العناصر :
أولاً: مفهوم المحبة
ثانياً : لماذا نحب النبي ؟
ثالثاً : حكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
رابعاً : دلائل محبة النبي
خامساً : هكذا كانت محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم
سادساً : جزاء المحبين للنبي صلى الله عليه وسلم
الموضـــــــــــــــــــــوع
الحمد لله رب العالمين ، يسمع دعاء الخلائق ويجيب .... يؤنس الوحيد، ويَهدي الشريد ، ويُذهب الوحشة عن الغريب . يغفر لمن استغفره ، ويرحَم مَن استرحمه ، ويصلح المعيب ...... يستر العصاة ، ويمهل البغاة ، ومن تاب منهم قبل وأثيب .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المهيمن والرقيب ..... من تبع شرعه والاه ، ومن تقرب إليه فاز بالتقريب . من أوى إليه آواه ، ومن استحيا منه فليس عليه تثريب ....... من ذكره خاشعًا اجتباه ، ومن تاب إليه فهو منيب .
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله ، المقرب والحبيب ..... خلقه نعمة ، ومبعثه رحمة ، وشمس سنته لا تغيب .
نظره لحظ ، وكلامه وعظ ، واللفظ منه لا يريب ...... نوره يخطَف الأبصار، ومسجده علم ومزار، وأنفاسه مسك وطيب
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه عدد ما وسعه علم الحساب من تربيع وتكعيب ... وعلى الصحب والآل وكل من انتسب إليه من بعيد أو قريب .
أما بعد :
إنَّ من الخُطبِ خُطبٌ يَحتاج مُعِدُّها إلى انتقاء في الألفاظ ، وصياغة في العبارات ، حتى يسدَّ به خللاً في المعاني ، وقُصورًا في الغايات ، إلاَّ أن الحديث عن محبة النبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ، حديثًا تزهو به العبارات ، وتَجمل به الصياغة ، فإذا كان قد ثبت أنَّ النياقَ وهُنَّ نياق تسابقن إلى يديه الشريفتين أيهن يبدأ بها لتُنحر، فإنَّ الكلمات تتسابق إلى أفواه قائليها إذا كان الحديث حديثًا عن محمد بن عبدالله صلَّى الله عليه وسلَّم !.
أيها المؤمنون، إنَّ نبيكم صلَّى الله عليه وسلَّم أشار إلى القمر فانفلق ، وأشار إلى الغمام فتفرق ، بأمر الله ؛ إكرامًا لإشارته ، وترك الجذع حينًا فحَنَّ الجذع إليه وإلى كلماته وعظاته ، فصلواتُ الله وسلامه عليه .
فإذا كان هذا هو حال الجماد والحيوان معه ، فما الذي ينبغي على المؤمنين من أمته به ؟
لا ريبَ أنَّ المؤمنين به أولى بمحبته ، وأجدر بطاعته ، وأحق بمتابعته ، فما أكرمه من حبيب مصطفى ، وعبد مجتبى ، ورسول مرتضى ، منَّ الله جل وعلا بأَنْ جعله إلينا من الخلق أحب حبيب ، وأكمل قريب ، أرسله الله رحمةً للخلائق ، فقال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾[الأنبياء: 107]،وهدى به لأمثل الطرائق، فقال:﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52 ] .
أبر بني الدنيا وأعظم من شكــــر وأكرم مخلوق على سائر البَشــــــــر
به الله قد أهدى إلى الناس رحمة ومنه ضياء الحق في الكون قد ظهَر
تبارك ربي إذ أعد محمــــــــــداً وزكَّاه بالتقوى وبالعلـــــــم والخبــــر
أولاً: مفهوم المحبة :
المحبة كما قال ابن القيم: ’’لا تُحَدُّ ’’ ، أي لا يذكر لها تعريف ، إذ هي أمر ينبعث من القلب يصعب التعبير عنه
ثم المحبة لها جوانب ، منها :
محبة فطرية طبيعية : يكون فيها الحب نابع من فطرته ،وغريزته الإنسانية ، كمحبة الإنسان لنفسه ، أو ولده
محبة الاستلذاذ بالإدراك : كحب الصور الجميلة ، والمناظرالخلابة ، والألوان البراقة ، والأطعمة والأشربة..
محبة عقلية : تكون محبة بإدراك العقل ، وهي محبة ما يقتضي العقل رجحانه ، وإن كان على خلاف الطبع ألا ترى أن المريض يكره الدواء المر بطبعه ، ومع ذلك يميل إليه باختياره ، ويهوى تناوله بمقتضى عقله لما علم أو ظن أن شفاءه فيه . ومن صور هذه المحبة العقلية : محبة الخصال الشريفة ، والأخلاق الفاضلة ، والمواقف الحسنة . أو محبة من أحسن إليك ، ومن قدم لك معروفًا ، فتنبعث المحبة حينئذ لتكون ضربًا من ضروب الحمد والشكر، فينبعث الثناء بعد ذلك ترجمة لها وتوضيحًا لمعانيها .
