ بَعْضِ النَّاسِ بَعْضًا، مُنَبِّهًا عَلَى
تَسَاوِيهِمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوا} أَيْ
لِيَحْصُلَ التَّعَارُفُ بَيْنَهُمْ كُلٌّ يَرْجِعُ إِلَى قَبِيلَتِهِ، وقال مجاهد
{لتعارفوا} كما يقال فلان ابن فلان من قبيلة كذا وكذا، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ
صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ منسأة في الأثر»
(أخرجه الترمذي وقال: حديث غريب) . وقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، أَيْ إِنَّمَا تتفاضلون عند الله تعالى بِالتَّقْوَى لَا
بِالْأَحْسَابِ.
وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قَالَ: «أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ
أَتْقَاهُمْ» ، قَالُوا: لَيْسَ على هذا ما نَسْأَلُكَ، قَالَ: «فَأَكْرَمُ
النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ
ابْنِ خَلِيلِ الله» ، قالوا: وليس على هذا ما نَسْأَلُكَ، قَالَ: «فَعَنْ
مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي» ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَخِيَارُكُمْ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارِكُمْ فِي الإسلام إذا فقهوا» ([8])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى
صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» ([9])
الرقي والتقدم في العمل
والعطاء وليس في النوم وسؤال الغير: عَنْ حَكِيمِ بْنِ
حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ
تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ
اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ» ([10]).
وصدق
الإمام الشعراوي حيث قال لن تكون كلمتنا من رأسنا حتى تكون لقمتنا من فأسنا.
فما
دمت بحاجة إلى عطاء فلان وغيره ستبقى مطيعا له فيما يأمرك به، لكن إن اجتهدت في
عملك وسعيت فيه واتقيت الله فيه سيرزقك الله من حيث لا تحتسب، وتصبح من أصحاب اليد
العليا التي تعمل وتنفق على نفسها ومن تعولهم وغيرهم، بعد أن كنت من أصحاب اليد
السفلى التي تأخذ فقط.
أهمية الأمن في البلاد: إن الأمن أهم كثيرا من الطعام والشراب، ولذا لما
دعا نبي الله إبراهيم عليه السلام ربه كان أول طلبه الأمن ثم بعد ذلك الطعام
والشراب حيث قال تعالى: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ
رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ
آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ
قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)
} (سورة البقرة)
عَن عبيدِ الله بنِ مِحْصَنٍ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي
سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ
لَهُ الدُّنْيَا» ([11])
طلب
الحكمة في الدعوة إلى الله: قال تعالى:{ ادْعُ إِلَىٰ
سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ} (النحل/125)
فقد
بينت الآيات أن على الذين يندبون أنفسهم لحملات التوعية مراعاةُ حسن العرض وجمال الأسلوب،
واستعمال الحكمة والموعظة الحسنة، واستخدام أفضل وسائل الإعلام ومنجزات العصر، والمجادلة
بالتي هي أحسن، ومراعاة مقتضى الحال، والترغيب في السلوك المستهدف، ومحاولة ربطه بالجانب
العقيدي.
حفظ الله
لمن حفظه وإعانته لمن استعان به: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:
«يَا غُلَامُ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ وَإِذَا
سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ
الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا
بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ
لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأقلام
وجفَّت الصُّحُف» ([12])
الاعتصام
بالله والتوكل عليه في كل وقت: قال تعالى:
"قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا
بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا
فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ * قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما
كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ
وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ "إبراهيم: 10-12
وقال
تعالى: "قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" التوبة: 51
أهمية طلب مشورة الغير: عَنْ
سُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا:
لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ
الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([13])
[
(الدين النصيحة) قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله النصيحة كلمة
جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له ومعنى الحديث عماد الدين وقوامه النصيحة كقوله
الحج عرفة أي عماده ومعظمه عرفة (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)
أما النصيحة لله تعالى فمعناها منصرف إلى الإيمان به ونفي الشريك عنه وحقيقة هذه الإضافة
راجعة إلى العبد في نصح نفسه فالله سبحانه وتعالى غنى عن نصح الناصح وأما النصيحة
لكتابه سبحانه وتعالى فالإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام
الخلق والعمل بمحكمه والتسليم لمتشابه وأما النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فتصديقه على الرسالة والإيمان بجميع ما جاء به وأما النصيحة لأئمة المسلمين
فمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به والمراد بأئمة المسلمين الخلفاء وغيرهم
ممن يقوم بأمور المسلمين من أصحاب الولايات وأما نصيحة عامة المسلمين وهم من عدا
ولاة الأمور فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم] ([14])
ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر: قال تعالى ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿104﴾ ) آل
عمران.
وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله r قال: ﴿مَنْ
رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ﴾
﴿[15]﴾.
ثانيًا: أمور يجب
الوعي بها وتجنبها
عدم تكرار
الخطأ : قال تعالى: { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي
الأَلْبَابِ} (سورة
يوسف111)
لقد قصَّ الله تعالى علينا كثير من
القصص في القرآن الكريم لنعتبر بمن سبقنا من الأمم الماضية ولنعلم أسباب النعيم
وأسباب الهلاك حتى لا نهلك مثلما هلكوا، وعلى المسلم أن يتعلم كذلك من أخطاء غيره
وكذلك أخطاء نفسه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ» ([16])
الغلو في
الدين لأنه يؤدي إلى الهلاك: عن
ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ «إياكم
والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين»
([17]) .
ترجم النسائي
لهذا الحديث بقوله: " من أين يلتقط الحصى؟ "، فأشار بذلك إلى أن الالتقاط يكون من منى،
والحديث صريح في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم به حين هبط محسرا،
وهو من منى كما في رواية مسلم والبيهقي وعليه يدل ظاهر حديث ابن عباس قال: قال لي رسول الله غداة
العقبة وهو على
راحلته: هات القط لي، فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده
قال: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ([18])
حرمة
الدماء: قال تعالى (وَلاَ تَقْتُلُواْ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) ( سورةالأنعام)
وقال
تعالى:{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ
جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ
عَذَابًا عَظِيمًا (93)} ( سورة النساء)
وعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ:" أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ، في الدِّمَاءِ" ([19]) (يقضى) يحكم ويفصل. (بالدماء) أي النفوس التي قتلت ظلما في الدنيا.
فإن الإنسان إذا تعرض للاعتداء أو الظلم فعليه أن يلجأ
إلى الجهات الأمنية المنوط بها إعادة الحق إلى أصحابه لا أن يقوم بأخذ حقه بنفسه
فيسود القتل ويكثر الهرج والفتن.
ليس كل ما
تسمع أو تقرأ صحيح: فليس كل تقرأه على الفيس بوك وغيرها من وسائل التواص والإعلام سيكون
صحيحا فكم من اشاعات تم ترويجها، وكم من باطل تم نشره على أنه حق، ونرى ذلك يوميا،
كما لاحظنا وسمعنا عن أسراب من الحشرات التي ملئت الحرم المكي ولباس الكعبة الذي
تم تمزيقه ومنع الصلاة أو الطواف في الحرم حتى يتم الانتهاء من هذه المشكلة، لكن
لما تبحث عن الحقية تجد أن كل هذا اشاعات باطلة لا قيمة لها على الإطلاق، ولذا
أمرنا الله تعالى بقوله: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ
تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ) سورة الحجرات
يا
أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن جاءكم فاسق بخبر فتثبَّتوا من
خبره قبل تصديقه ونقله حتى تعرفوا صحته؛ خشية أن تصيبوا قومًا برآء بجناية منكم،
فتندموا على ذلك ([20]).
وكم
سادت الفتن في مصرنا الحبيبة لأننا أغفلنا أمر الله تعالى بالتأكد من صحة هذه
الأخبار أولًا فعلينا التأكد أولا ًحتى لا نهدم ونحن نريد البناء.
التفرق والاختلاف: يجب أن نتجنب الفرقة والاختلاف
فنتيجته الحتمية ونهايته الفشل: قال تعالى "لاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ
رِيحُكُمْ" الأنفال 46.
الكلام السيئ: قال
تعالي﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ
عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ
يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا
بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿11﴾ ﴾ الحجرات.
