"عناصر
الخطبة:"
أولاً
- مفهوم عالمية الإسلام ومعناه لغة واصطلاحاً
ثانياً
- مظاهر تطبيق عالميّة الإسلام في حياة المسلمين ودلالتها ؟
أ-الدلالة
علي أن الله تعالي رب العالمين أجمعين .
ب-
الدلالة علي عالمية الإسلام من القرأن الكريم.
ج-الدلالة
علي عالمية الإسلام من الكتب المقدسة.
د- الدلالة علي عالمية الكعبة "أول بيت وضع للناس".
هـ
- الدلالة علي عالمية الإسلام من السنة المطهرة.
- رسائل الرسول للملوك والأمراء . - أصول الصحابة
–البشارة بالتمكين .
ثالثاً- الصفات التي اتصفت بها عالمية الإسلام وموقف
المسلم منها.
#الحمد
لله رب العالمين، يا رب لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.وأشهد أنْ لا إله
إلا الله وحده لا شريك له،في سلطانه ولي الصالحين.وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبده ورسوله،
قال:"إني عند الله مكتوب خاتم النبيين، وإنَّ آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم بأول
أمري، دعوةُ إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني، أنه خرج لها نور
أضاءت لها منه قصور الشام" اللهم صلِاةّ
وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله .أما بعد في جماعة الإسلام:"
حديثنا
إليكم اليوم عن عالمية الإسلام:" وباديء ذي بدء لابد أولاً أن نعرف :"
#عالميّة
الإسلام لغة:"ويُقصد بمفهوم عالميّة الإسلام في المعاجم اللغويّة:" انتشار
الإسلام في العالم كلّه، وعالميّة:"اسم مؤنَّث ومنسوب إلى عالَم،وهي عبارةعن مصدرصناعيّ
من عالَم،والتي تعني حركةإنسانيّةتهدف إلى خدمة البشر،وتُساعدعلى التقارب بين شعوب
الأرض من غيرمساس بهويّة أحد، أو بخصوصيّاته الثقافيّة.
#عالميّة
الإسلام اصطلاحاً:"ويُقصد بعالميّة الإسلام أنَّ الإسلام دين عالميّ، فشريعته
عامّة لكلّ أبناء البشريّة دون استثناء أحد، ويتّصل بهذا الأمر النّظم التي شرعها الله
سبحانه وتعالى، والتي تتصف أصولها بسمة العالميّة والشموليّة، حيث إنَّ هذه النّظم
عامّة لجميع أبناء البشريّة، ولا تقتصرعلى شعب دون آخر، أو عقل دون آخر،أومجتمع دون
آخر،بل إنَّ الإسلام عامّ لجميع الأمم والمجتمعات.
#مفهوم
عالمية الإسلام :"أي أن الإسلام لم يكن يوماً للعرب، ولم يكن القرآن يوماً لقريش،
فهو منذ اليوم الأول ؛ سواء وهو يخاطب العشيرة الأقربين، أو يخاطب قريشاً، أو يخاطب
العرب أجمعين، أو يخاطب الناس كافة، إنما يخاطبهم بمبدأ واحد ويطلب منهم الانتهاء إلى
هدف واحد وهو إخلاص العبودية لله، والخروج من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد،
بل إن هذه الحقيقة هي فحوى دعوة الأنبياء جميعاً:"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ
مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ"(
الأنبياء/25). وقال تعالي :"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ
نَذِيرٌ مُّبِينٌ (الحج/49).وقال تعالي:"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ
اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَٰهَ
إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ
الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"
(الأعراف/158).
#الدلائل
علي عالمية الإسلام:"
عباد
الله:"الدين الإسلاميّ هوالدين الذي ارتضاه الله تعالى لكافّةخلقه،حيث قال:"ِنَّ
الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ"(آل عمران/19).ومما يؤكّد على عالميّة الإسلام
ما يأتي:
أ
-:" الله تعالى رب العالمين:
أيها الناس:" إن هذا الدين ليس إعلاناً لتحرير
الإنسان العربي، وليس رسالة خاصة بالعرب، إن موضوعه هو الإنسان، أي إنسان، ومجاله هو
الأرض، كل الأرض، إن الله سبحانه ليس رباً للعرب وحدهم ولا حتى لمن يعتنقون الإسلام
وحدهم، إن الله هو رب العالمين، وهذا الدين يريد الله منه أن يرد العالمين إليه ؛ وأن
ينتزعهم من العبوديةللبشرولأحكام يشرِّعها لهم أناس من البشر إلى العبودية لخالق البشر،وهذه
هي العبادة التي لا يمكن أن تكون إلا لله، وأن من يتوجه بها لغير الله يخرج من دين
الله، مهما ادَّعى أنه من هذا الدين بمكان، ولقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على
أن الاتباع هو العبادة، فقال عن بعض المشركين:"إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا
لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم "(أحمد والترمذي). قال المغيرة بن شعبة
لرستم قائد جيش الفرس في القادسية، وهو يسأله قبل المعركة: ما الذي جاء بكم ؟ فيجيبه:"إنّ
الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى
سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام".