وكذلك المؤمن إذا علم ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، لا يأمر ولا ينهى إلا بما فيه صلاحه ومنفعته دنيا وآخرة ، وتيقن أنه أشفق الناس عليه ، وألطفهم به ، حينئذ يرجح جانب أمره وحبه ، على أمر وحب غيره ، بمقتضى عقله ، وهذا الحب العقلي أول درجات الإيمان .
وكما في ، قصة عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، وهو آخذ بيده ، فقال عمر بحسب الطبع : "لأنت أحبُّ إلَيَّ من كل شيء إلاَّ من نفسي " ، فأقسم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، تأكيداً : ((لا، والذي نفسي بيده، حتى أكونَ أحب من نفسك يا عمر))، فتأمل عمر ، وتفكَّر أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أحب إليه من نفسه ، فهو السبب في نجاته فبادر، فقال : " فإنه الآن والله ، لأنت أحب إلَيَّ من نفسي"، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : ((الآن يا عمر))؛ أي عرفت ونطقت به . رواه البخاري . وإذا كان الحب على هذه الصورة السابقة أول درجات الإيمان ، فإن كمال الإيمان أن يصير الحب لرسول الله تابعاً لفطرته وعقله ، وأن يعلو فوق كل حب ’’ النفس ، والولد ، والوالدين، والزوجة ، والأخ ، والتجارة ...’’
قال النووي رحمه الله : وهذه المعاني كلها - معاني وجوانب الحب السابقة - موجودة في النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا جمع من جمال الظاهر والباطن ، وكمال الجلال ، وأنواع الفضائل وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته إياهم إلى الصراط المستقيم ودوام النعم والإبعاد من الجحيم .......... فإن نظرت إلى وصف هيئته صلى الله عليه وسلم ، فجمال ما بعده جمال ، وإن نظرت إلى أخلاقه وخلاله ، فكمال ما بعده كمال ، وإن نظرت إلى إحسانه وفضله على الناس جميعًا ، وعلى المسلمين خصوصًا ، فوفاء ما بعده وفاء .
فمن هنا: تعظم محبته صلى الله عليه وسلم ويستولي في المحبة على كل صورها ، وأعظم مراتبها ، وأعلى درجاتها ، فهو صلى الله عليه وسلم الحري بأن تنبعث محبة القلوب والنفوس والعقول له في كل لحظة ، وفي كل تقلبات حياتنا ؛ ولذلك ينبغي أن ندرك عظمة هذه المحبة .
فنحن إذ نتعلق ونرتبط برسول الله صلى الله عليه وسلم من جوانب شتى :
محبة بالعقل : معرفة وعلمًا نقرأ ونحفظ سيرته وحديثه وهديه وسنته ، والواجب منها ، والمندوب منها ونحو ذلك.
ومحبة بالقلب : وهي عاطفة مشبوبة ، ومشاعر جياشة ، ومحبة متدفقة ، وميل عاصف تتعلق به النفس والقلب ، برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما فيه من المعاني الحسية والمعنوية .
ثم محبة بالجوارح : تترجم فيها المحبة إلى اتباع سنته وفعله عليه الصلاة والسلام . فلا يمكن أن نقول إن المحبة اتباع فحسب !، إذاً : فأين مشاعر القلب؟ ولا يصلح أن نقول إنها الحب والعاطفة الجياشة فقط ، إذاً : فأين صدق الاتباع ؟ ولا ينفع هذا وهذا فقط ! فأين المعرفة والعلم التي يؤسس بها من فقه سيرته وهديه وأحواله عليه الصلاة والسلام ؛ لذا فنحن نرتبط في هذه المحبة بالقلب والنفس ، وبالعقل والفكر، وبسائر الجوارح والأحوال والأعمال ، فتكمل حينئذ المحبة ؛ لتكون هي المحبة الصادقة ، الخالصة ، الحقيقية العملية ، الباطنية ، فتكتمل من كل جوانبها ؛ لنؤدي بعض حق رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا .
ثانياً : لماذا نحب النبي ؟
إن البواعث على محبة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة :
الأول : نحبه ؛ لأنه حبيب الله، ومن أحب الله ، أحب كل ما أحبه الله، وأعظم محبوب من الخلق لله ، هو رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: “وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ” رواه مسلم. يعني نفسه صلى الله عليه وسلم، والخلة هي أعلى درجات المحبة ، فكيف لا نحب محمّدًا أيها الأحباب ، وهو حبيبُ رب العالمين. حبيب خالقنا ، وحبيب رازقنا ، وحبيب حافظنا ، وحبيب كافينا .
كيف لا أهوى حبيبًا كلُ ما فيه عظيمُ
الثاني : لأن الله أظهر لنا كمال رأفته وعظيم رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته : فنحن نحب الإنسان متى وجدناه بنا رحيمًا ، وعلينا شفيقًا، ولنفعنا مبادرًا، ولعوننا مجتهدًا.. فنحبه من أعماق قلوبنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو في هذا الباب أعظم مَنْ رحمنا ، ورأف بنا ،وإن كان بيننا وبينه هذه القرون المتطاولة ، قال تعالى : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(سورة التوبة: 128 ) .