وعن
عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قُلْتُ للنبيّ -r -:
حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كذَا وكَذَا. قَالَ بعضُ الرواةِ: تَعْنِي قَصيرَةً،
فقالَ: ( لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ!﴾
قالت: وَحَكَيْتُ لَهُ إنْسَاناً فَقَالَ: ﴿مَا أُحِبُّ أنِّي حَكَيْتُ إنْساناً
وإنَّ لِي كَذَا وَكَذَا﴾ ﴿[21]﴾ ، ومعنى: (مَزَجَتْهُ) خَالَطَتْهُ مُخَالَطَةً
يَتَغَيَّرُ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِشِدَّةِ ننتنها وَقُبْحِهَا.
فينبغي
الوعي بضرورة الابتعاد عن هذا الكلام السيء يؤدي إلى افساد المجتمعات.
أصدقاء السوء: عَنِ الْخَطَّابِ بْنِ الْمُعَلَّى
الْمَخْزُومِيِّ، أَنَّهُ وَعَظَ ابْنَهُ، فَقال: ﴿ إِيَّاكَ وَإِخْوَانَ السُّوءِ
فَإِنَّهُمْ يَخُونُونَ مَنْ رَافَقَهُمْ، وَيَخْرُفُونَ مَنْ صَادَقَهُمْ،
وَقُرْبُهُمْ أَعْدَى مِنَ الْجَرَبِ، وَرَفْضُهُمْ مِنِ اسْتِكْمَالِ الأَدَبَ،
وَالْمَرْءُ يُعْرَفُ بِقَرِينِهِ. قَالَ: وَالإِخْوَانُ اثْنَانِ فَمُحَافِظٌ
عَلَيْكَ عِنْدَ الْبَلاءِ وَصِدِيقٌ لَكَ فِي الرَّخَاءِ، فَاحْفَظْ صَدِيقَ
الْبَلِيَّةِ وَتَجَنَّبْ صَدِيقَ الْعَافِيَةِ فَإِنَّهُمْ أَعْدَى الأَعْدَاءِ
﴾.
ولذا يكون الندم يوم القيامة من مصاحبتهم حيث قال
تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي
اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴿27﴾ يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي
لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿28﴾ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ
الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴿29﴾
﴾[الفرقان: 27].
تجنب السفهاء: عن كعب بن مالك قال سمعت رسول الله r يقول من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه
الناس إليه أدخله الله النار" ([22])،
وقال السندي في حاشيته على ابن ماجه: قَوْله (لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاء) أَيْ يُجَادِل
بِهِ ضِعَاف الْعُقُول.
وقد كثر هؤلاء في هذا
الزمان حتى إن بعضهم قد يسألك سؤالا ويريد إجابة على هواه، وإن تعطه إجابة توافق
هواه رفع صوته واحدث جلبة وضوضاء، ولذا ينغي الوعي بضرر هؤلاء وتحذير الناس منهم.
ولذا قال أحدهم : لا تخاطب
السفهاء فيستدرجونك إلى مستواهم ثم يغلبوك في خبرتهم في النقاش السفيه
وقال غيره إذا خاطبك السفيه
فلا ** تجبه فإن في إجابته سفاهة وهراء
إذا نطق السفيه فلا تجبه ..... فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنـه ..... وإن خليته
كمداً يمـوت
أو أن ترد عليه بالحسنى
وتصبر عليه كما قال الإمام الشافعي
يخاطبني السفيه بكل قبح ..... فأكره أن أكون
له مجيباً
يزيد سفاهة فأزيد حلمـاً ...... كعودٍ زاده الإحراق طيباً
فينبغي علينا أيها المسلمون أن نعي بكل ما يدور حولنا ولا
نسلم كل شيء لغيرنا ليفعلوا بنا ما يريدوا بل لا بد أن نكون يقظين ومنتبهين ومستعدين
لكل شيء .
حفظ الله مصرنا الحبيبة من كل مكروه
وسوء وسائر بلاد المسلمين اللهم آمين يا رب العالمين.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء
تعليقات: (0) إضافة تعليق