وأكدّت
آيات القرآن الكريم على العالميّة، وأنَّ الله تعالى هو ربّ العالمين، وليس ربَّاً
للعرب أو المسلمين، حيث يقول الله تعالى في محكم تنزيله: "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ"(الفاتحة).فالله هو ربّ العالمين:قال تعالي:"إِنْ هُوَ إِلَّا
ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(ص/87) وقال:"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين"(الأنبياء/107).
(وقال:"ِإنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً
وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ"(آل عمران/96).وقال:"وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ
مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(يوسف/104).وقال:" تَبَارَكَ
الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً"(الفرقان/1).وقال:"وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً"(سبأ/28).
# ب - :" القرآن الكريم كتاب للعالمين: أنزل
الله تعالى القرآن الكريم هداية ونوراً للعالمين، حيث يقول الله تعالى: "وَمَا
كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي
بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ"(يونس/37). فالقرآن الكريم خطاب لجميع الناس، وهذا دليل على
أنَّ خطابات القرآن وتوجيهاته عامة للجميع، والقرآن هو وحي الله لرسوله محمد صلّى الله
عليه وسلّم، وجاءت تشريعاته لإصلاح أحوال كافّة البشر سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين.
وينص
القرآن الكريم على أن جميع أنبياء ورسل بني إسرائيل آمنوا بالرسول محمد وشهدوا له وبشروا
به قال تعالي:"وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم
مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ
بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ
أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ"(آل عمران/81).وقد
أشار القرآن تحديداً أيضاً إلى بشارة نبي الإسلام موسى ببعثة نبي مثله فقد ورد في سورة
الأحقاف "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ
وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"(الأحقاف/10).
كما أشار القرآن تحديداً أيضاً إلى بشارة نبي الإسلام
عيسى ببعثة الرسول محمد "وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ"(الصف/6).
وفي
سورة الفتح يشير القرآن الكريم إلى مثل "الذين هم مع محمد" في التوراة والإنجيل
:"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ
وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ
فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا
عَظِيمًا"(الفتح/29).
#ج
-:"الكتب السماوية تشهدبعالميةرسالة محمدصلي الله عليه وسلم :"
أيها
الناس :" إن يهودية رسالة موسي وعيسى وعالمية رسالة محمدصلي الله عليه وسلم تشهد
بها الكتب السابقة ولا تزال التوراة الموجودة اليوم – على الرغم مما أصابها من تحريف
تحمل شيئاً من هذه البشارة، فنجد فيها أنَّ الله استجاب دعاء إبراهيم في إسماعيل، فقد
ورد في التوراة في سفر التكوين في الإصحاح السابع عشر فقرة (20):"وأمّا إسماعيل
فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره، وأكثره كثيراً جداً، اثني عشر رئيساً يلد،
وأجعله أمّة عظيمة كبيرة". وهذا النصُّ ورد في التوراة السامرية بألفاظ قريبة
جداً مما أثبتناه هنا، والترجمة الحرفية للتوراة العبرانية لهذا النص: وأمّا إسماعيل
فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأكثره (بمأد مأد).. وقد ذكر ابن القيم أنَّ بعض نسخ
التوراة القديمة أوردت النص كما أثبتناه هنا.
ودلالة
هذه البشارة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من وجوه: #الأول: أنَّ الأمة العظيمة
عند الله لا بدَّ أن تكون مسلمة، ولم توجد هذه الأمّة من نسل إسماعيل إلاّ بعد بعثة
الرسول وانتشار المسلمين في المشارق والمغارب.