فكثيرًا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي…”. وكم من الأحاديث التي ورد فيها رقته ورحمته بأمته .
كان إذا سمع بكاء الصبي يخفف من صلاته رأفةً وشفقةً على قلب أمه به، وذلك من كمال رحمته وشفقته عليه الصلاة والسلام الثالث : من دواعي محبته صلى الله عليه وسلم: خصائصه وخصاله العظيمة : ويكفينا في ذلك قول الله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [سورة القلم: 4]. واجتمع فيه ما تفرق من وجوه الفضائل والأخلاق والمحاسن في الخلق كلهم ، فكان هو مجتمع المحاسن عليه الصلاة والسلام .
فكيف لا نحب محمّدًا وهو الذي أُرسل رحمة للعالمين ، كيف لا نحبه وهو الذي أُرسل ليُخرجَنا من الظلمات إلى النور، كيف لا نحبه وهو قدوتنا ، وهو الهادي إلى الصراطِ المستقيم ، كيف لا نحبه وهو أشرف الخلق والمرسلين .
محمّدٌ أشرفُ العَرباء والعجم محمّدٌ خيرُ من يمشي على قدمِ
محمّدٌ باسطُ المعروفِ جامعُهُ محمدٌ صاحبُ الإحسانِ والكرمِ
محمّدٌ خيرُ خلق اللهِ من مضرٍ محمّدٌ خيرُ رســـــلِ اللهِ كلهـــــمِ
كيف لا نحب محمّدًا إخوة الإيمان وهو الذي قال فيه ربنا : (( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ))، (سورة النساء ءاية 64 )
كيف لا نحبه وهو الذي قال { شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي } . كيف لا نحبه وهو صاحب الشفاعة العظمى ، عندما يقول بعض الناس في الآخرة لبعض تعالوا نذهب إلى أبينا آدم ليشفع لنا عند ربّنا فيأتون إلى آدم فيقول لهم لستُ فلاناً - أي أنا لستُ صاحب هذه الشفاعة - اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحاً فيطلبون منه فيقول لهم ائتوا إبراهيم فيأتون إبراهيم ثم إبراهيم يقول لهم لستُ فلاناً أنا ، فيأتون سيّدنا موسى فيقول لهم لستُ فلانًا ، فيقول لهم ائتوا عيسى فيقول لهم لستُ فلانًا ، ولكن اذهبوا إلى محمّد، فيأتون النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فيسجد رسول الله ، فيسجد حبيب الله لربّه فيُقال له ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تُعط .
يا صاحبَ الحوضِ كمْ للناسِ منْ أملٍ في وردهِ يومَ تَسقي منهُ كلَّ ظمِي
لواءكَ الحمــــــدُ يومَ الدينِ ترفعــــــهُ يمناكَ يا سعدَ منْ تلقاهُ بالدعــــــمِ
أنتَ الشفيــــــــعُ لنا في يومِ شدتنـــــا تقومُ وحدكَ كلُّ الرسْــــــلٍ لمْ تقمِ
يـقولُ كلُّ نبـــــيِّ منْ تهيبهِ نفســــــي فتـسجــــدُ للرحمــــــنِ منْ أمــــَمِ
تقولُ أنتَ لها يدعوكَ خالقنـــــا اشفعْ تشفـــــعْ هنـــــــا للخلقِ كلهــــــمِ
أنتَ الشفيعُ الذي ترجــى شفاعتـــــهُ يومَ الزحامِ منَ الأهوالِ والنقــــــمِ
أنتَ الكريــــمُ الذي عمتْ مكارمــــهُ كلُّ الخلائقِ منْ عربٍ ومنْ عجــم
قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمهُ اللهُ : وأما السببُ في وجوبِ محبتهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وتعظيمهِ أكثرَ منْ أيِّ شخصٍ ؛ فلأنَّ أعظمَ الخيرِ في الدنيا والآخرة ، لا يحصلُ لنا إلا على يدِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإيمانِ بهِ واتباعهِ ، وذلكَ أنهُ لا نجاةَ لأحدٍ منْ عذابِ اللهِ ، ولا وصولَ لهُ إلى رحمةِ اللهِ ، إلا بواسطةِ الرسولِ ؛ بالإيمانِ بهِ ومحبتهِ وموالاتهِ واتباعهِ.) اهـ مجموع الفتاوى 27 .
ثالثاً : حكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا كان كل ما سبق باعثاً على محبة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، فإن مَحبته صلى الله عليه وسلم أيضاً قد أوجبها الله تبارك وتعالى علينا ، ودَلَّ عليها كتاب ربنا ، وأقواله عليه الصلاة والسلام :
قال الله تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة:24] . فضحت هذه الأيه كذب المدعين محبة الله .