#الثاني:
النصّ العبراني (مأد مأد) صريح في اسم الرسول صلى الله عليه وسلم فالمترجمون ترجموه
(جداً جداً أو كثيراً كثيراً) والصواب هو: محمد، لأنها تلفظ بالعبراني (مؤد مؤد) واللفظ
العبراني قريب من العربي. الثالث: قوله:"اثني عشر رئيساً يلد، هذا موافق لأخبار
الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيلي أمر هذه الأمة اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش.
#المطلب
الثاني: بشارة موسى :"لقد جاء بني إسرائيل الخبرُ اليقين بالنبيِّ الأميّ، على
يد نبي الله موسى منذ أمد بعيد، جاءهم الخبر اليقين ببعثه، وبصفاته، ونهج رسالته، وبخصائص
ملته، فهو النبي الأمي، وهو يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحلُّ لهم الطيبات
ويحرم عليهم الخبائث،..الخ. قال تعالى:"عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي
وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النبي
الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي
كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ
النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "(الأعراف/
156-157).
#بشارات
الإنجيل
إخوة
الإسلام :" تجمع البشارات الواردة في التناخ على أن "السيد المختار المنتظر"
سيكون رسول رحمة للعالمين، وليس رسولاً فقط لبني إسرائيل. وقد وردت في الأناجيل إشارات
كثيرة إلى يهودية رسالة عيسى "أي أنه رسول إلى بني إسرائيل فقط وحدهم دون غيرهم"
ما ينفي عنه أن يكون هذا الرسول المختار. ففي ماثيو 24:15 يقول عيسى:"إِنَّمَا
بُعِثتُ فقط إِلَى الْخِرَافِ الضَّالَّةِ، من بني إِسْرَائِيلَ" . وفي ماثيو
5:10 يوصي عيسى أتباعه ويقول لهم:"لا تَذهَبُوا إلَى مِنْطَقَةٍ غَيرِ يَهُودِيَّةٍ،
وَلا تَدخُلُوا مَدِينَةً سامِرِيَّةً، بَلِ اذهَبُوا فَقَط إلَى خِرافِ بَني إسْرائِيلَ
الضّالَّةِ". وفي المقابل فإن القرآن الكريم يشير في مواضع عدةإلى عالميةرسالةمحمد:"وَمَاأَرْسَلْنَاكَ
إِلَّارَحْمَةًلِلْعَالَمِينَ"(الحجر/ 107).
#خطاب
عيسى موجه لليهود، وخطاب محمد موجه للناس جميعاً:"أُولَى الْوَصَايَا جَمِيعاًهي:"اسْمَعْ
يَاإِسْرَائِيلُ،الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ" يعلن نبي الإسلام عيسى في هذا
المثل على الملأ طرد اليهود من مملكة الله بسبب قتلهم للأنبياء والرسل، ويعلن أن مملكة
الله ستنتقل من اليهود إلى أمة أخرى تنتج الثمار.. ويشير عيسى في هذا المثل إلى ما
قاله نبي الإسلام داود في الزبور عن حجر الزاوية الذي رفضه البناؤون:"الحجر الذي
رفضه البناؤون قد أصبح هو حجر الزاوية. هذا الحجر قد أتى من الله وهو مستحق الإعجاب
في أعيننا"(النبي داود في الزبور22:118 ).ويرى عدد من الباحثين أن هذه البشارة
هي عن الرسول محمد لكونه آخر من أرسل من الأنبياء والرسل. وهو ما أمر به الرب في القرآن
رسوله محمد صلي الله عليه وسلم :"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ
إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا
هُوَ.." (الأعراف/158).
#عمومية
فرضية الصلاة :"ويتضح من نصوص التناخ والأناجيل أن جميع أنبياء ورسل بني إسرائيل
بما في ذلك إبراهيم "في سفر التكوين 17:3" وموسى "في سفرالعدد20:6"وداود"في
الزبور95:"وحتى عيسى "في مارك 14:35" أدواالصلاةكما ؤديها المسلمون
اليوم، وذلك بالركوع والسجودوالتطهرقبيل الصلاة، إلا أن أيا منهم لم يأمر الناس بأن
يصلوا خمس مرات في اليوم:ثلاث في النهاروإثنين بالليل. الرسول الوحيد الذي أمر بذلك
هو الرسول محمدأول النبيين وخاتمهم.الذي قال:"إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِمِنْ
قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَكْمَلَهُ،إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ
مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ:هَلاوُضِعَتْ
هَذِهِ اللَّبِنَةُ ؟قَالَ:"فَأَنَااللَّبِنَةُ،وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ."(البخاري
ومسلم). وعندماسئل صلي الله عليه وسلم:"متى كنت نبياً"فأجاب:"وآدم بين
الروح والجسد"(الترمذي).