قال القاضي عياض: قرَّع تعالى مَن كان ماله ، وأهله ، وولده ، أحبَّ إليه من الله ورسوله ، وأوعدهم بقوله: ﴿ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ ، ثم فسَّقهم بتمام الآية .
ويأتي دليل عظيم وبليغ هو قول الحق - تبارك وتعالى -: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، والدلالة على وجوب المحبة أن يكون رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أحب إلى العبد من نفسه، وألاَّ يكون للعبد حكمٌ على نفسه، بل الحكم لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم .
وقول الحق تبارك وتعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31] ، من الأدلة العظيمة الشاهدة على وجوب مَحبة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إذ لا نزاعَ في أنَّ مَحبة الله واجبة ، وأنَّ اتباع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ومَحبته طريق إلى محبة الله .
وأمَّا أحاديثه صلَّى الله عليه وسلَّم فصريحةٌ في الدلالة على وجوب هذه المحبة ، فمن ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((لا يؤمن أحدُكم حتى أكونَ أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)) متفق عليه .
وكذلك قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : ((ثلاث مَن كنَّ فيه وجد بهن حلاوةَ الإيمان: مَن كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأنْ يُحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يقذف في النار))، رواه مسلم .
و حديث آخر ؛ قال فيه عليه الصلاة والسلام : ((مِن أشد أمتي لي حبًّا ناسٌ يكونون بعدي يود أحدُهم لو رآني بأهله وماله))؛ رواه مسلم .
وحديث أنس عن الرجل الذي جاء ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، متى الساعة ؟ فأعرض عنه النبي عليه الصلاة والسلام ، ثم عاد إليه ، فقال: ما أعددتَ لها ؟ قال : حب الله ورسوله، فقال : ((فإنك مع من أحببتَ )) ، وفي رواية أخرى ، قال أنس: "ما فرِحنا بعد الإسلام فرحًا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((إنك مع مَن أحببت))، فأنا أحب الله ، ورسوله ، وأبا بكر، وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم .
وحديث ابن عباس أيضًا ، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ((أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه ، وأحبوني بحب الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي)) ؛ رواه الترمذي في سننه وحسَّنه ، وأخرجه الحاكم وصحَّحه ، ووافقه الذهبي ، وقال: "أي: أحب الله لما يغدوكم به من النِّعم - لنِعمه الكثيرة عليكم - وأحبوني بحب الله عز وجل وأحبوا أهل بيتي لحبي"، فكلنا محب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - محبَّة وجوب، ومحبة اختيارٍ وتعظيم له عليه الصلاة والسلام وأمر هذا الوجوب لا يحتاج للأدلة ، ولكننا نريد أن نعظِّم هذه المحبة في قلوبنا ، ونحن نرى الآيات التي تُتلى إلى قيام الساعة ، توجب هذه المحبة وتُبرزها عظيمةً عاليةً في مقامها ، مقترنةً بمحبة الله عز وجل راجحةً بكل ما تتعلق به القلوب من أنواع المحبة ، والمحاب الدنيوية في شتَّى صُوَرها وأنواعها .
رابعاً : دلائل محبة النبي
أيها المؤمنون، الأدلة على صدق محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرة، أجتزئ منها ما يلي :
الأول : تقديم النبي ومحبته صلى الله عليه وسلم على كل أحد :
قال تعالى " {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم } الحجرات :1"
وقال سبحانه " قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين "[ سورة التوبة :24] ، فعلامة حب النبي صلى الله عليه وسلم أن لايقدم عليه أشيء مهما كان شأنه .
الثاني : امتثال أمره، والأخذ بسنته صلى الله عليه وسلم :
فلا يعقل أن تدَّعي محبته ولا حظَّ لك من سنته وهدْيه وسَمته ، إن المحبة الحقيقية لا بد أن يتولد منها التأسي به صلى الله عليه وسلم ، المحبة الحقيقية يتبعها الاتباع لمنهجه وطريقه
تعصي الإله وأنت تزعُم حبه هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقًا لأطعتــه إن المحب لمن يحب مطيعُ
فطاعة الرسول هي المثال الحي والصادق لمحبته ولهذا قال تعالى : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ’’ [ سورة آل عمران: 31].
وكما قال ابن الجوزي مستشهدًا بقول مجنون ليلى
إذا قيل للمجنون: ليلى تريد أم الدنيا وما في طواياها
لقال: غبار من تراب نعالها أحبُّ إلى نفسي وأشفى لبلواها
قال ابن الجوزي: "وهذا مذهب المحبين بلا خلاف ، فكل محبٍّ يكون أدنى شيء من محبوبة أعظم إليه من كل شيء في دنياه فكان أدنى شيء من الله، ومن رسوله أعظم وأحب إلى كل مؤمن من كل شيء في دنياه .
الثالث : الحرص على تبليغ سنته والدعوة إليها :
ولذا فإن الصادقين في حب نبيِّهم يفنون أعمارهم في الدعوة وتبصير الناس بها، والتأليف دفاعًا عنها ، والرد على من يتجشَّم المهالك، ويَطعُن فيها .
الرابع : كثرة الصلاة عليه :
فمن أحب إنسانًا أكثر ذكره ، وأكثر ذكر محاسنه ، فينبغي أن نعطر مجالسنا في كل وقتٍ وحينٍ ، بذكر مآثر النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرته وأحواله وشمائله، وهذا الذكر هو الذي يهيج هذه المحبة ويبعثها، وكثرة الصلاة عليه والسلام تترك هذا المعنى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة الأحزاب: 56 ] .
ويتأكد ذلك ، عند ذكره صلى الله عليه وسلم ، ويتأكد أيضا في هذا اليوم الأغر يوم الجمعة ، قال صلى الله عليه وسلم : " أكثروا يوم الجمعة وليلتها من الصلاة والسلام علي "، حديث حسن، وكان الشافعي رحمه الله يقول: أُحبُّ الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله في كل حال،وهو في ليلة الجمعة ويومها أحبّ إليَّ .
وعن أُبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثُلثُا الليل قام فقال: ((يا أيها الناس ، اذكروا الله، اذكروا الله ، جاءت الراجفة تَتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه ، جاء الموت بما فيه)) ، قال أُبي: قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ((ما شئتَ))، قال: قلت: الرُّبع؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت ، فهو خيرٌ لك))، قلت: النصف؟ قال: ((ما شئت فإن زدت، فهو خيرٌ لك))، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت، فهو خيرٌ لك))، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: ((إذًا تُكفى همَّك، ويُغفَر لك ذنبُك))؛ رواه الترمذي ، قال شراح الحديث : كان أُبّي يقصد أن له وردا من الدعاء دائم، فكان يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كم أجعل لك من ذلك؟ قال زد حتى لو كان دعاءه كله الحمد والثناء والصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام ؛ فإنه يكون فيه ما وعد به النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذن تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ ’’ .
الخامس : مجانبة البِدع :
لأنها تضل عن طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - وحوضه في الآخرة، ولا يمكن لمريد يعرف ذلك ويستمر عليها، كيف لمحب يعلم أن البدعة تفرق بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حوضه، فيقع فيها؟! فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى المقبرة فقال: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وَدِدت أنا قد رأينا إخواننا))، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: ((أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد))، فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أُمتك يا رسول الله؟! فقال: ((أرأيت لو أن رجلاً له خيلٌ غر مُحجلةٌ بين ظهري خيل دُهمٍ بهم، ألا يعرف خيله؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنهم يأتون غرًّا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليُذَادَنَّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هَلُمَّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سُحقًا))؛ رواه البخاري، ومسلم .
: السادس : محبة الكتاب الذي أنزل عليه
وهو معجزته الخالدة إلى قيام الساعة ، كلام رب العالمين ، وكتابه العظيم ، الذي فيه الهدى والنور، فمن أحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب القرآن ، وتعلق به .
السابع : تمني رؤيته والشوق إليه :
وهذا يدل على مشاعرالحب، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ] رواه مسلم .
الثامن : التأدب معه :
وذلك بالتأدب عند ذكره بأن لا يذكره مجرد الاسم بل مقرونا بالنبوة أو الرسالة كما قال تعالى : "لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " [سورة النور :63] ، قال سعيد بن جبير ومجاهد: المعنى قولوا يا رسول الله، في رفق ولين، ولا تقولوا يا محمد بتجهم. وقال قتادة : أمرهم أن يشرفوه ويفخموه .
والأدب في مسجده ، وكذا عند قبره ، وترك اللغط ، ورفع الصوت .
وتوقير حديثه والتأدب عند سماعه وعند دراسته ، كما كن يفعل سلف الأمة وعلماءها في إجلال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان مالك إذا أراد أن يجلس (أي للتحديث) توضأ وضوءه للصلاة ، ولبس أحسن ثيابه ، وتطيّب ، ومشط لحيته ، فقيل له في ذلك ، فقال: أوقّر به حديث رسول الله .
محبة أصحابه وأهل بيته : التاسع :
وإعمال وصيَّته صلى الله عليه وسلم فيهم ، وليس من شك أن الطعن فيهم والنيل منهم ، نيلٌ وطعن في النبي صلى الله عليه وسلم فالمرء على دين خليله؛ ولذا فإن العقل لا يمكن أن يتصور محبًّا صادقًا للنبي صلى الله عليه وسلم قاليًا مبغضًا لأصحابه وآل بيته .
وآل بيته هم : آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس هؤلاء من حُرموا الصدقة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهم آله، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث في هذا كثيرة، ولها دلالات عظيمة ؛ ولذلك ذكر أهل العلم في هذا المعنى أقوالاً كثيرةً، وقال ابن تيمية رحمه الله : ’’ وآل محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين حُرِّمت عليهم الصدقة "، وهكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل، وغيره من العلماء، والأحاديث في فضله مبسوطة ؛ كما هو في نساء النبي في آله ؛ كما في قوله - جل وعلا -: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ [الأحزاب: 32]، وكما في قوله: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، وكما في قوله عز وجل -: ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا ﴾ [الأحزاب: 53 ] .