د
-:" الكعبة المشرّفة هي قِبلة الله للعالمين:
فالكعبة
قِبلة لجميع البشر، وبركة، وهدى لكل الناس، حيث قال تعالى: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ"(آل عمران/
96 ). وقد أخبرنا الله أنَّ خليل الرحمن إبراهيم وابنه إسماعيل كان يبنيان البيت الحرام
ويدعوان، ومن دعائهما ما قصه علينا في سورة البقرة :"وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ
الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا
أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ
الحَكِيمُ (البقرة/ 127-129).وقد استجاب الله دعاء خليله إبراهيم وابنه نبيّ الله إسماعيل،
وكان محمد صلى الله عليه وسلم هو تأويل تلك الاستجابة.
الخطبة
الثانية:
هـ
" # السنة المطهرة تشهد بعالمية الإسلام :"
الحمدلله
والصلاةووالسلام علي رسول الله.. أما بعد فيأيها الناس:"
تميّزت
رسالة الإسلام عمّا سبقتها من الرّسالات السّماويّة أنّها كانت رسالة عالميّة، ففي
الحديث الشّريف عن النّبي صلي الله عليه وسلم
أنّه قال:"أعطيت خمساً لم يعطها نبيّ قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض
مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد
قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة"(البخاري). وللرسول محمد مكانة خاصة في دين الإسلام فهو الرسول
الوحيد الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وهو الرسول الوحيد الذي منحه الله اسماً من
أسمائه الحسنى. وهو الرسول الوحيد الذي وضع الله كلامه في فمه وخاطب البشرية كلها من
خلاله. كما ينص القرآن الكريم على أنه خاتم النبيين، وأول المسلمين، وكذلك أول العابدين،
وهو أول مخلوقات الله. يقول صلى الله عليه
وسلم :"إني عند الله مكتوب خاتم النبيين،وإنَّ آدم لمنجدل في طينته،وسأخبركم بأول
أمري، دعوةُ إبراهيم،وبشارة عيسى،ورؤياأمي التي رأت حين وضعتني،أنه خرج لها نورأضاءت
لها منه قصور الشام" (أحمدوالطبراني).
أولاً - رسائل النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم
إلى الملوك والأمراء:
وتُعتبر رسائل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أحدالدلائل
على عالميّة الإسلام،ومن أمثلة ذلك رسالته إلى الملك المقوقس،وإرسال السفراء للملوك
كإرسال عبد الله بن حذافة السهمي إلى ملك الفرس كسرى بن هرمز.تبشيرالنبيّ محمدبعالمية
الإسلام: بشّر النبي محمدصلّى الله عليه وسلّم أنَّ الإسلام سينتشروسيعمّ كافّةالبلاد
والعباد.
ثانياً:"
طلب الرسول من بعض الصحابة تعلم لغات الآخر:
كان
النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على أن يتعلم
المسلمون اللغات المختلفة ، من أجل التواصل مع الآخرين لدعوتهم إلى الإسلام وأمْن شرِّهم
، ولذلك أمر رسول الله ـصلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود ليكاتبهم
بها ، كما يقرأعليه كتبهم إذا وردت إليه،ويوضح للنبي صلى الله عليه وسلم مرادهم .
وفي
السنة الرابعة من الهجرة تعلم زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ لغة اليهود كما أمره النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فعن خارجة بن زيد بن ثابت قال : قال زيد بن ثابت:"أمرني
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلمت له كتاب
يهود،وقال :"إني والله ما آمن يهود على كتابي ، فتعلمته ، فلم يمر بي إلا نصف
شهر حتى حذقته ، فكنت أكتب له إذا كتب ، وأقرأ له إذا كُتِب إليه "(أبو داود)
.
ومن
الصحابة الذين تعلموا السريانية عبدالله بن عمرو بن العاص وكان يسأل عن صفة رسول الله
في التوراة فيقول:"أجَل،والله إنه لموصوفٌ في التوراة ببعض صفتِه في القرآن:يا
أيها النبيُّ،إنا أرسلناك شاهدًاومبشِّرًا ونذيرًا، وحِرْزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي،سمَّيتُك
المتوكل،ليس بفظٍّ ولا غليظ،ولا سخَّاب في الأسواق، ولا يدفع بالسَّيئة السَّيئةَ؛ولكن
يعفو ويغفر،ولن يَقْبضه الله حتى يُقيم به المِلَّة العوجاء، بأن يقولوا:لا إله إلا
الله،ويفتح بها أعيُنًا عميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا"(البخاري(.
ثالثاً
- أصول صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم المختلفة:
يجدر
بالذكر أنّ صحابة الرسول صلّى الله عليه وسلّم ورضوان الله عليهم كانوا من أصولَ مختلفة،
وذلك دلالة واضحة علي عالمية الإسلام .. فالصحابي
الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان عربياًّ، وصهيب الرومي كان رومياً وبلال بن
رباح كان حبشياً، وسلمان كان فارسياً، وعبد الله بن سلام كان من بني إسرائيل، وكلهم
آمنوابرسالةالنبي صلّى الله عليه وسلّم وعاشوامشاعرالأخوة تحت ظلال الإسلام.
رابعاً:"
بشارة الرسول بتلك العالمية وانتشار الإسلام وتمكينه :"
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا
يترك اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، إلا أدخَله الله هذا الدين بعزِّ عزيز أو بذلِّ
ذليلٍ، عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلامَ، وذلًّا يُذِلُّ الله به الكفر"(أحمد والبيهقي،).
- وَعَنِ الْمِقْدَادِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ:"لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا
أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ،بِعِزِّ عَزِيزٍ وَذُلِّ ذَلِيلٍ ، إِمَّا
يُعِزُّهُمُ اللَّهُ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا،أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ
لَهَا" قَلْتُ فَيَكُونُ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ "( أَحْمَدُ). #ثالثاً: - الصفات التي اتصفت بها عالمية
الإسلام وموقف المسلم منها.
أيها
الناس :" لقد اتَّصفت رسالة الإسلام العظيمة بمجموعة من الصفات الحميدة نذكرمنها :"#شموليّة الخطاب، للناس جميعاً
دون النظر للون ولاجنس ولاأرض..
#شموليّة
رحمته للعالمين، وعدم اقتصارها على المسلمين دون غيرهم.
#وصفه
لله بأنه رب العالمين،ودعوته لتوحيد،الألوهيَّة والربوبيَّةوالأسماء والصفات.
#إعجازالقرآن
الكريم للجميع حيث عجزواعن الإتيان بمثله أوحتى
بسورة من مثله.
#شمول
الشريعة الإسلاميّة لكل جوانب الحياة.
#استواء
جميع النّاس في أصل الخلق،فكلّ النّاس خُلقوا من ذكر وأنثى، ولا تمييز.
#عيش
غير المسلمين في ظل أحكامه العادلة،ممّا تسبب في دخولهم واعتناقهم للإسلام .
#نشرالسعادةبين
جميع البشر.والأمن والاستقراربالعالم بسبب رسالةالإسلام السمحة.
#
موقف المسلم تجاه خاصيّة عالميّة الإسلام ما يلي:
أولاً:"
أن يحمل المسلم همّ الدّعوة إلى دين الله تعالى إلى جميع البشر، فالمسلم يسوؤه أن يرى
أحداً من النّاس لم تبلغه رسالة الإسلام، كما يسوؤه رؤية أحدٍ يدين ديناً غير الإسلام،
وفي الحديث الشّريف ترغيبٌ للمسلم في ذلك حينما قال:"لأن يهدي به الله رجلاً واحداً
خير لك من حمر النّعم "(متفق عليه).
ثانياً:"
أن يتصدّى المسلم لأيّة إساءةٍ لهذه الدّين العظيم، فكثيراً ما تخرج بين الحين والآخر
أصوات في الغرب تشكّك في الإسلام وعقيدته، وعلى المسلم وانطلاقاً من عالميّة الإسلام
أن يتصدّى لها بقوّة حتّى يطرق صوت الحقّ والمنطق مسامع النّاس في جميع أنحاء العالم.
اللهم
حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان..
وقوموا
إلي صلاتكم يرحمكم الله..وأقم الصلاة.
تعليقات: (0) إضافة تعليق