فال أبو زرعة الرازي في وصفه وكلامه على معتقد أهل السنة والجماعة: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدَّى إلينا ذلك كله الصحابة ، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ؛ ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى وهم زنادقة .
خامساً : هكذا كانت محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم :
لقد أحب الصحابة الكرام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبًّا ليس له نظير، وصل إلى درجة أن افتدوه بأنفسهم وأموالهم وأولادهم وآباءهم .
روى البخاري في صحيحه : عن عروة بن مسعود أنه قال لقريش وقد بعثته في شأن الصلح : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - محمدًا، والله إن انتخم نخامةً إلا وقعت في كف رجلٍ منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدَّون إليه النظر تعظيمًا له .
وروى مسلم : عن أنس - رضي الله عنه - قال: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والحلاق يحلق رأسه، وأطاف به أصحابه ، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل منهم . وكيف لا يكون الأمر كذلك ؟! ألم يكن صلى الله عليه وسلم كل شيء في حياتهم؛ معلمهم ، مربيهم ، قائدهم، قدوتهم ، إمامهم في الدنيا والشهيد عليهم في الآخرة ؟
فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ينام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ، ليلة أن أراد المشركون قتله ، ولما سئل علي بن أبي طالب : كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ’’ كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا ، وآبائنا وأُمهاتنا ، ومن الماء البارد على الظمأ ’’
وهذا الصحابي زيد بن الدِثنَّة رضي الله عنه ،وقد تمكن منه بعض مشركي قريش وأرادوا قتله انتقامًا لقتلاهم في بدر ، فقال له أبو سفيان بن حرب ( أنْشدُكَ اللهَ يَا زَيْدُ أَتُحِبُ أن مُحمَّدًا عندَنا الآنَ في مكانِكَ نضْربُ عُنْقهُ وَإنَّك في أَهلِكَ ؟ ) فقال زيد رضي الله عنه ( والله ما أُحبَ أنّ مُحمّدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تُصيبُهُ شوْكةً تُؤذيهِ ، وأنا جالسٌ في أهلي ) فقال أبو سفيان : ( مَا رأيت من الناسِ أحدًا يُحبّ أحدًا كَحُبِّ أَصحابِ مُحمّدٍ مُحمّدًا ) [عيون الأثر، سبل الهدى والرشاد، الشفا] .
وهذا ثوبانُ مولى رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : كانَ شديدَ الحبِّ لهُ، قليلَ الصبرِ عنهُ، فأتاهُ ذاتَ يومٍ وقدْ تغيرَ لونهُ، ونحلَ جسمهُ، يُعرفُ في وجههِ الحزنُ، فقالَ لهُ النبيُّ - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ -: مَا غيرَ لونكَ؟! قالَ: يا رسولَ اللهِ، ما بي ضرٌّ ولا وجعٌ غيرَ أني إذا لمْ أركَ اشتقتُ إليكَ واستوحشتُ وحشةً شديدةً حتى ألقاكَ ، ثمَّ ذكرتُ الآخرةَ وأخافُ أنْ لا أراكَ هناكَ، لأني عرفتُ أنكَ ترفعُ معَ النبيينَ، وأني إنْ دخلتُ الجنةَ كنتُ في منزلةٍ هيَ أدنى منْ منزلتكَ، وإنْ لمْ أدخلْ لا أراكَ أبدًا، فأنزلَ اللهُ - عزَّ وجلَّ - قولهُ: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69] .
وَهَذَا بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ رضي الله عنه : امْتَلَأَ قَلْبُهُ حُبًّا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَرُبَ مِنْهُ وَلاَزَمَهُ، فَكَمْ هَتَفَ صَوْتُهُ الشَّجِيُّ بـ:أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَقَلْبُهُ يَسْبِقُ صَوْتَهُ حُبًّا وَمَوَدَّةً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَذَّنَ بِلالٌ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سَنَوَاتٍ فِي حَيَاتِهِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَوْمَ الاثْنَيْنِ ضُحًى، صَعِدَ بِلاَلٌ المِنْبَرَ لِيُؤَذِّنَ الظُّهْرَ، فَلَمَّا بَلَغَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ بَكَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَشَجَ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكْمِلَ الأَذَانَ ، فَلَمَّا دُفِنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِلالٌ : "وَاللهِ لاَ أُؤَذِّنُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وترك المدينة ، وخرج إلى الشام . وَبَعْدَ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ ، وَنَزَلَ بِالجَابِيَةِ عِنْدَ الجُولاَنِ، وَمَعَهُ كِبَارُ الصَّحَابَةِ، فَطَلَبَ النَّاسُ مِنْ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ بِلالاً لِيُؤَذِّنَ بِهِمْ ، فَدَعَاهُ عُمَرُ وَتَرَجَّاهُ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَصَعِدَ بِلالٌ مُرْتَفَعًا، ثُمَّ أَذَّنَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا بَلَغَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله بَكَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وَأَبْكَى الصَّحَابَةَ ، إذ ذَكَّرَهُمْ بِحَبِيبِهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ضَجَّ النَّاسُ بِالبُكَاءِ ، وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، أَشَدَّهُمْ بُكَاءً .
يَقُولُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّجِيبِيُّ: "كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاَ يَتَذَكَّرُونَه إِلاَّ خَشَعُوا، وَاقْشَعَرَّتْ جُلُودُهُمْ ’’ .
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَادِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : شَهِدْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ ، وَلَا أَضْوَأَ مِنْ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ ، وَشَهِدْتُهُ يَوْمَ مَاتَ ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أَقْبَحَ ، وَلَا أَظْلَمَ مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وهذه امرأة من بني دينار : قد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد ، فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرًا يا أمِّ فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أَرونيه ؛ حتى أنظر إليه ، فأُشير لها إليه ، حتى إذا رأته قالت : ’’ كل مُصيبة بعدك جَلل ’’ أخرجه ابن إسحاق عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .
وهذه أم أنس بن مالك رضي الله عنهما : وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقيل ببيتها ، فعرق ، فجاءت بقارورة، فجعلت تأخذ العرق فيها، فاستيقظ - عليه الصلاة والسلام - فقال: ((يا أمَّ سليم، ما هذا الذي تصنعين؟)) قالت: عرَقك نجعله في طيبنا وهو أطيب عندنا من الطِّيب .
أَمَّا فِي يَوْمِ أُحُدٍ : فَقَدْ تَجَلَّتْ مَحَبَّةُ الأَصْحَابِ لِنَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبْهَى حُلَلِهَا وَأَصْدَقِ صُوَرِهَا .
خَلُصَ المُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَرَكَضُوا إِلَيْهِ، وَتَقَدَّمُوا نَحْوَهُ، فَأَصْبَحَ سَيِّدَ المُرْسَلِينَ، وَحَبِيبَ رَبِّ العَالَمِينَ هَدَفًا لِسِلاحِ المُشْرِكِينَ، مِنْهُمْ مَنْ يَرْمِيهِ بِالرُّمْحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَقَدَّمُ نَحْوَهُ بِالسَّيْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْذِفُهُ بِالحِجَارَةِ، حَتَّى شُجَّ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ وَغَارَتْ حَلَقَةُ المِغْفَرِ فِي وَجْهِهِ ، رَآهُ مَنْ رَآهُ وَهُوَ يُنَادِي: ((مَنْ يَدْفَعُهُمْ عَنَّا وَلَهُ الجَنَّةُ))، وَرَأَوْهُ وَهُوَ يَقُولُ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: ارْمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، هُنَا انْتَفَضَ الصَّحَابَةُ، وَقَاتَلُوا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَاتَلُوا قِتَالَ الأُسُودِ الضَّارِيَةِ بَلْ أَشَدَّ.
فَهَذَا أَبُو دُجَانَةَ : يَتَتَرَّسُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْمِيهِ، حَتَّى صَارَ ظَهْرُهُ كَالقُنْفُذِ مِنَ السِّهَامِ .
وَهَذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ : يُتَرِّسُ نَفْسَهُ حَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدُورُ حَوْلَهُ لِيَتَلَقَّى بِجَسَدِهِ السِّهَامَ، وَضَرَبَاتِ السُّيُوفِ، وَطَعَنَاتِ الرِّمَاحِ، حَتَّى ضُرِبَتْ يَدُهُ، فَقُطِعَتْ أَصَابِعُهُ، فَقَاَل: حَسِّ! فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَوْ قُلْتَ: بِسْمِ اللَّهِ، لَرَفَعَتْكَ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ )) ، وَظَلَّ يُقَاتِلُ دُونَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى شُلَّتْ يَدُهُ ، وَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الجِرَاحِ، والنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَوْجَبَ طَلْحَةُ، أَوْجَبَ طَلْحَةُ ؛ أَيْ: وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ .
تَقُولُ عَائِشَةُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا ذَكَرَ يَوْمَ أُحُدٍ يَقُولُ: ذَلِكَ اليَوْمُ كُلُّهُ لِطَلْحَةَ .
وَاسْتَمَاتَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ : فِي الدِّفَاعِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَثْخَنَهُ المُشْرِكُونَ فَأَسْقَطُوهُ صَرِيعًا ، فَأَدْرَكَهُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ وَهُوْ يَلْفِظُ أَنْفَاسَهُ الأَخِيرَةَ ، وَهُوَ يَقُولُ : "لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ خُلِصَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ .
روى الذهبي رحمه الله : في كتاب "سير أعلام النبلاء" في ترجمة عبيدة بن عمر السلماني - من التابعين - ومن أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: قال محمد: قلت لعبيدة : إن عندنا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من قِبَل أنس بن مالك ، فقال: لئن يكون عندي منه شعرة أحب إليّ من كل صفراء وبيضاء على ظهر الأرض ، أي أحب إلي من كل ذهب وفضة في الأرض . قال الذهبي : هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب ، وهو أن يؤثر شعرةً نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس .
وما حَظِيَ به الصحابة من مَحبةٍ للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وَرِثَه عنهم التابعون من هذه الأمة
قال مالك رحمه الله : ما حدثتكم عن أحدٍ إلاَّ وأيوب السختياني أفضل منه ، لقد صحبته وقد حَجَّ حجتين ، فرمقته من بعد ولم أسْمع منه ، فكنت أرى أيوبَ إذا ذكر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بكى ، حَتَّى يقومَ عنه أصحابُه ؛ شفقة ورحمةً به ، فلما رأيتُ مَحبته وإجلاله للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم أخذتُ عنه الحديث .
ثم إن مالكًا نفسه أخذ يبكي كلما أكثرَ من الحديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيعجب منه أصحابه ، فقال لهم : لو رأيتم ما رأيتُ لَمَا تعجبتم ، لقد أدركت محمدَ بنَ المنكدر - وهو شيخ مالك - ما يُحدث بحديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلا ويبكي ؛ إجلالاً ومَحبَّة للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم فنقوم عنه رحمة به وشفقة عليه ، ثم قال : وأدركت عبدالرحمن بن القاسم بن أبي بكررضي الله عنهم أجمعين إذا حدث ، وذكر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم جف لسانه في فمه ، وكاد دمه أن ينزف ؛ مَحبة وإجلالاً للنبي صلوات الله وسلامه عليه .
فَتَشَبَّهُوا إِنْ لَمْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ إنَّ التَّشَبُّهَ بِالْكِرَامِ فَلاَحُ
فيا أحباب رسول الله : إن المسلم وإن عجز عن أن يستوعب حبَّ الصَّحب لنبيهم، حتى إن نخامته لا تقع على الأرض كما مر بنا، فإن أعجب من هذا قد حصل ، فإن صنيعهم هذا لم يكن بأعجب من صنيع الجذع وهو جماد ؛ إذ بكى الجذع الذي كان يخطب عليه صلى الله عليه وسلم قبل أن يتخذ المنبر، فلما تركه واتخذ المنبر، سُمِع للجذع حنينٌ وبكاء، وما سكت حتى أتاه النبي صلى الله عليه وسلم فضمه ، فسكت الجذع وسكن ، قال جابر راوي الحديث: فصاحت النخلة صياح الصبي ، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه ، تئن أنين الصبي الذي يسكن ، والحديث في البخاري ، وكان الحسن البصري رضي الله عنه إذا حدث بهذا الحديث قال: "يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقًا إلى لقائه ، فأنتم أحقُّ أن تشتاقوا إليه .
بأبي وأمي أنت يا خير الوَرى وصلاة ربي والسلام مُعطـــــرا
يا خاتمَ الرسل الكِرام محمــــد بالوحي والقرآن كنتَ مُطهـــــرَا
لك يا رسول الله صدق محبـة وبفيضها شهِد اللسان وعبَّــــــرا
لك يا رسول الله صِدق محبـة فاقت محبة من على وجه الثَّرى
لك يا رسول الله صدق محبـة لا تنتهي أبدًا ولـــــــن تتغيَّـــــرا
سادساً : جزاء المحبين للنبي صلى الله عليه وسلم :
المحبة : دليل على إيمان المحب وتصديقه بالنبي صلى الله عليه وسلم .
• المحبة : سبب لدخول الجنة ومرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ فقال: متى الساعة؟ قال: ((وماذا أعددتَ لها؟))، قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: ((أنت مع مَن أحببت)) ؛ متفق عليه فهل من ثواب أرجى من أن يُحشر المرء مع من أحب، خاصة إذا كان المحبوب هو المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
محبة النبي صلى الله عليه وسلم وذكره : تفرج الهموم والكروب وتصلح الحال ، وتغفر الذنوب ، وتكفر السيئات ، ففي حديث أبي بن كعب : أجعل صلاتي لك كلها - (أي: اجعل الدعاء كله صلاة عليك) - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذًا تُكفى همَّك، ويُغفر ذنبك)) ؛ رواه الترمذي .
• المحبة : تبعث في النفس السكينة ، وتُعمق الاحساس بالرضا، وتعين في مواصلة الدعوة وتحمُّل الصعاب والشدائد في سبيلها؛ وذلك اقتداءً بالمحبوب - عليه الصلاة والسلام - فمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - تُورث الحياة الطيبة؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24 ] ، وقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف:157 ] .
اللهم إنا نسألك أن تعظم مَحبَّة رسولِك في قلوبنا، وأن تَجعلها أعظمَ عندنا من مَحبة أنفسنا، واجعلها طمأنينة قلوبنا، وانشراح صدورنا ...............
تعليقات: (0) إضافة تعليق